يتردد على مسامعنا في كل عام اليوم الدولي لحقوق الإنسان، والذي يصادف في العاشر من كانون الأول. للوهلة الأولى يتبادر للذهن أن الإنسان على وجه الكرة الأرضية يتمتع بكامل حقوقه في المجتمعات التي يعيش فيها، لكن ما مصداقية هذا الكلام؟ وهل يمكن أن يكون خبراً تتناقله الألسن دون صدى على أرض الواقع؟
لابد من مناقشة علمية نستعرض من خلالها أمثلة واقعية تسلط الضوء على واقع الإنسان في مختلف أنحاء العالم، ولعل الجدير بالذكر أن الظروف التي مر بها العالم خلال العقد المنصرم وما شهدته الساحة العالمية من صراعات مختلفة الزمان والمكان، أثّر على حقوق الإنسان حول العالم وبالأخص العالم العربي.
ومن منظور اجتماعي عايشناه خلال ثورات نادت بالحرية والتغيير في أنظمة الحكومات خلال فترات ليست ببعيدة، تأثر الإنسان العربي بأحداث غيّرت حياته بشكل جذري وجعلته يتناسى العديد من الحقوق نتيجة الظروف الصعبة وتغافل الأنظمة الموجودة عن تلبية نداءات الشعوب التي طالبت بأهم حقوقها لكن دون أن تلقى أي أهمية، ومن هنا لا بد من تسليط الضوء على مراحل حياة الإنسان والتغييرات التي مرت به عبر مراحل العمر المختلفة .
أولاً- مرحلة الطفولة:
لاقت هذه الفئة على الرغم من هشاشتها وتأثرها بالواقع المحيط بها حرماناً كثيراً نتيجة تردي الأنظمة العربية وانشغالها بإخماد ثورات الحرية، مما جعل الأطفال يُحرمون من حقوقهم الأساسية مثل (حق اللعب، حق العيش بأمان، حق التعليم)، فمعظم الأطفال عاشوا حياة النزوح المتكرر وعدم وجود مكان آمن يلجؤون إليه مما حرمهم التعليم في المدارس واللعب مع الأصدقاء.
وإلى اليوم ما زلنا نرى على شاشات التلفاز المجازر اليومية التي يتعرض لها الأطفال في غزة، تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان المتفق عليه عالمياً، دون أي جهود تذكر لتخليصهم من هذه الانتهاكات.
ثانياً- مرحلة الشباب:
كابدت هذه الفئة الكثير من المآسي والعذاب نتيجة الظروف التي مرت بها المنطقة، والتي كانت كعاصفة قوية تقتلع كل ما في وجهها وتدمره، فالكثير من الشباب حرموا من حقوقهم وقضوا شبابهم قابعين في السجون ضمن إجراءات تقمع الحريات وتطمس الهوية العربية متجاهلة كل المواثيق الدولية.
ويضاف إلى ذلك أيضاً مصادرة حرية التعبير، إذ لا يجرؤ الكثير ممن تقلدوا المناصب في الحكومات (سياسياً ودينياً) الإفصاح عن رأيهم بحرية، وهو ما حصل مؤخراً خلال عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين التزمت الشخصيات السياسية والدينية الصمت حيالها.
في الختام، يظهر الواقع المرير لحقوق الطفولة والشباب في سوريا بوضوح، حيث يتعرضون للقمع والتهجير القسري، ما يشير إلى الحاجة الملحة للعمل الدولي المشترك من أجل حماية حياتهم وضمان حقوق لا يمكن تجاهلها.
تتطلب الأوضاع الراهنة ابتكار حلول فعّالة وشاملة، من خلال تعزيز الجهود الإنسانية وتوجيه المساعدات الطارئة إلى المناطق المتضررة. يجب أيضًا تعزيز التعليم وتوفير بيئة آمنة للأطفال والشباب لضمان تطويرهم الصحيح والمستدام.
وعلى المستوى الدولي، ينبغي زيادة الضغط الدبلوماسي لوقف القمع والتهجير، وضمان تحقيق العدالة والمساءلة للمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. ويجب أن يكون التركيز أيضًا على إعادة بناء المجتمعات وتوفير فرص اقتصادية الشباب للمساهمة في إعادة بناء وتطوير بلدهم.
باختصار، يمكن أن تكون الحلول الفعّالة في سوريا نتاجًا للتعاون الدولي المستمر، والالتزام بحقوق الطفولة والشباب كأساس للمستقبل المستدام والعادل.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت