نشرت “الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين” الدروز في سورية بياناً علّقت فيه على الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة السويداء، ووجهت من خلاله خطاباً يخص النظام السوري، وتساؤلات بشأن المعتقلين والمغيبين قسراً.
وجاء البيان بعد موجتي احتجاج شهدتهما السويداء، خلال الأيام الماضية، الأمر الذي دفع النظام السوري لسلوك أمني بإطلاق الرصاص، ومن ثم تهديد من وصفهم بـ”الخارجين عن القانون”.
وبينما تطورت موجة الاحتجاج الأولى إلى أحداث إطلاق نار وحرق صور رأس النظام السوري بشار الأسد ومبنى المحافظة اقتصرت الموجة الثانية على “وقفات صامتة” في ساحة السير الشهيرة، رفع من خلالها المحتجون لافتات، حملت مطالب سياسية واقتصادية.
وقالت “الرئاسة الروحية” في بيانها الذي نشر، يوم الخميس، إن “الأحداث الأخيرة فسرت وكشفت للسوريين أجمع، ما يتم خلف الكواليس عند محاولات قمع الصادقين الوطنيين بتحريف مسراهم، وتكذيب طلباتهم وتغيير توجهاتهم عبر بث الشر بينهم، ويتم تلفيق تهمة التخريب إليهم”.
وأضاف: “نحن ندين كل مظهر من مظاهر العنف والتخريب والتدمير لمقدرات البلد والمنشآت الوطنية ولأموال الشعب، لذلك فنحن مصرون على كشف حقيقة الفاعلين والموجهين لهذا التخريب، وتعريتهم ومعاقبتهم أصولاً”.
وفي سياق منفصل وجهت “الرئاسة الروحية”، وهي رأس الهرم الديني لدروز سورية عبارات خصّت النظام السوري، إذ ذكر البيان: “نسأل ونتساءل مع الجهات المختصة، أين هم أبناؤنا المغيبون قسراً، الموقوفون في جهات ما، أما آن لهم أن يحالوا إلى القضاء إن كان عليهم شيء”؟
وتابع البيان: “ما أسباب توقيفهم، ماهي ذنوبهم؟ وان كانوا أبرياء فمن يحمل ذنب اعتقالهم ؟. وإن كانوا مدانين فلتتم المواجهة على معرفة الجميع، ومن عهدنا التسامح بالبسيط من ذنوب، وليأخذ كل إنسان جزاءه العادل. نريد الجواب الشافي إحقاقاً للحق وتهدئة النفوس”.
ورغم أن “الرئاسة الروحية” للدروز كانت قد أكدت، منذ عام 2021 على مطالب الشارع في محافظة السويداء السورية، إلا أن بيانها الجديد حمل لهجة غير مسبوقة، وخاصة من زاوية العبارات الموجهة للنظام السوري ضمناً.
وبعدما شهدت السويداء أحداث حرق مبنى المحافظة من قبل متظاهرين، وما تبع ذلك من إطلاق نار أسفر عن مقتل مدني ورجل شرطة انقسمت مواقف المشيخة الدينية بين 3 شخصيات.
و”مشيخة العقل” في السويداء هي عبارة عن هيئة روحية وزعامة دينية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.
وتعتبر مكانة المشايخ متوارثة، ولا يمكن أن تخرج المشيخة عن أسماء ثلاث عوائل (الهجري، الجربوع، الحناوي).
وإلى جانب حكمت الهجري الذي تنحصر مكانته الدينية في الريف الشمالي والشمالي الشرقي والريف الغربي للسويداء (دار قنوات)، يبرز اسم الشيخ حمود الحناوي في منطقة سهوة البلاطة في الريف الجنوبي للمحافظة.
علاوة على ذلك، يعد الشيخ يوسف الجربوع المسؤول عن دار الطائفة في مقام عين الزمان، ويتركز نفوذه الديني في مدينة السويداء والقرى الصغيرة المجاورة لها.
“دعم لمطالب المحتجين”
وكان الشيخ حمود الحناوي أحد أبرز رجال الدين في السويداء قد قال، مطلع الأسبوع الحالي، خلال لقائه مع عدد من الحتجين وقادة فصائل محلية، إن “ما تبقّى لي من أيام أعاهدكم وأعدكم بأنها ستكون معكم في طلباتكم الحقّة”.
وأضاف الحناوي، أنه كان دائماً يخاطب السوريين، بأن القضايا لا تحل “بالتكسير ولا بالتخوين ولا بالشتائم، إنما بسلامة الناس والمحافظة على الكرامة، بالتقدير لأهل التقدير”.
وطالب أحد الحاضرين الحناوي ومشيخة العقل بالنظر إلى مطالب الأهالي والعمل بكل وضوح والابتعاد عن المصالح الشخصية، محذراً من رد شباب الطائفة على ذلك بشرخ عاداتها وتقاليدها، وتبعثر أبنائها في حال لم تنظر المشيخة لمطالبهم وتعمل على تحقيقها.
بدوره نوه الحناوي، وفق ما نقلت شبكات محلية على أن “الوضع متفاقم بالنسبة لحاجات الناس وصاحب الحاجة أرعن”، مشيراً إلى أن “الأمور وصلت إلى درجة لا يمكن أن تقبل للتحمل. ظروفنا من أصعب الظروف في السويداء وهذا لا يبرر الغلط”.
وقبل ذلك، كانت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، الممثلة بالشيخ حكمت الهجري قد وصفت ما حصل في الموجة الأولى من الاحتجاج بأنها “حراك سلمي عفوي من شعب صامد هدّه الجوع والحاجة، وآلمته المزاودات واذته القسوة، وعدم الاستجابة لمطالبه المحقة من كل ما يعانيه من كل الجهات وعلى كل الجبهات”.