بعد إقرار أحد مسؤولي الأمم المتحدة بفشل المنظمة في مساعدة عشرات آلاف المدنيين في الشمال السوري، الذين تضرروا جراء الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة قبل أسبوعين، تحدثت تقارير عدة عن أسباب ذلك الفشل والجهة المسؤولة عنه.
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، قال عبر حسابه في “تويتر”: ”لقد خذلنا حتى الآن الناس في شمال غرب سورية، إنهم محقون في شعورهم بالتخلي عنهم”.
“دليل آخر على احترام الأسد”
صحيفة “فايننشال تايمز” قالت في تقرير لها، أعدّه الصحفي وصانع فيلم “جلب الأسد للعدالة”، رونان إل تينان، إن أعضاء في الأمم المتحدة مُنعوا من عبور الأراضي التركية نحو سورية عقب الزلزال، بأمر من مكتب الأمين العام أنطونيو غوتيرش.
واعتبر أن تقصير الأمم المتحدة هو دليل آخر على احترامها لرأس النظام بشار الأسد، المتهم بقتل وتشريد السوريين، مضيفاً أن اعتراف غريفيث بالفشل في مساعدة المتضررين من الزلزال شمال غربي سورية، هو “اعتذار أجوف”.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت بعد أسبوع من وقوع الزلزال شمال غربي سورية، أنها حصلت على الأذن من الأسد لفتح معابر إضافية في الشمال السوري، وإدخال المساعدات عبرها.
إلا أن تينان قال في تقريره إن الأمم المتحدة “فقدت أياماً ثمينة، حيث مات الآلاف تحت الأنقاض”.
وأضاف: “بمواجهة مأساة بهذه الحجم، هل يجب أن يكون لاحترام سيادة الدولة وامتيازات الطغاة، الأسبقية على أمن النساء والأطفال الذين يموتون تحت الأنقاض؟”.
وتابع: “الطريقة التي يفسر بها الأمين العام (غوتيريش) القانون الدولي تعطي الانطباع بأنه مصمم لحماية مجرمي الحرب المزعومين، مثل الأسد، أكثر من حماية المدنيين؟ وإلا كيف يمكن تفسير إخفاقه في إعادة فتح ممرات المساعدات من تركيا على الفور؟”.
واستند تقرير “فايننشال تايمز” إلى رسالة موقعة من قبل 16 محامياً دولياً، تقول إن محكمة العدل الدولية ترى أن تقديم المساعدات الإنسانية للأشخاص في دولة أخرى- بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو أهدافهم- لا يمكن اعتباره أمر غير قانوني، ولا يتعارض مع القانون الدولي.
“اللوم لا يقع على غوتيريش”
وفي رد على التقرير السابق، قال البروفسور ماكس هيلير من “مركز واشنطن”، إن اللوم في تأخير وصول المساعدات الإنسانية للشمال السوري لا يقع على الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بل على ميثاق الأمم المتحدة.
وقال هيلير في تقرير نشرته “فايننشال تايمز”، اليوم الأربعاء، إنه لا يوجد خلاف حول ضرورة التركيز على الإنسانية وليس على سيادة الدولة، إلا أن الأمم المتحدة هي عبارة عن “نظام من الدول ذات السيادة”.
وأضاف: “لا يتمتع أنطونيو غوتيريش بصلاحيات تفوق تلك التي فوضها مجلس الأمن والجمعية العامة، لا يمكن للأمين العام أن يتصرف بناء على مبادرته الخارجية، فهو (سكرتير) أكثر منه (عام)”.
وأشار لوجود حاجة إلى تغيير النظام الدولي إلى نظام “لم تعد فيه سيادة الدولة هي الأولوية”، مردفاً: “دعونا لا ننتقد الأمين العام لفشله في الاستجابة للاحتياجات الإنسانية لضحايا الزلزال السوري ما لم نكن راغبين في تمكينه”.
وساد غضب في الشمال السوري، خلال الأيام الماضية، بسبب تقاعس الأمم المتحدة وتأخرها بالاستجابة السريعة لمساعدة متضرري الزلزال، في وقت زار فيه عدد من مسؤوليها مناطق سيطرة النظام وقدموا المساعدة.