“رسالة مشفرة”.. دلالات إسقاط الأردن طائرة “TNT” قادمة من سورية
بالكاد جف الحبر على إعلان عربي بشأن التعاون في مكافحة المخدرات مع النظام السوري عندما أعلن الأردن هذا الأسبوع أن قواته اعترضت طائرة مسيرة أخرى قادمة من سورية.
وعلى عكس المضبوطات السابقة للمخدرات المحمولة جواً، على طائرات بدون طيار تجارية صغيرة، قال الجيش الأردني في بيان إن “هذه كانت تحمل متفجرات من مادة تي إن تي”.
ويمثل الإعلان، يوم الأربعاء، تصعيداً في حرب المخدرات المستمرة منذ عامين، حيث حرضت قوات الأمن الأردنية في مواجهة عصابات متمركزة في المناطق الخاضعة لسيطرة رأس النظام السوري، بشار الأسد جنوبي البلاد.
ويقول المحلل الأمني الأردني سعود الشرفات إن الطائرة بدون طيار كان من الممكن أن تكون قيد التشغيل التجريبي “لمعرفة ما إذا كانت القوات المسلحة الأردنية قادرة على السيطرة عليها” أو كانت تهدف إلى “أشخاص معينين لارتكاب أعمال إرهابية”.
وعلى عكس باقي دول المشرق العربي، فإن الحصول على المتفجرات في الأردن “أمر صعب”، حتى للاستخدام المشروع، كما هو الحال في مقالع الصخور، كما يقول شرفات، لمجلة “ذا ناشيونال“.
ومن خلال الإعلان عن مصادرة مادة “تي إن تي”، يرى أن الأردن أرسل “رسالة مشفرة” إلى القوى الإقليمية مفادها أن مشكلة الحدود مع سورية تتطور إلى تهديد أمني خطير للمملكة.
كما يشير شرفات الذي يرأس مركز شرفات لدراسات العولمة والإرهاب في عمان إلى البداية المحتملة لـ “بناء البنية التحتية للأسلحة لزعزعة استقرار الأمن الأردني”.
“منطقة مليشيات”
وأصبح جنوب سورية مركزاً رئيسياً لعبور وتصنيع المخدرات بعد أن استعاد قوات الأسد وجماعة “حزب الله” اللبناني وغيرها من الميليشيات الموالية لإيران المنطقة في عام 2018.
وأصبح توطيد سيطرتهم ممكناً من خلال صفقة بين واشنطن وإسرائيل وموسكو، والتي أسفرت عن سحب الدعم الغربي والعربي من فصائل “الجيش الحر” التي كانت تحارب الأسد.
ويقول الأردن إن “الجيش السوري والميليشيات المتحالفة مع إيران يشرفون على تدفقات المخدرات”، وخاصة حبوب الكبتاغون الأمفيتامينية، وهي أكثر أنواع المخدرات المربحة التي تعبر الحدود.
وفي يناير 2020، بدأ الجيش الأردني في تشديد رده على التهريب من خلال الرد بسرعة أكبر والرد بمزيد من القوة النارية، حيث أرسلت الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون مئات الملايين من الدولارات لتحديث دفاعات الأردن الحدودية.
في نفس العام، شرع الأردن في التقارب مع الأسد، ودعم إعادة قبول النظام السوري في جامعة الدول العربية في مايو الماضي.
“الأسد ينكر”
وفي مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، قال الأسد إن نظامه لا علاقة له بتهريب المخدرات، وألقى باللوم في انتعاش المخدرات على دول مجاورة لم يذكرها، وقال إنها بثت الفوضى في سورية.
بعد ذلك التقى وزير خارجيته، فيصل المقداد، يوم الثلاثاء بممثلي لجنة جامعة الدول العربية – السعودية ومصر والأردن والعراق ولبنان – التي تشكلت في مايو لمتابعة مسار التطبيع.
وجاء في بيان رسمي عقب الاجتماع أن الدول الخمس “تتطلع إلى استمرار وتكثيف” التعاون في مكافحة المخدرات مع دمشق.
ولم يقدم الجيش الأردني أي تفاصيل عن الطائرة المسيرة، باستثناء القول إن أعضاء في سلاح المهندسين تعاملوا مع الموقف.
بدوره قال عضو في المعارضة السورية، لديه اتصالات في الأردن إن 600 مهرب على الأقل على الحدود مع الأردن يمتلكون طائرات تجارية صينية الصنع صغيرة بدون طيار من النوع الذي يُرجح أنه كان يحمل مادة “تي إن تي”.
وأشار إلى أن الـ 600 مرتبطون بدمج من “قوات الأمن السورية والميليشيات الموالية في المنطقة الحدودية”.
وأضاف:”كان بإمكان أي منهم تحميل الطائرة بدون طيار بمادة تي إن تي، دون أي وسيلة لربط المتفجرات بالنظام”، مشيراً إلى أن “استراتيجية النظام هي ممارسة المزيد من الضغط على الأردن، وأنه يمكننا أن نفعل المزيد لك، وليس فقط المخدرات”.