رغم المخاطر والتحذيرات، قررت بعض العائلات في مناطق شمال غربي سورية، العودة إلى منازلها الواقعة في مناطق ضربها الزلزال المدمر، من أجل الإفطار خلال شهر رمضان على مائدة خارج الخيام ومراكز الإيواء، وإن كان ذلك تحت جدران وأعمدة متصدعة.
“لن نستطيع التحمل أكثر من ذلك، من الصعب علينا قضاء شهر رمضان وعيد الفطر في هذه الخيام بعد ما عشناه من خوف ورعب وتهجير”، يقول أبو عمران لـ “السورية نت”، مقرراً العودة إلى منزله الواقع في جنديرس بريف عفرين، والتي أثّر الزلزال المدمر على الكثير من أبنيتها.
يقيم أبو عمران (45 عاماً) حالياً في مركز إيواء بمدينة حارم بريف إدلب مع زوجته و3 من أبنائه، لكنه قرر العودة لمنزله الذي “لم يتضرر كثيراً” جراء الزلزال، رغم وجود بعض التشققات في البناء، كما يقول.
فكرة العودة تراود الكثير من العائلات المقيمة في مراكز الإيواء شمال غربي سورية، بحسب ما نقل مراسل “السورية نت” في إدلب، وذلك بعد مرور شهر ونصف على كارثة الزلزال، بسبب اقتراب شهر رمضان ورغبة العائلات بقضائه في منزلها.
إلا أن مخاطر عدة قد تواجهها تلك العائلات بسبب تصدع الكثير من الأبنية، وعدم انتهاء عمليات الكشف الشامل على جميع المنشآت العامة والسكنية في المنطقة، والتي تقوم بها لجان متخصصة.
لكن ما هي الآليات التي يتم العمل بها للكشف على الأبنية؟ وكيف يتم تقييم الأبنية المتضررة؟ وهل تشمل جميع المناطق التي ضربها الزلزال؟
“لجان مختصة ومعايير موحدة”
يقول المهندس بسام زيتون، أمين سر “نقابة المهندسين السوريين الأحرار” في الشمال السوري، إنه بعد يوم من وقوع الزلزال وصلت استفسارات عدة للنقابة من أصحاب بعض الأبنية لإجراء كشف عليها والتأكد من سلامتها، خاصة المستشفيات والأبنية الخدمية.
وانطلاقاً من ذلك، قررت النقابة تشكيل لجان مختصة لإجراء كشف شامل لجميع الأبنية وتحديد المناطق الأكثر تضرراً، ورسم مخطط للأحياء، حيث تم توزيع اللجان على مختلف الأحياء للقيام بمسح الأضرار.
وبحسب ما ذكر زيتون في حديثه لـ “السورية نت”، تم تحديد معايير معينة لتقييم الأضرار، وهي معايير موحدة في مناطق ريف حلب الخاضعة لـ “الحكومة السورية المؤقتة” وفي إدلب الخاضعة لـ “حكومة الإنقاذ”.
وبناء على تلك المعايير تم وضع جدول لتصنيف الأضرار على الشكل التالي:
– بناء سليم (قابل للسكن): لا توجد أي مظاهر خطورة فيه، توجد بعض الشقوق الشعرية البسيطة في العناصر غير الإنشائية.
– ضرر بسيط (قابل للسكن مع ضرورة الإصلاح): توجد مؤشرات (شقوق) متعددة في العناصر غير الإنشائية وبعض المؤشرات البسيطة غير الخطرة في العناصر الإنشائية.
– ضرر متوسط (الإخلاء المؤقت لحين الإصلاح): توجد مؤشرات (شقوق) متعددة في العناصر الإنشائية، وتصدعات خطرة في العناصر غير الإنشائية.
– ضرر جسيم (إخلاء فوري وإحالة الملف للجنة السلامة): توجد مؤشرات على بداية حدوث انهيار، المبنى يشكل خطر على سلامة شاغليه والجوار.
