رمضان بإدلب..حنينُ النازحين لبلداتهم و”كورونا” زاد الطينَ بلة(صور)
أطلَّ شهر رمضان، هذا العام، على أهالي إدلب، وسط ظروف توصَفُ بـ”الأصعب”، على سكان الشمال السوري؛ تشترك فيها عوامل النزوح والفقر وإجراءات “كورونا” ومصاعبها، مع حنينٍ لرمضاناتٍ مضت.
يطرح ضياء من سكان مدينة كفرنبل، عرضاً على قوات النظام، في أول أيام رمضان قائلاً:”كل ما أتمناه أن أعود إلى أجواء الضيعة في رمضان وأعيشها مرة أخرى كما كانت، ثم ليُخرجونا منها مرة أخرى، أو ربما نخرج لوحدنا”.
يفتقد الشاب الثلاثيني، الذي يقيم حالياً، في مخيم عشوائي قرب بلدة سلقين، إلى ازدحام أسواق كفرنبل، و”المعروك، وأصوات باعة السوس والتمر الهندي، ونزهة الدراجات النارية قبيل آذان المغرب”.
ويضيف بينما يجلس في خيمته لـ”السورية نت”:”أشتاق فعلاً لكل عاداتنا في رمضان التراويح، جمعة الشباب، أصوات القهاوي، أجواء السحور، السهرات العائلية ،أعيش خسارة هذه الأشياء الجميلة في كل ساعة برمضان”.
ولائم غائبة
لم تكن مرارة النزوح، والحنين إلى ذكريات أجواء رمضان، هي الوحيدة التي تثقل كاهل النازحين السوريين في مخيمات الشمال السوري، حيث أدى إغلاق المعابر التجارية، واجراءات مواجهة “كورونا”، وانهيار سعر صرف الليرة السورية، إلى معاناةٍ إضافية تمثلت بارتفاع الأسعار، لمستويات قياسية.
فاللحوم والخضروات والمواد الغذائية الأساسية، التهبت أسعارها، مع بداية رمضان، وهو ما زاد من الأعباء الملقاة على كاهل الأسر، التي تعيش معظمها تحت خط الفقر.
هذه الصعوبات المادية، انعكست بشكل واضح على مائدة السوريين، وتقاليدهم الرمضانية هذا العام، كما يؤكد ابراهيم رزوق من أهالي بلدة طيبة الإمام بحماه. ويقول الرجل الأربعيني، لـ”السورية نت”، عن أجواء رمضان هذا العام:” كان من عاداتنا تجهيز مونة رمضان قبل مجيئه؛ نشتري الأجبان والألبان والمواد الغذائية واللحوم والخضروات بكميات كبيرة. هذه تقاليد
لطالما أذكرها منذ كنت صغيراً، أما اليوم فأمر في السوق أنتقي من كل نوع حبتين أو ثلاثة من الخضار، لإتمام الطبخة، أما اللحوم فقد نسيناها تماماً.. الكيلو بـ 12000ليرة”.
ويكمل رزوق، المقيم حالياً في مخيم الأنصار، غرب إدلب :” رغم نزوحي منذ سبع سنوات، لكن هذا العام هو الأسوأ الذي نمر فيه، من حيث الظروف الاقتصادية والمعيشية. الأعمال توقفت بسبب أزمة “كورونا” والمنظمات والمطابخ الرمضانية التي كانت تساعد أبناء المخيمات في رمضان، معظمها توقف أيضاً”.
عبد الرحمن حلاق (36 عاماً) وهو صاحب بقالية في مدينة إدلب، قال لـ “السورية نت”، إن أجواء رمضان هذا العام كانت “باردة جداً لم يسبق أن عشت مثلها، ليس هناك الكثير من البيع على عكس المعتاد، تشعر وكأننا في أيام عادية، الجميع يريد أن يؤمّن طبخته بأقل الأسعار، اختفت ولائم الشهر الفضيل وأصبح الجميع يحسبون ما يشترونه بدقة كبيرة، يأتي الزبون يسأل عن الأسعار وينتقي أرخصها وأقلها كلفة وبأوزان محدودة.. لم نعتد رمضان هكذا”.
غياب عادات أساسية
تغيّر الأحوال المادية للأهالي، أدى لاستغناء عدد كبير منهم هذا العام، عن عاداتٍ رمضانية أساسية، فمعظم السكان يقنونَ مصاريفهم للحد الأقصى.
ويقول عبد الله بطال، وهو صاحب محل حلويات في مدينة إدلب، لـ”السورية نت”، إن “سعر المعروك الرمضاني هذا العام يباع بضعف سعره عن العام الماضي نتيجة ارتفاع أسعار الطحين والتمر وبقية المواد المستخدمة في صناعة هذه المعروك”، مضيفا أن “المعروكة الواحدة التي كانت تباع العام الماضي بـ200 ليرة أصبح ثمنها هذا العام 500 ليرة والكثير أصبح يعتبرها من الكماليات ولا يشتريها”.
تراجع الإغاثة
خلال كل عام، يعتبر شهر رمضان، شهر الإحسان، إذ فيه تزداد التبرعات، وتتنشط معها المنظمات الاغاثية في تقديم خدماتها لعشرات آلاف العائلات المستفيدة، إلا أن ظروف العام الحالي، مع إجراءات التصدي لـ”كورونا”، وإغلاق المعابر(شريان حياة الشمال)، وتوقف الأعمال، أثر بشكل سلبي على النشاط الخيري الرمضاني.
وفي هذا السياق، أكد تقرير صدر عن فريق “منسقو استجابة سوريا” مؤخراً، أن الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات العاملة في محافظة إدلب، للسكان المدنيين في المنطقة، تراجعت بشكل ملحوظ خلال رمضان الحالي.
وذكر “منسقو الاستجابة”، أن من أهم أسباب تراجع الاستجابة الانسانية لأهالي الشمال السوري، هو ضعف التمويل اللازم لتمويل هذا النوع من المشاريع.