آلاف القتلى وملايين المهجرين كانوا حصيلة الاقتتال الحاصل في السودان منذ نحو 9 أشهر، بين الجيش الحكومي بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع” التي يتزعمها محمد حمدان دقلو، وسط عجزٍ دولي عن حل عقدة هذه البقعة من الجغرافية الإفريقية، وإقرارٍ أممي بخروج الأوضاع الإنسانية عن السيطرة.
ورغم أن المشهد الحالي لا يوحي بحلٍ في الأفق القريب، يدور الحديث عن “فرصة للسلام يجب عدم إضاعتها”، بحسب رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، الذي تحدث عبر حسابه في “إكس” عن فرصة لإيقاف الحرب.
وقال حمدوك، الخميس الماضي، إن “قوات الدعم السريع أبدت استعدادها التام لوقف غير مشروط للعدائيات عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة”.
مضيفاً: “هذه الفرصة للسلام يجب ألا نضيعها (…) ونأمل أن تستجيب الأطراف المتقاتلة لذلك حتى نرفع المعاناة عن كاهل شعبنا”.
خاطبت اليوم السيد القائد العام للقوات المسلحة السودانية لحثه على قبول طلب الاجتماع المباشر مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، لاغتنام الفرصة التي لاحت لايقاف الحرب والتي تم التعبير عنها في إعلان أديس أبابا الموقع بين تقدم وقوات الدعم السريع، والذي أبدت فيه قوات الدعم…
— Abdalla Hamdok (@SudanPMHamdok) January 3, 2024
جذور وخلفيات
في أبريل/ نيسان 2023، بدأت ملامح حرب “كارثية”، كما تصفها الأمم المتحدة، حين تم تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لنقل السلطة في السودان، والذي تم التوصل إليه بين المكون العسكري والقوى المدنية في البلاد أواخر 2022.
وكانت القوى المدنية السودانية وقعت اتفاقاً مبدئياً مع القوى العسكرية في البلاد، والمتمثلة بالجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، يقضي بتقاسم السلطة بين المكونات المدنية والعسكرية.
كما ينص الاتفاق على خروج الجيش عن السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
إلا أن الجيش السوداني أعلن لاحقاً أنه أيّد الاتفاق لأنه يُلزم قوات “الدعم السريع” بالاندماج في صفوفه تحت قيادة موحدة، مشترطاً أن يكون هو من يحدد تحركات وانتشار قوات “الدعم السريع” في البلاد.
في حين قال قائد “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إنه يؤيد فكرة الدمج، لكن وفق جداول زمنية متفق عليها، واشترط مساواة ضباطه مع نظرائهم في الجيش، فيما يتعلق بالامتيازات.
واتهم حميدتي قيادات في الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في السلطة، على غرار الحكم السابق لعمر البشير.
إلا أن تقارير تحدثت عن أن الخلافات بين الجانبين تتمحور حول أحقية القيادة والتحكم خلال عملية الدمج وبعدها.
وأدت المماطلة في التوقيع على الاتفاق، وغياب الثقة بين الطرفين، إلى اشتعال فتيل الحرب بين الجيش الحكومي وقوات “الدعم السريع”، مطلع أبريل 2023، عبر هجمات متبادلة في العاصمة السودانية الخرطوم، لتتسع رقعتها عقب ذلك وتشمل مناطق أخرى في البلاد.
وفي 25 أبريل/نيسان 2023، أعلنت “الدعم السريع” السيطرة على مواقع “استراتيجية”، من بينها القصر الجمهوري ومقرات تابعة لقيادة الجيش السوداني، في الخرطوم.
إلى جانب سيطرتها على مطار الخرطوم الدولي، ومطاري مروي (شمال) والأبيض (وسط).
وفي يوليو/ تموز 2023، وصل الاقتتال إلى إقليم دارفور، الذي سيطرت قوات “الدعم السريع” على 70% منه.
ثم توسعت سيطرة “الدعم السريع” جنوباً، خلال الأسابيع الماضية، وصولاً إلى ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني.