كيف يتم تقييم الضرر؟
المهندس مصطفى سقر، عضو في لجنة تقييم المنشآت والمباني في منطقة عفرين، قال إن اللجان التي شكلتها “نقابة المهندسين الأحرار” لتقييم الأضرار، تتكون من مهندس إنشائي استشاري ومهندسين آخرين برتبة ممارس ومشارك.
وأضاف في حديثه لـ “السورية نت” أن تلك اللجان التي توزعت على مختلف المدن والقرى، تستخدم تطبيقاً الكترونياً خاصاً بنقابة المهندسين، يتم خلاله تسجيل جميع مشاهدات اللجنة عن المباني، ورقم المنزل، واسم صاحبه أو أحد قاطنيه، ونسبة الأضرار التي تعرض لها، والتقييم النهائي له (سليم- ضرر بسيط- ضرر متوسط- ضرر جسيم).
وتابع: “يتم دعم التقييم بالصور، مثلاً إذا كان البناء متضرراً نصوره ونصور الضرر سواء كان ميلان أو تصدع في الجدران والأعمدة، ونرفع تلك الصور على التطبيق الذي نستخدمه في هواتفنا ليكون مرجعية لنا”.
وبحسب سقر، إذا كان التقييم يشير إلى أن البناء سليم أو بسيط الضرر، تتم أرشفته، وفي حال كان متوسط الضرر يتم تنبيه صاحبه لضرورة تدعيمه حتى يصبح مؤهل للسكن.
أما في حال كان الضرر جسيماً، تقوم اللجنة برفع تقرير عن حالته للجان السلامة العامة، والتي تقوم بدورها بإجراء إعادة تقييم للتأكد من الضرر، وبحث ما إذا كان بالإمكان تدعيم البناء أو هدمه.
وتضم لجان السلامة المنتشرة في جميع مناطق الشمال السوري مهندسين إنشائيين استشاريين وخبراء، وفي حال أقروا بضرورة هدم البناء يتم توجيه تقرير بذلك للمجلس المحلي الذي يتبع له البناء، بحسب سقر.
إحصائيات وكشف شامل
يقول أمين سر “نقابة المهندسين السوريين الأحرار” في الشمال السوري، بسام زيتون، إنه تم إجراء تقييم فني لجميع المنشآت العامة في المناطق التي ضربها الزلزال، وشملت المدارس والمشافي والجامعات والجوامع.
وأشار لـ “السورية نت” إلى أن أعمال المسح والتقييم لا تزال مستمرة في جميع المناطق المتضررة من الزلزال، لذلك لا يمكن إعطاء إحصائيات دقيقة عن نسبة الضرر.
وأضاف أن الضرر يختلف من منطقة لأخرى حسب قربها من مركز الزلزال، مثلاً في اعزاز تصل نسبة الضرر إلى 10% تقربياً، بينما في جنديرس تصل من 60% لـ 70%، أما في صوران تصل لـ 30%، ولا تتجاوز 1 أو 2% في مناطق أخرى.
وتابع: “الأمر بحاجة لعملية مسح شامل، ونحن منذ وقوع الزلزال نقوم كنقابة مهندسين بإجراء المسح اللازم لكننا لم ننته بعد، لذلك من الصعب تحديد نسبة دقيقة، وتبقى النسب السابقة تقديرية”.
فيما أشار مصطفى سقر، العضو في لجنة تقييم المنشآت والمباني في منطقة عفرين إلى أن المسح الشامل قد يحتاج مدة 20 يوماً للانتهاء، وبعدها تصدر إحصائية دقيقة حول نسبة الضرر في كل مدينة على حدى.
ويواجه عمل اللجان تحديات ومصاعب عدة، بحسب بسام زيتون، الذي تحدث عن وجود حاجة للمزيد من الكوادر المؤهلة والمعدات اللوجستية، ومصاريف مادية أخرى تغطي تنقلات اللجان ورواتبها، لضمان استمرار عمليات المسح.