تحدثت وسائل إعلام أردنية عن تجاهل نظام الأسد للمطالب العربية، خاصة الأردنية، المتعلقة بكبح تجارة المخدرات وتسهيل عودة اللاجئين السوريين، عملاً بنتائج اجتماع عمّان التشاوري، الذي عاد النظام بموجبه للجامعة العربية مقابل تقديمه تسهيلات بملفات عدة.
وتحت عنوان “دمشق.. عندما تتذاكى على الأردن”، نشرت جريدة “الغد” الأردنية مقال رأي، أمس الثلاثاء، قالت فيه إن الأسد لا يزال يصر على إرسال رسائل “غير إيجابية” للأردن.
وذلك من خلال “التظاهر” بأنه يتعاون مع الأردن بخصوص الوضع الأمني على الحدود المشتركة، وتحديداً في ملف المخدرات.
وقال كاتب المقال، مكرم الطراونة، إنه حتى اليوم “لم تسفر الاجتماعات الأمنية بين عمان ودمشق عن أيّ نتائج بهذا الخصوص”.
مشيراً إلى أن الشيء الوحيد الذي تم إنجازه هو تنفيذ الطيران الحربي الأردني عملية داخل الأراضي السورية، استهدفت أحد كبار تجار المخدرات.
رسائل يتجاهلها الأسد
وبحسب الطراونة، الذي يعمل رئيساً للتحرير في جريدة “الغد”، فإن الأردن سلّم النظام السوري أسماء أربعة أشخاص من كبار تجار المخدرات، لاتخاذ إجراءات أمنية بحقهم.
لكن النظام لم يبدِ أي تعاون وتناسى الطلب الأردني “وكأنه لم يكن”، وفق قوله.
مضيفاً: “هؤلاء الأشخاص ما يزالون يعملون بحرية تامّة تحت سمع وبصر سورية التي تغض الطرف عنهم كلياً”.
واعتبر الكاتب أن النظام السوري يعلم أن الأردن يملك خيارات عديدة لوضع حد لهذه “المهزلة التي تهدد أمننا”.
وقال إنه رغم الدبلوماسية الأردنية التي تجتهد بالضغط على النظام ، لكن ذلك لم يؤتِ أُوكله حتى اليوم نتيجة “التذاكي السوري”.
لكنّ الأردن “لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما تقوم به سورية من تحايل في محاربة أوكار المخدرات وتجّارها”.
وشهدت الساحة العربية، خلال الأشهر الماضية، محادثات بين دول عربية ونظام الأسد، بملف تهريب المخدرات، أفضت إلى التطبيع معه.
وخلال اجتماع عمان، مطلع مايو/أيار الماضي، وافق النظام على المساعدة بتحديد مصادر إنتاج المخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية.
لكن شحنات المخدرات استمرت بالوصول إلى الأردن والسعودية، حيث أعلنت الدولتان ضبط عدة شحنات.
وهي محاولة من النظام كما يبدو، لـ”ابتزاز” دول الخليج وإبقاءه الورقة للمساومة عليها في أي مفاوضات تحصل مستقبلاً، بحسب تقارير سابقة لوسائل إعلام غربية.
بماذا يفكر الأردن؟
وجاء في المقال أن الأردن لا يزال ينتظر مليوني متر مكعب من المياه من سورية، منذ أكثر من عامين، بينما يماطل النظام بتنفيذ ذلك رغم الاتفاق بين الطرفين.
وأضاف: “المماطلة لهذه المدة الطويلة لا تعكس سوى تعنت سوري لا يمكن تفسيره بصورة إيجابية أبداً”.
واعتبر أن الأسد يرسل رسائل “غير مريحة” للجانب الأردني، رغم “الأعباء الكبيرة” التي تحملها الأردن خلال السنوات الماضية.
وقال: “ما يجري في الداخل السوري القريب من حدودنا يجعل من الصعب جداً الانتظار طويلاً حتى تقرر دمشق التحرك، إنْ كانت تفكّر بفعل ذلك أصلاً”.
مردفاً: “النظام السوري لا يريد أن يحل مشكلة اللاجئين، ولا يفكر في ذلك، كما لا يريد اتفاقاً بشأن الوضع المائي وتفعيل الاتفاقية المسبقة بين الأردن وسورية”.
وأيضاً “لا يقوى على وضع حد للمليشيات الإيرانية التي تتغلغل في سورية وتزداد تأثيراً وانتشاراً على الحدود مع المملكة”.
إضافة إلى “عدم تفاعله الإيجابي بخصوص تهريب المخدرات والأسلحة”.
وتساءل المقال عن الخطوات التي ينوي الأردن اتخاذها بهذا الصدد.
بقوله: “لا نعلم بماذا يفكّر الأردن لمواجهة ديمومة التذاكي السوري تجاه الملفات الرئيسة والمهمّة المتعلقة بالمملكة”.
لافتاً إلى أن تأمين نحو 378 كيلو متراً من الحدود هو أمر بغاية الصعوبة، “نظراً لحاجته لكوادر عسكرية ضخمة وآليات عديدة، تحتاج أموالاً طائلة”.
بانتظار الدعم الأمريكي
تحت عنوان “حرب الأردن على مخدرات سوريا تنتظر دعماً أمريكياً”، كتبت صحيفة “اندبندنت عربية” مقالاً تحدثت فيه عن الدور الأمريكي في دعم الأردن بحربه هذه.
ونقلت عن اللواء السابق في الجيش الأردني، مأمون أبو نوار، قوله إن الأردن بحاجة لدعم من حلفائه ولجهد دولي وإقليمي.
مضيفاً أن “مشكلة تهريب المخدرات السورية لم تعد أردنية، بل طاولت أمن المنطقة كلها”.
واعتبر أن وجود مشاركة فعلية للقوات الأميركية في الحرب ضد تهريب المخدرات عبر قاعدة “التنف”، يمكن أن يسهم في ضربات استباقية استخبارية.
وأضاف أن أي تنيسق بين الأردن والولايات المتحدة بهذا الخصوص سوف يندرج تحت اتفاق الدفاع المشترك الموقّع عام 2021 بين الجانبين.
وينص الاتفاق على وجود قوات أميركية على الأراضي الأردنية “بهدف مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة وتعزيز استقرار الأردن”.
لكن بحسب أبو نوار يمكن أن يتركز الدعم الأمريكي عبر تقديم معدات متطورة للكشف المبكر عن شبكات التهريب وأداوتها، خاصة الطائرات المسيّرة والسيطرة عليها، إضافة إلى تدريبات وتمويلات مالية.
معتبراً أن توجيه ضربة عسكرية مباشرة أمر “مستبعد”، بسبب الوجود الإيراني وتعقيدات المشهد السوري، حسب تعبيره.