قالت وكالة “رويترز” إن السعودية عازمة على التوصل إلى اتفاق عسكري يلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن المملكة، مقابل فتح العلاقات مع إسرائيل.
وفي تقرير لها، اليوم الجمعة، نقلت الوكالة عن ثلاثة مصادر إقليمية مطلعة أن الرياض لن تعطّل الاتفاق، حتى لو لم تقدم إسرائيل تنازلات كبيرة للفلسطينيين في محاولتهم لإقامة دولة.
السعودية تريد الحماية
وقال مصدر أمريكي مطّلع إن الاتفاق قد يبدو مثل معاهدات أبرمتها واشنطن مع دول آسيوية.
وإذا لم يحظى ذلك بموافقة الكونغرس الأمريكي، فقد يكون مشابهاً لاتفاق أمريكي مع البحرين، حيث يتمركز الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية فيها، ولن يحتاج مثل هذا الاتفاق إلى دعم الكونغرس.
وقال المصدر الأمريكي إن واشنطن يمكنها أيضاً تحسين أي اتفاق، من خلال تصنيف المملكة العربية السعودية كحليف رئيسي من خارج “الناتو”، وهو الوضع الممنوح لإسرائيل بالفعل.
لكن جميع المصادر قالت للوكالة إن السعودية لن تقبل بأقل من الضمانات الملزمة بالحماية الأمريكية إذا تعرضت لهجوم، مثل الضربات الصاروخية التي وقعت في 14 سبتمبر 2019 على مواقعها النفطية والتي هزت الأسواق العالمية.
إذ ألقت الرياض وواشنطن باللوم على إيران حينها، المنافس الإقليمي للمملكة، رغم نفي طهران أن يكون لها دور.
وبحسب التقرير، فإن الاتفاقيات التي تمنح الحماية الأمريكية لأكبر مُصدّر للنفط في العالم مقابل التطبيع مع إسرائيل “ستعيد تشكيل الشرق الأوسط”.
وذلك “من خلال الجمع بين خصمين قديمين وربط الرياض بواشنطن بعد غزوات الصين في المنطقة”.
وأضاف “بالنسبة لبايدن، سيكون التباهي بهذا النصر الدبلوماسي قبل الانتخابات الأمريكية في عام 2024”.
“دولة الفلسطينيين بالمرتبة الثانية”
بحسب تقرير “رويترز” يمكن للفلسطينيين أن يحظوا بتخفيف بعض القيود الإسرائيلية، بعد التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
لكن مثل هذه التحركات “لن ترقى إلى مستوى تطلعاتهم بإقامة دولة”.
وقالت المصادر الإقليمية الثلاثة المطلعة على المحادثات إنه كما هو الحال مع الاتفاقات العربية الإسرائيلية الأخرى التي تم التوصل إليها على مدى عقود، فإن المطلب الفلسطيني الأساسي بإقامة دولة “سيحتل مرتبة ثانوية”.
وقال أحد المصادر الإقليمية: “التطبيع سيكون بين إسرائيل والسعودية، وإذا عارضه الفلسطينيون فإن المملكة ستستمر في طريقها”.
وأضاف: “السعودية تدعم خطة السلام للفلسطينيين، لكنها أرادت هذه المرة شيئاً لها، وليس للفلسطينيين فقط”.
ما سيناريوهات الاتفاق؟
وقال مسؤول أميركي للوكالة، رفض الكشف عن اسمه، إن معايير اتفاق الدفاع بين الرياض وواشنطن لا تزال قيد الإعداد.
مضيفاً أن ما تتم مناقشته “لن يكون معاهدة تحالف أو أي شيء من هذا القبيل… بل سيكون تفاهماً دفاعياً مشتركاً وليس معاهدة كاملة.”
وقال مصدر في واشنطن مطلع على المناقشات إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلب معاهدة على غرار معاهدة حلف شمال الأطلسي.
لافتاً إلى أن واشنطن مترددة في الذهاب إلى حد التزام حلف شمال الأطلسي، خاصة المادة الخامسة منه، والتي تعتبر أن الهجوم على أحد الحلفاء بمثابة هجوم على الجميع.
في حين قال مصدر خليجي إن المملكة مستعدة لقبول اتفاق لا يتطابق مع ضمان المادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي، لكنه قال إن الولايات المتحدة “يجب أن تلتزم بحماية السعودية إذا تعرضت أراضيها لهجوم”.
وأضاف أن الاتفاق قد يكون مشابهاً لاتفاق البحرين ولكن مع التزامات إضافية.
وكانت البحرين وقعت مع الولايات المتحدة اتفاقية في 13 سبتمر/أيلول الجاري، تعهدت خلالها واشنطن بـ”ردع ومواجهة أي عدوان خارجي” على البحرين.
وعلى صعيد آخر، قال أحد المصادر للوكالة إن الرياض قد تتنازل عن بعض المطالب للمساعدة في التوصل إلى اتفاق، بما في ذلك ما يتعلق بخططها للتكنولوجيا النووية المدنية.
وأضاف أن السعودية مستعدة للتوقيع على المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأمريكي، التي تضع إطاراً للتعاون النووي السلمي الأمريكي، وهي خطوة رفضت الرياض اتخاذها في السابق.
تصريحات “إيجابية”
شهدت الأيام الماضية تصريحات وصفت بـ”الإيجابية” من قبل مسؤولين سعوديين وإسرائيليين حول مسار التطبيع بين الجانبين برعاية أمريكية.
وفي أول تعليق على المفاوضات، أعلن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن “اقتراب التطبيع بين المملكة وإسرائيل”.
وقال بن سلمان، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، في 20 سبتمبر الجاري، إن “الإدارة الأمريكية قدمت مقترحاً لإقامة علاقات مع إسرائيل، وفي حال نجحت أمريكا في ذلك فسيكون أضخم اتفاق منذ انتهاء الحرب الباردة”.
وأضاف أن “المحادثات بشأن إقامة العلاقات مستمرة وجيدة، ونصبح أقرب كل يوم بشأن ذلك”.
تصريحات بن سلمان سبقها تأكيد من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على إمكانية التوصل إلى “سلام تاريخي” مع السعودية.
وجاء ذلك خلال لقاء نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في مدينة نيويورك الأمريكية على هامش أعمال الدورة الـ78 من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
“شروط معقدة”.. هل تتنازل الرياض عنها؟
ورغم التصريحات الإيجابية من قبل الأطراف، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية وصفت الصفقة بأنها “معقدة”، بسبب الشروط السعودية.
وتشترط الرياض تقديم إسرائيل تنازلات بشأن تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة، ودعم إقامة برنامج نووي في المملكة.
وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأسبوع الماضي، فإن “نتنياهو أمر كبار المسؤولين الأمنيين والنوويين في إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمفاوضات حول التوصل إلى حل وسط يسمح للمملكة العربية السعودية بأن تصبح ثاني دولة بتخصيب اليورانيوم في الشرق الأوسط”.
وأكدت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن “المسؤولين في إسرائيل يعملون سراً مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية”.
واعتبرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن الطريق إلى اتفاق التطبيع لا يزال “طويلاً ومليئاً بالعثرات”.
وقالت إن الصفقة تواجه عقبات من بينها “القضية الفلسطينية والرغبة السعودية في تخصيب اليورانيوم ذاتياً، وهما نزاعان سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق بشأنهما”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك “احتمالاً كبيراً بأن تفشل جهود الأطراف الثلاثة”.