تتواصل التحليلات حول خلفيات وخفايا عودة النظام السوري لمقعد سورية في الجامعة العربية، بعد إجماع عربي على إلغاء تجميد عضويته خلال السنوات الـ12 الماضية.
وسلطت تقارير غربية الضوء على تلك العودة، التي ستتجسد رسمياً في حال شارك رئيس النظام، بشار الأسد، بالقمة العربية المقبلة المنعقدة في الرياض في 19 مايو/ أيار الجاري، بعد توجيه دعوة رسمية له من قبل العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، أمس الأربعاء.
“رهان كارثي” على الأسد
وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية اعتبرت أن عودة النظام السوري للحضن العربي ومحاولات تأهيله مجدداً، هي “انتصارٌ للمصلحة على التجربة والأخلاق والحكمة الإستراتيجية”.
وقالت في مقال رأي للكاتب بوبي جوش، أول أمس الثلاثاء، إن العرب يخاطرون بـ “رهان كارثي” على الأسد، الذي لن يستجيب للمطالب والشروط العربية.
وفي تقرير آخر، أمس الأربعاء، قالت الوكالة الأمريكية إن عودة الأسد للحضن العربي تعكس تحولاً أوسع يتجلى في الشرق الأوسط.
واعتبرت أن الحكومات الخليجية خلصت إلى أن عنوان “النفط مقابل الأمن”، الذي حدد علاقاتها مع الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، قد انتهى.
وأضافت: “بعد أن فشلوا في التأثير على السياسة الأمريكية بشأن برنامج إيران النووي وانتشار الميليشيات المتحالفة معها من لبنان إلى اليمن، فإنهم يرسمون طريقهم ويبنون علاقات أقوى مع خصوم الولايات المتحدة بما في ذلك روسيا والصين”.
انعطافة لـ”الربيع العربي”
أما صحيفة “بوليتيكن” الدنماركية اعتبرت أن عودة النظام السوري للساحة العربية لن تؤثر على القرار الغربي، الذي لا يزال مصمماً على مقاطعة الأسد وعزله دولياً، حسب قولها.
وأضافت أن عودة الأسد لـ “حرارة الأنظمة العربية” ليست إلا انعطافة أخرى في مسار الربيع العربي، الذي انطلق أواخر عام 2010، وشمل دولاً عدة من بينها تونس ومصر وليبيا، دون أن تتحقق مطالب “الديمقراطية” التي خرجت بها الشعوب هناك.
وبحسب الصحيفة، فإن الأنظمة العربية “المستبدة” التي طالها الربيع العربي، استفادت من تحول الثورات إلى “حروب أهلية”، من اليمن إلى سورية وليبيا، وفي أفضل الأحوال استُبدِلت بمفاوضات سلام مؤخراً.
وتابعت: “رقبة الأسد تحت ضغوط كبيرة رغم العودة إلى الجامعة العربية.. لأن خياره العسكري والقمعي هو المفضّل، بعد أن أصبح مجرم حرب وتاجر مخدرات، وأحال بلده إلى خراب، بدل تبني الديمقراطية لشعبه”.
ماذا وراء العودة؟
وكالة “أسوشيتد برس” اعتبرت أن قرار جامعة الدول العربية بإعادة قبول النظام السوري، هو انتصار “رمزي مهم” لدمشق، وجزء من إعادة الاصطفاف الإقليمي الأكبر، ومؤشر على تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأضافت في تقرير لها، الاثنين الماضي، أنه بعد سنوات من جمود الحرب في سورية، بدا من الواضح أن إسقاط المعارضة السورية للأسد يكاد يكون مستحيلاً، خاصة مع فشل المسارات السياسية بإحداث أي خرق يُذكر لحل الملف السوري.
وبالتالي فإن الحكومات العربية التي ربما كانت تأمل سابقاً بإسقاط النظام، تقرر الآن أنه من الأفضل التواصل معه.
من جانبها، قالت رندا سليم، مديرة برنامج حوارات المسار الثاني وحل النزاعات، للوكالة الأمريكية إن “إلغاء أولوية الولايات المتحدة للشرق الأوسط وخاصة ملف سورية دفع الجهات الفاعلة الإقليمية إلى إبرام صفقات خاصة بها مع دمشق، على الرغم من اعتراضات واشنطن”.
وأضافت أنه على المستوى الرمزي، تشير عودة النظام بالنسبة للمعارضين السوريين إلى أنهم “تركوا وحدهم”، وتؤكد للنظام أن استراتيجية الأرض المحروقة في الحرب قد نجحت.
ومع ذلك اعتبرت سليم أن المعقد العربي في الجامعة العربية “ليس بهذه القوة”.
وبالحديث عن شروط عربية للنظام، حول الحل السياسي ومحاربة تهريب المخدرات وتسهيل عودة اللاجئين، قالت مديرة مركز “كارنيغي” مها يحيى، إنه من غير المرجح أن يلبي النظام مطالب الدول العربية.
وختمت بالقول: “بصراحة، لا أعتقد أن هذه الخطوة (عودة النظام للجامعة العربية) ستفتح أبواب الدعم لسورية”.