خطة “عودة السوريين” في تركيا.. “موانع عملية” وماذا عن التنفيذ؟
شهدت الأيام الماضية كشفاً بالتدريج عن التفاصيل والمعلومات المتعلقة بمشروع “العودة الطوعية”، الذي يستهدف عودة مليون لاجئ سوري في تركيا إلى مناطق عدة شمالي بلادهم، والذي أعلن عنه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وقال أردوغان في رسالة مصورة موجهة للسوريين، في 3 مايو/ أيار الجاري، إن المشروع يشمل 13 منطقة في الشمال السوري، من بينها اعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض، عبر توفير الاحتياجات اللازمة من مدارس ومستشفيات ومنازل، بما يضمن “العيش الكريم” للسوريين العائدين.
"Ülkemizde misafir ettiğimiz 1 milyon Suriyeli kardeşimizin gönüllü geri dönüşünü sağlayacak yeni bir projenin hazırlıkları içerisindeyiz."
Cumhurbaşkanı Erdoğan, İdlib bölgesinde inşa edilen briket evlerin anahtar teslim törenine videomesaj gönderdi. pic.twitter.com/FIyL3yZat6
— TRT Haber Canlı (@trthabercanli) May 3, 2022
آليات تنفيذ المشروع ومناطقه ومن يموله، وسبل عيش العائدين، كلها أسئلة استعرض تقرير نشرته صحيفة “صباح” المقربة من الحزب الحاكم، إجابات عنها.
وبحسب تقرير الصحيفة، يوم الأربعاء الماضي، فإن المشروع الذي وصفته بـ”الضخم”، تم التوافق على تسميته بـ(2Y- 1Ç)، ويتضمن في معناه كلمات “استقر، عِشْ، اعمل” (Yerleş ،Yaşa ،Çalış).
ويشمل المشروع، بناء ما بين 200 إلى 250 ألف منزل في 3 أنواع مختلفة، قبل نهاية العام الجاري، وبمساحة 40 و60 و80 متراً مربعاً، ليتم تسليمها للعائدين، وفق عدد أفراد كل عائلة.
وأول أمس الخميس، نشرت وكالة “الأناضول” تقريراً، أكدت فيه ارتفاع وتيرة البناء في مشاريع “منازل الطوب”، في الشمال السوري، لـ”تأمين بيئة مناسبة للاجئين الراغبين بالعوة إلى بلادهم”.
وذكرت الوكالة، أن عملية البناء، تتم بتنسيق بين هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، والمجالس المحلية التي أنشئت بدعم تركي.
ماذا عن التنفيذ؟
وضوح المزيد من التفاصيل من جانب وسائل الإعلام التركية نتج عنه أسئلة أخرى تتعلق بإمكانية تنفيذ هذه الخطوة على الأرض، وتوافقها مع الظروف الحالية، سواء أمنياً أو اقتصادياً أو سياسياً.
وركّزت آراء العديد من المحللين على أن الانتخابات القادمة في تركيا، هي الدافع الأول لهذا المشروع، بعد أن اتخذ المعارضون للرئيس التركي وحزبه، “ورقة اللاجئين” أساساً في تصريحاتهم ومواقفهم خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة.
وتزامنت التساؤلات حول الدافع إلى هذه الخطوة، مع تساؤل آخر يتعلق بإمكانية القدرة على تنفيذها، وإنجاحها.
وتحدث فاضل خانجي الباحث في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” عن “العديد من المعوقات وعلى مستويات مختلفة، يمكن أن تواجه الخطة الرسمية للعودة الطوعية”.
ومن هذه المعوقات، وفق خانجي، ما تُشير إليه أغلب الدراسات، واستطلاعات الرأي التي تم إنجازها مؤخراً، من عدم وجود رغبة لدى شريحة واسعة من السوريين بالعودة، في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي في المناطق التي يتم تأهيلها لاستقبال السوريين.