انقلاب الجنرالين
يشكل الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان إلى جانب قوات “الدعم السريع” بقيادة حميدتي، المكون العسكري في السودان، وكانا ضمن جبهة واحدة عندما نفّذا انقلاباً عسكرياً، في أكتوبر 2021، على الحكومة الانتقالية التي ترأسها عبد الله حمدوك عام 2019، بعد الإطاحة بحكم عمر البشير.
ثم ظهرت خلافات الجيش السوداني و”الدعم السريع” للعلن مطلع عام 2023، بعد انقلاب الجنرالين على بعضهما وخلافهما حول آلية تقاسم القيادة في الجيش، تحت إدارة موحدة.
من هي قوات “الدعم السريع”؟
تم تأسيس قوات “الدعم السريع” بشكلها الحالي عام 2013، حين قررت حكومة عمر البشير الاعتراف بها شرعياً، باعتبارها “قوى رديفة” للجيش السوداني.
وأصبحت تلك القوات تابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، بموجب مرسوم رئاسي هدفه إضفاء الشرعية على عمل “الدعم السريع”.
وبموجب المرسوم، تم اعتبار قوات “الدعم السريع”، بقيادة حميدتي، على أنها قوة نظامية منفصلة عن القوات المسلحة، وتتبع بشكل مباشر لرئيس الجمهورية.
وكانت هذه القوات في السابق جزءاً من مليشيات عرفت باسم “الجنجويد”، والتي تشكلت أثناء اندلاع التمرد في إقليم “دارفور” غرب السودان عام 2003، وساعدت الجيش السوداني حينها في القضاء على التمرد.
وواجهت تلك المليشيات اتهامات دولية حينها بارتكاب “جرائم حرب”، والقيام بعمليات قتل ونهب وحرق.
وفي عام 2007، أعلن محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي كان أحد قادة ميلشيات “الجنجويد”، انشقاقه عن تلك المليشيات، وتمرد على الحكومة بسبب عدم التزامها بتسديد المستحقات المالية لقواته.
إلا أن حكومة البشير تفاوضت مع حميدتي وتوصلت إلى اتفاق معه، يقضي بدفع رواتب القوات، ومنح القيادات فيها رتب ضباط، وحميدتي رتبة عميد.
وعقب إعادة هيكلة “الدعم السريع” عام 2013 بلغ عدد قواتها 100 ألف من الجنود والضباط وضباط الصف، يتوزعون في أنحاء مختلفة من البلاد.
وتملك تلك القوات 10 آلاف سيارة رباعية الدفع، إلى جانب مدرعات من طراز “BTR”، وأسلحة رشاشة خفيفة وثقيلة ومضادات طائرات.
وبعد اندلاع الصراع الأخير، أصدر رئيس مجلس السيادة في السودان، عبد الفتاح البرهان، مرسوماً دستورياً في سبتمبر/ أيلول الماضي، ينص على حل قوات “الدعم السريع” وإلغاء تبعيتها لقوات الجيش السوداني.
قدرات الجيش السوداني
يبلغ عدد أفراد الجيش السوداني حالياً حوالي 200 ألف جندي، بين قوات فاعلة واحتياطية.
وبحسب المراجعة السنوية لقوة النيران العالمية عام 2021، احتل الجيش السوداني المرتبة 77 عالمياً والـ 8 إفريقياً ضمن قائمة أقوى جيوش العالم.
ومنذ تأسيس هذا الجيش بصيغته الحالية عقب استقلال السودان عام 1956، واجه حروباً وصراعات داخلية وإقليمية، أبرزها التمرد في إقليم دارفور عام 2003، كما شارك في عمليات تابعة للأمم المتحدة، أبرزها “قوات الردع العربية” في لبنان.
وشارك في عملية “عاصفة الحزم” في اليمن، إلى جانب القوات العربية بقيادة السعودية والإمارات.
ويمتلك الجيش السوداني نحو 191 طائرة حربية و830 دبابة و450 مدرعة و73 مروحية، وتصل ميزانيته الدفاعية إلى 4 مليارات دولار سنوياً.
