لا تنفصل الغارات الإسرائيلية التي حصلت ليل الثلاثاء – الأربعاء على طول الحدود العراقية- السورية، عن مسار سياسي أميركي – إسرائيلي واضح، وقابل للتوسع في المرحلة المقبلة. وهي لا تنفصل أيضاً عن اللقاء الذي جمع رئيس الاستخبارات الإسرائيلية ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في واشنطن الإثنين الفائت. وليست بعيدة عن مضمون زيارة المبعوث الأميركي جويل رايبورن إلى سوريا وكل من الإمارات والأردن الأسبوع الماضي. كل هذه التحركات تصب في هدف واحد: تضييق الحصار على الإيرانيين والنظام السوري.
وكان هدف جولة رايبورن الضغط على كل دولة لها علاقات مع نظام بشار الأسد، والتلويح بفرض عقوبات بموجب قانون قيصر على من يحاول مده بالأوكسيجين.
في الأردن بحث رايبون في ضبط المعابر مع سوريا، وتشديد حصار نظام الأسد. وهذا يتكامل مع الضربات التي طالت مواقع للنظام والإيرانيين في سوريا. وهي مواقع قريبة من الحدود العراقية، وضُربت لخنق حركة الإيرانيين السهلة وقطع المنافذ المستخدمة للتهريب بين العراق وسوريا.
متنفس الأسد
لن يبقى إذاً من متنفس للنظام السوري سوى لبنان. طبعاً لن يسمح حزب بخنق بشار الأسد ونظامه. لذلك يستمر الضغط على المصرف المركزي اللبناني وعلى كل المؤسسات لعدم وقف الدعم واستمرار توفيره. فلبنان هو الرئة الوحيدة التي يتنفس منها نظام الأسد. وحسب المعلومات فإن قرار رفع الدعم أو ترشيده تأخرا لهذا السبب. وهناك من يقول إن استنزاف الإحتياطي لدى المصرف المركزي سيستمر حتى إنهائه وتصفيره.
ستضع هذه السياسة لبنان على خطّ النار مجدداً. وليس بالضرورة أن تكون النار عسكرية، بل سياسة ومالية. فمن الواضح أن إسرائيل وأميركا لا تستخدمان لبنان -حتى الآن- ساحة للصراع العسكري أو لتنفيذ ضربات العسكرية، على غرار ما يجري في سوريا. وهذا على الرغم التلويح الإسرائيلي باحتمال تحويل لبنان إلى ساحة قابلة للاستهداف العسكري. لكن الحرب على لبنان لا تزال تقتصر فعلياً على الجانب الاقتصادي والمالي.
تحذير حربي
وفي الأثناء تستمر إسرائيل في تعزيز ما تعتبره تحركاتها الرادعة. سواء بتحليق مكثف لطائرات استطلاعها وللطائرات الحربية في الأجواء اللبناية، أو من خلال التصوير البحري الذي تقوم به الغواصات. وهناك التصريحات والمواقف التي تحذر حزب الله من الإقدام على أي تحرك، لأن الرد الإسرائيلي سيكون واسعاً وشاملاً، ويطال بنكاً كبيراً ومحدداً من الأهداف.
ويندرج هذا في إطار معركة الردع التي تسعى إسرائيل إلى تكريسها، مع ممارستها الاستفزاز إلى أقصى الدرجات، خصوصاً بعد حادثة اختطاف الراعي اللبناني من كفرشوبا واتهامه بأنه يتجسس لصالح حزب الله.
ضغوط وهجوم على الجيش
أما حزب الله فلا يريد الدخول في أي معركة أو استفزاز يستدعي تورطه في مواجهة عسكرية. ويرى أن أياماً تفصل بين مغادرة ترامب وتسلم بايدن الإدارة الأميركية، ولا بد من ضبط النفس في هذه الأيام. لكن الاستفزازات الإسرائيلية قد تفرض على لبنان واقعاً من الاستياء الذي قد ينعكس لاحقاً مزيداً من الضغوط الداخلية على الجيش اللبناني. ومطالبته بالرد أو برفع شكوى إلى مجلس الأمن. وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة بناءً على تعليمات عون أقدم على هذه الخطوة، ولكنها لم تحظَ بأي اهتمام.
لذا قد تتزايد الضغوط على الجيش. وتستغل أطراف متعددة للهجوم عليه. وهو أصلاً يتعرض لحملة في مسألة تفجير المرفأ. وطالبه نصر الله بالكشف عن التحقيقات. علماً أن ذلك ليس من صلاحيات الجيش، بل من صلاحية المحقق العدلي والقضاء.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت