تلقاها مجنّسون أيضاَ..رسالة إيقاف “الكمليك” تثير قلق آلاف السوريين
عاش آلاف السوريين في تركيا أمس الأربعاء ليلة قلقة، بعد تلقيهم رسائل نصية من “إدارة الهجرة” التركية، تخبرهم بتوقيف “الحماية المؤقتة” عنهم، معللة السبب بانتهاء الفترة المسموحة لتحديث عناوين سكنهم، وتطالبهم بتحديثها في أسرع وقت.
لكن الرسائل وصلت أيضاً لسوريين حصلوا على الجنسية التركية، وآخرين قالوا إنهم حدّثوا بياناتهم وعناوين سكنهم منذ فترة قريبة، ما يشير إلى خللٍ أوصل الرسائل لأشخاص بالخطأ.
مخاوف
ختام عبد القادر، من حملة هوية الإقامة المؤقتة(الكمليك) الصادرة عن اسطنبول، كانت من المتفاجئين بالرسالة، خاصة وأنه تم التأكد من وجودها في سكنها مع عائلتها أثناء الحملة الأخيرة التي قامت بها السلطات التركية للتأكد من عناوين السكن، فضلاً عن تحديث بياناتها مؤخراً، كما قالت لـ”السورية نت”، مشيرةً إلى أنها بقيت طوال الليلة الماضية، تحاول معرفة ما جرى، وما هو الحل؟
وحول الإجابة التي حصلت عليها، تبيّن أن عليها مراجعة إدارة الهجرة كخيار وحيد، مع إدراكها صعوبة التنفيذ في الوقت الحالي، بسبب “استحالة الحصول على موعد قبل شهرين” حسب قولها.
وأضافت: “حياتنا ستبقى معطلة طوال هذه المدة، وتحركاتنا محدودة، وإمكانية إيقاف أحد أفراد الأسرة من قبل دوريات الشرطة واردة في أي لحظة، ما يعني خطر الترحيل”.
الخشية من الترحيل، إضافة إلى تعطيل حياة من جرى إيقاف قيدهم، هي من المخاوف التي عبر عنها عدد كبير من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم من بدأ بالتوافد منذ الصباح على مديريات النفوس التابعة لولايته.
#عاجل | ازدحام العشرات من اللاجئين السوريين في دائرة نفوس عينتاب عقب وصول رسائل بألغاء وثيقة الحماية المؤقتة#تلفزيون_سوريا pic.twitter.com/2KPb3k8USZ
— تلفزيون سوريا (@syr_television) March 24, 2022
نقاط استفهام
الناشط السوري المهتم بقضايا اللاجئين، طه الغازي، يرى بأن “القضية لا تتعلق بالسيستم(نظام دائرة الهجرة) فقط”، منوهاً في حديثه لـ”السورية نت”، بأن “الخطأ في السيستم، لو كان موجوداً لكان في جميع الولايات، دفعة واحدة، خاصة وأن جميع اللاجئين مربوطين بدائرة الهجرة في أنقرة”.
وتابع: “ما حصل أن الحالة بدأت قبل شهرين في أنقرة، انتقلت بعدها إلى أورفا، ومن ثم عينتاب، وبالأمس كانت أغلب الرسائل للقاطنين في اسطنبول”. مذكراً بترحيل نحو 200 سوري قبل شهرين ذلك، وبررت آنذاك السلطات التركية بوجود “خطأ”.
لكن أخطر ما في القضية، حسب الغازي، الرسائل المرسلة إلى المجنسين، ومنهم من حصل على الجنسية التركية منذ أعوام، مستفسراً عن كيفية وجود بيانات هؤلاء لدى دائرة الهجرة، مع أنها لا علاقة لهم إدارياً.
وأبدى الغازي في هذا الإطار، مخاوفه من وجود تحركات وأحداث ليست من صالح السوريين في تركيا، من بينها لقاء وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بنظيره الأردني أيمن الصفدي، في 2 مارس/ آذار الجاري، والتصريحات التي تؤكد وجود مباحثات عن “برنامج عمل طوعية للاجئين”.