لاعبون عرب
ضمن سياقات الحرب السودانية، تدخل دول عربية في دعم طرفي الصراع، على رأسها الإمارات ومصر وليبيا.
وتشير تقارير دولية إلى أن الصراع الداخلي أخذ بعداً إقليمياً على اعتبار أن السودان يعتبر كجسرٍ يربط الشرق الأوسط وإفريقيا، فضلاً عن غناه بالموارد الطبيعية الوفيرة.
وفي تقرير لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في يوليو/ تموز الماضي، قالت فيه إن الإمارات (التي تدعم قوات الدعم السريع) والسعودية (التي تدعم الجيش السوداني)، تنظران إلى الحرب السودانية على أنها “فرصة لتعزيز مكانتهما في الشرق الأوسط”.
واعتبرت أنه “نظراً للشرعية الدولية التي يتمتع بها البرهان، فإن فرص انتصار قوات الدعم السريع على الجيش السوداني ضئيلة”.
وبحسب المجلة، كانت مصالح أبو ظبي والرياض متوافقة في السودان بعد الإطاحة بحكم عمر البشير، عبر دعمهما للمجلس العسكري الانتقالي بـ 3 مليار دولار.
لكن بعد انقلاب حميدتي والبرهان على المجلس الانتقالي، ثم الصراع الذي ظهر بينهما على السلطة، اتخذ موقفا السعودية والإمارات منحى معاكساً عبر دعم الأولى للبرهان والثانية لحميدتي.
وتعاونت مصر مع السعودية في موقفها الداعم للجيش السوداني، في حين دعمت الإمارات قوات “الدعم السريع” بالتعاون مع روسيا، عبر مجموعة “فاغنر”.
وجاء في تقرير “فورين بوليسي”، أن الصراع في السودان “يمثل فرصة لكل من السعودية والإمارات لتوسيع وجودهما الإقليمي وسيطرتهما”.
وأضاف: “بالنسبة للرياض، فإن تحقيق النصر الكامل للجيش السوداني من شأنه أن يعزز مكانة السعودية كقائد في العالمين العربي والإسلامي. وبالنسبة للإمارات، فإن أي مكاسب لقوات الدعم السريع ستخلق نفوذاً لإضعاف قبضة الرياض على الشرق الأوسط، وهو ما سيكون بمثابة فوز لأبو ظبي”.
من جانبها، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” في أغسطس/ آب الماضي، عن مسؤولين أوغنديين قولهم، إنهم عثروا على أسلحة في طائرة مساعدات إماراتية، كانت مخصصة لدعم لاجئين سودانيين في تشاد.
إلا أن الإمارات نفت ما جاء في تقرير الصحيفة الأمريكية، وقالت إنها تبدي “عدم الانحياز إلى أي طرف في الصراع” السوداني.
ورداً على ذلك، أمر السودان بطرد 15 دبلوماسياً إماراتياً من أراضيه، حيث استدعت الخارجية السودانية القائم بالأعمال الإماراتي وأبلغته بقرار الطرد.
ولم توضح الخارجية السودانية السبب، لكنه جاء وسط تصاعد التوترات بين الخرطوم وأبو ظبي بشأن الدعم الإماراتي المزعوم لقوات “الدعم السريع”.
طرفا الخيط بين القاهرة وجدة
على مدار الأشهر التسعة الماضية، أُطلقت مبادرات عربية ودولية عدة لحل النزاع بين الطرفين في السودان، إلا أن أياً منها لم يصل إلى النتيجة المرجوة بوقف إطلاق نار دائم.
إذ رعت القاهرة مبادرة، أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لحل الأزمة السودانية وبدء إعادة إعمار البلاد.
ومنذ مايو/ أيار الماضي، تستضيف مدينة جدة محادثات حول السودان، برعاية سعودية- أمريكية، تهدف إلى “خفض مستوى التوتر وتهيئة الأرضية اللازمة للحوار وصولاً إلى وقف إطلاق النار”، وفق بيان مشترك صادر عنهما.