ويضف خانجي لموقع “السورية.نت” أن من المعوقات الأخرى، إشكالية غياب البنية التحتية في هذه المناطق، وهي التي تستضيف أساساً أعداداً كبيرة من النازحين داخلياً، “إذ تُعد إشكالية البنية التحتية، إضافة إلى الأمن الغذائي والمعيشي، من المعوقات أمام هذه الخطة”.
ويتابع: “يضاف إلى ذلك، عدم وجود مؤشرات حتى الآن، عن رغبة أممية بدعم مشروع عودة للاجئين على مستوى واسع، إذ لا تعتبر سورية منطقة آمنة للعودة، نظراً لعدم توافر الشروط اللازمة لذلك في الوقت الحالي”.
“الواقع.. يمنع العودة”
في غضون ذلك يرى الكاتب والصحافي السوري، فايز سارة أن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم “أمر غير ممكن من جانب تركيا، أو من جانب أي دولة فيها عدد كبير من اللاجئين”.
واعتبر سارة، في مقال نشرته صحيفة “الشرق الأوسط“، حول مشروع الإعادة “الطوعية”، بأن هناك موانع عملية لا تستطيع فعل ذلك، وهي تتصل بأوضاع البلد المعنيّ من جهة، والأوضاع المحيطة بالقضية السورية والواقع السوري من جهة ثانية.
وشدد في سياق متصل، بأن ما يمنع إعادة اللاجئين السوريين من الناحية الواقعية، سواء من جانب تركيا أو غيرها، وجود “أبعاد سياسية وقانونية وأخلاقية، لا يمكن تجاوزها أو اللعب بها”.
وضرب سارة مثالاً على ذلك، حالة لبنان، حيث “تخيل البعض أن لبنان بإمكانه القيام بذلك، وسط مجموعة معطيات مساعدة، في مقدمتها أنه محكوم بسلطة موالية لنظام الأسد، وأن الوجود السوري في لبنان محدود وهشّ”.
وأضاف في سياق وصف واقع السوريين في لبنان، وفشل محاولات إعادتهم: “السوريون بفعل معاناتهم الحياتية وظروفهم الاقتصادية والأمنية، يميلون أكثر للعودة إلى بلادهم، مع وجود بنية ميليشياوية شاركت في المقتلة السورية وبنية سكانية معادية ترتبط بـحزب الله (إيران)، إضافة إلى وجود ضغوط روسية، هدفها دفع لبنان لإعادة اللاجئين إلى سورية”.
وبحسب الكاتب السوري: “من البديهي استمرار بقاء السوريين في تركيا وغيرها من بلدان اللجوء، حتى وإن كان ضمن نظام الإقامة المؤقتة، الذي يوفر قدراً محدوداً من الحماية والرعاية للمقيمين أو في البلدان الأخرى”.
وختم رأيه، بالتشديد على أن نجاح مشروع “العودة الطوعية”، وعودة اللاجئين إلى بلادهم، سيظل محكوماً بالمعطيات الواقعية، وخاضعاً لظروف سياسية وقانونية وأخلاقية، و”أعتقد أنه لا يمكن لدولة، مهما كان وضعها وودوافعها، أن تقوم بمثل هذه العملية”.
“مخاوف”
ويأتي مشروع “العودة الطوعية”، في ظل تصاعد حدة التصريحات والمواقف الصادرة من مسؤولين ورؤساء أحزاب في تركيا، فيما يتعلق باللاجئين السوريين، خلال الأشهر الأخيرة.
وتثير تصريحات المسؤولين الأتراك قلق السوريين المتواجدين في تركيا، خاصة أن الأشهر القادمة هي تمهيدية للانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي ستشهدها تركيا سنة 2023، وعادة ما ترتفع الخطابات المعادية لتواجد السوريين في تركيا قبل تنظيم انتخابات.
وبين جدّية الحكومة التركية على تنفيذ الخطة وتحول اللاجئين السوريين إلى “ورقة استثمار” من قبل أحزاب المعارضة التركية يتخوف سوريون من أن تكون العودة “إجباراً لا طوعاً”.
لكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان كان قد أبدى موقفاً من ذلك، قبل أيام بقوله: “لن نرمي بالسوريين في أحضان القتلة”.