ورأى الغازي من جانب آخر، أن أزمة اللاجئين الأوكرانيين ووصول نحو 58 ألف منهم إلى تركيا مؤخراً حسب الأرقام الرسمية، ستثؤثر على حال السوريين في تركيا، و”ربما ممارسة المزيد من الضغوط والتضييق والإجراءات ضدهم، ولعل قضية إيقاف القيود من بينها”.
ما هو الحل؟
مدير تجمع المحامين السوريين (منظمة حقوقية مرخصة في تركيا)، المحامي غزوان قرنفل، دعا من طالهم هذا الإجراء إلى المطالبة والسعي لإعادة تفعيل بطاقة الحماية المؤقتة، خاصة أولئك الذين أجروا عملية تحديث بيانات خلال الشهرين الفائتين.
وبالنسبة لمن لم يحدّث بياناته، رأى “فرنفل” في حديث لـ”السورية نت”، بإن عليهم المبادرة إلى إعادة تفعيل قيودهم بشكل أسرع، تجنباً للترحيل.
أما على مستوى تقييم هذا الاجراء، فيرى قرنفل، بأنه “من الواضح أن دائرة الهجرة تتخبط في إجراءاتها، وتسبب هلعاً بين اللاجئين السوريين، لما لإيقاف قيودهم من آثار، أقلها حجب إمكانية تلقيهم العون المالي من الهلال الأحمر، أو مراجعة المستشفيات، وتلقي العلاج، وأخطرها الترحيل، لعدم وجود قيد يشرعن وجودهم على الأراضي التركية”.
وتابع: “هذا التخبط يتضح عندما ترسل دائرة الهجرة تلك الرسائل لكثير من السوريين، وشملت مئات السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، بينما كان يتوجب عليها مخاطبة من لم يحدثوا بياناتهم فقط”.
ويؤكد قرنفل، بأن من نتائج هذه الرسائل، التسبب في “إرباك الناس وتعطيلهم عن أعمالهم، فضلاً عما سيلقيه من عبء على دائرة الهجرة نفسها، التي لن تستطيع الاستجابة بالسرعة الممكنة للمراجعات، ما يلقي بظلاله على المركز القانوني للاجئين ويجعلهم عرضة للترحيل بكل لحظة، ووفق حتى مزاجية رجال الشرطة”.
وحول الحلول، شدد قرنفل بأنه “على دائرة الهجرة مراجعة إجراءاتها الأخيرة وإعادة تفعيل كافة بطاقات الحماية، واستثناء من حدثوا معلوماتهم وعناوينهم من أي إجراء، وإن تأخروا أكثر، يمكن ترتيب غرامات مالية عليهم مع تسوية أوضاعهم القانونية، وتفعيل الكيمليك الخاص بهم”.
وفي رده على السؤال المتعلق بعدم تمكن كثير من السوريين الحصول على موعد قريب لتحديث البيانات، خاصة المتواجدين منهم في اسطنبول، قال: “هذا صحيح، وإن إصرار دائرة الهجرة على التحديث الإلكتروني، أو عبر مواعيد الكترونية، دون توفير الآليات السلسة لحجز المواعيد، ستعد سبباً إضافياً للمشكلة، يلزمها بتمديد المهل والمدد المحددة لذلك، وعدم ترتيب إجراءات أو عقوبات على التأخير، الذي لا يد للاجئين فيه”.
يذكر أنه في 8 فبراير/ شباط الماضي، حذر “منبر منظمات المجتمع المدني” السوري، من تجميد قيد الأشخاص “أصحاب العناوين غير الصحيحة” خلال شهرين فقط، في حال عدم تحديث بياناتهم.
التحذير جاء عقب اجتماع عقدته منظمات المجتمع المدني وعدد من الناشطين السوريين والأتراك، مع وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو ومسؤولين أتراك آخرين.
ويبلغ عدد السوريين في تركيا نحو 3.8 مليون بحسب بيانات دائرة الهجرة التركية، يقيم معظمهم في ولايات إسطنبول، وغازي عنتاب، وهاتاي، وشانلي أورفا، وأنقرة، وكلس، ويحمل القسم الأكبر منهم وثيقة “الحماية المؤقتة”، فيما حصل نحو 200 ألف سوري على الجنسبة التركية.