إلا أن صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت عن دبلوماسيين أجانب في الخرطوم، مطلعين على سير المفاوضات، إن المشهد العام يشير إلى أن مصر “تتصرف لصالح الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع”.
وقال كاميرون هدسون، المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية: “لقد أوضحت مصر أنها لن تتسامح مع زعيم ميليشيا على حدودها الجنوبية”.
لذلك، أعلنت قوات “الدعم السريع” على لسان المستشار السياسي لقائد “الدعم السريع”، يوسف عزت، تمسكها بمنبر جدة رغم فشله بالتوصل إلى أي اتفاق حول الهدنة.
وقال لشبكة “الجزيرة”: “نحن ننظر للأزمة على أنها سياسية وحلها سياسي، لذلك لابد من وقف إطلاق النار لفترة زمنية معقولة تسمح ببدء التفاوض السياسي”.
فيما ترفض الحكومة السودانية، التي تميل إلى محادثات القاهرة، فكرة تعدد المنابر، وترى أن ذلك يقوض سبل التوصل لحل.
ومع بدء العام الجديد، يجري قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو جولة في شرق إفريقيا، هي الأولى له منذ اندلاع الحرب في السودان، هدفها “التوصل لاتفاق سلام” وفق تعبيره.
وقال إنه عرض في أوغندا “رؤية لبدء المفاوضات”، وناقش في جيبوتي “فرص إنهاء الحرب”، وبحث في إثيوبيا “وضع حد للحرب”.
عجز دولي و”انتهاكات”
أقرت الأمم المتحدة عجزها عن الاستجابة الإنسانية لتبعات الحرب في السودان، والتي فاقمت معاناة ملايين السودانيين، وسط تقارير حقوقية وثقت ارتكاب انتهاكات و”جرائم حرب”، خلال الاقتتال بين الطرفين.
وتشير الأرقام الأممية إلى أن أكثر من 12 ألف شخص قتلوا في السودان منذ أبريل/ نيسان الماضي، فيما فر قرابة 7 ملايين شخص من منازلهم إلى داخل البلاد وخارجها.
وفي تصريحات لمنسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، مطلع الشهر الجاري، قال خلالها إن قرابة 25 مليون سوداني بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة عام 2024.
لافتاً إلى أن عمليات توصيل المساعدات عبر الخطوط “قد توقفت”.
وتحدث عن انتشار الأوبئة والأمراض بسبب النزوح الجماعي للسكان، خاصة تفشي الكوليرا، إذ تشير أرقام “منظمة الصحة العالمية” إلى وجود أكثر من 1800 حالة مشتبه بها في ولاية الجزيرة وحدها.
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” نقلت عن مارتن غريفيث قوله، إن السوادن كان “التحدي الأكبر” له منذ توليه ملف الإغاثة في الأمم المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن سورية وليبيا وأوكرانيا “لم تكن أكبر مشاكل غريفيث، بل كان السودان، حيث تركت المليشيات الهائجة نصف السكان يعتمدون على المساعدات”.
ويعبر غريفيث عن “أسفه” لاعتبار سورية “نموذجاً إيجابياً” للعمليات الإنسانية، بالمقارنة مع الأوضاع غزة والسودان.
إلى جانب تلك المعاناة، وثقت تقارير حقوقية ارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين في السودان، مع تسجيل حالات قتل ونهب وسرقة واغتصاب وتدمير ممتلكات، خاصة من قبل قوات “الدعم السريع”.
وتحدثت “منظمة العفو الدولية”، عن رصد انتهاكات لحقوق الإنسان في السودان، مطالبة بإجراء تحقيق فوري.
وقالت كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات في المنظمة، دوناتيلا روفيرا، في أكتوبر الماضي:”رصدنا حالات اغتصاب واعتداءات جنسية على النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد، ووثقنا عمليات تدمير ونهب للممتلكات الخاصة والمنازل والشركات، وكل هذه الانتهاكات مستمرة”.
إلا أن قوات “الدعم السريع” نفت في بيان لها ذلك، وقالت إن “أي جندي من جنودها يثبت تورطه سيتم تقديمه إلى العدالة”، وكذلك نفى الجيش السوداني استهداف المدنيين بقصفه لمناطق سيطرة “الدعم السريع” في الخرطوم.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أصدر قراراً، في أكتوبر الماضي، يقضي بفتح تحقيق في الوضع الإنساني في السودان والاتهامات الموجهة للطرفين بارتكاب انتهاكات.
وسبق أن شن ناشطون سودانيون حملة، الأسبوع الماضي، ضد قوات “الدعم السريع”، وقالوا إنها ترتكب “أعمال نهب وعنف جنسي وقتل على أساس عرقي” في المناطق التي تدخلها.
وتشير تقارير إلى أن قوات “الدعم السريع” تحالفت مع مليشيات قبلية واستجلبت مرتزقة من مختلف أنحاء العالم، والذي يرتكبون “انتهاكات” ضد السكان في السودان باسم تلك القوات.
"في ظل الأحداث المؤلمة التي يمر بها أهلنا الأشقاء في السودان، نشهد تعتيمًا إعلاميًا يحجب حقيقة ما يحدث هناك من إبادات عرقية وتغيير ديموغرافي كبير بتواطؤ دولي وإقليمي عن ما يحدث داخل السودان
نتمني من جميع المؤثرين والشخصيات الرياضية والسياسية وكل إعلامي شريف التضامن مع الشعب… pic.twitter.com/73kIkYzKjA
— خليل البلوشي (@khalilalbalush1) December 20, 2023
ماذا عن السوريين في السودان؟
ويعيش في السودان، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نحو 93 ألف سوري، ووصلوا للبلد الإفريقي في السنوات العشر الأخيرة.
وبعد اندلاع الصراع بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، في أبريل/نيسان الماضي، وجد العديد من السوريين أنفسهم نازحين مرة أخرى وعالقين في دوامة الصراع، في وقت باتوا يستعيدون “ذكريات الرعب” التي عاشوها في سورية، قبل أن يصلوا السودان هرباً من جحيم الحرب.
وتحدث عدد من السوريين في السودان لوسائل إعلام، عن تفاقم معاناتهم، إذ فرَّ بعضهم من البلاد، فيما حُوصر آخرون لصعوبة انتقالهم إلى بلد آخر.
وأشار أحدهم في حديث لشبكة “CNN”، إلى أن “فكرة البقاء محاصرين في السودان أمر مقلق مثل العودة إلى وطننا، حيث تم القضاء على مجتمعات بأكملها بسبب القصف الجوي المستمر الذي يقوده النظام وبدعم من روسيا”.
وقادت المملكة العربية السعودية جهود الإخلاء في الأيام الأولى للحرب.
إذ قامت السلطات السعودية بنقل مئات السوريين جواً من بورتسودان إلى دول في المنطقة، بما في ذلك الأردن والجزائر، وفقاً لوكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”.
لكن غالبية الذين فروا من السودان ظلوا في عداد المفقودين، وبدلاً من ذلك يدفعون للمهربين آلاف الدولارات ويخاطرون بطرق محفوفة بالمخاطر على أمل الوصول إلى بلد مجاور آمن لتجنب العودة إلى سورية.
وفي تقرير حقوقي لـ “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، قال إن “الاحتمال يظل قائماً بأن يقع السوريون العالقون في السودان ضحايا بشكل مباشر للنزاع المستعِر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية”.
وأضاف: “لا مفر أمام النازحين داخلياً من السوريين سوى التوجّه إلى بورتسودان التي أصبحت تغصّ بقاصديها، وتعاني من سرعة وتوالي الارتفاع الباهظ في تكاليف الإقامة فيها”.
وختم المركز بقوله: “ما يبعث على المزيد من القلق حيال السوريين.. هو الاضطرار إلى العودة مُكرهين إلى سورية، على الرغم من المخاطر التي تتربص بسلامتهم هناك”.
داعياً الدول إلى وقف عمليات ترحيل السوريين الفارين من السودان لحين ضمان عودة “كريمة وآمنة” لهم.