سوق الأدوية في مدينة الباب تحت المُراقبة: سحبٌ وإتلاف..وآليات متواضعة
يُصدر المجلس المحلي ومديرية الصحة في مدينة الباب تعميماً، بين الحين والآخر، يقضي بمنع تداول نوع معين من الأدوية، تحت طائلة المساءلة القانونية، مُرجعاً الأمر لأسباب عدة يسعى من خلالها الطرفان، إلى ضبط حالة الفلتان النسبي المهيمنة على الأسواق، خاصة فيما يتعلق بالأدوية المستوردة.
ولكن تكرر صدور التعميمات، مؤخراً، بشأن منع بيع وشراء أنواعٍ معينة من الأدوية، يُسلط الضوء على الجهود المبذولة لضبط سوق الأدوية في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، ويثير تساؤلات حول المعايير التي تتبعها مديرية الصحة لحظر دواء محدد، والآلية المُتبعة في ممارسة الرقابة على الأسواق.
معايير “مدروسة” لسحب وإتلاف الأدوية
بتاريخ 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أصدر مجلس محلي الباب، بالتعاون مع مديرية الصحة، تعميماً يقضي بسحب وإتلاف دواء “بارامول” للأطفال، إنتاج شركة “كيمي للصناعات الدوائية” يحمل رقم التحضيرة “3”، مطالباً كافة المستودعات والصيدليات والمشافي والمراكز الصحية بإتلاف المستحضر وعدم تداوله، تحت طائلة المساءلة القانونية.
سبب الإتلاف هو ورود شكايات عدة من قبل الأهالي والأطباء، على هذه العينة من الدواء التي تُستخدم كمسكن للآلام وخافض للحرارة، وذلك عقب ظهور آثار جانبية على الأطفال، مثل الطفح الجلدي والإرهاق العام، حسبما ذكر مدير صحة الباب، الدكتور كاظم الحمود.
الحمود، قال في حديث لموقع “السورية نت”، إن شكل السائل الذي تحويه عبوات “بارامول نُقط” كان شائباً وغير طبيعي، ولدى إجراء الفحوصات اللازمة للدواء تبين أنه غير مطابق للمواصفات، ما استدعى إصدار تعميم بالتعاون مع المجلس المحلي ونقابة الصيادلة، لسحبه من الأسواق وإتلافه.
وسبق أن أصدرت المديرية تعميماً، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بمنع تداول مستحضر “أوغمانت 312” إنتاج شركة “شفا”، كما أصدرت تعميماً آخر في سبتمبر/ أيلول الماضي، بمنع بيع وتداول مستحضر “أسبرين هيومن 81 ملغ”، ومستحضر “فيتا- ث 1000 ملغ”، بسبب عدم مطابقتها للمواصفات وتخرّب واضح في العديد من العينات.
وتعليقاً على ذلك، تحدث مدير صحة الباب، الدكتور كاظم الحمود، عن معايير “مدروسة” تتبعها المديرية قبيل حظر تداول نوع معين من الأدوية، أولها الشكل الظاهر للدواء، أي في حال شعرت لجنة الرقابة النقابية بوجود شوائب في العينة الدوائية، تُرسل العينة إلى المخابر في إدلب، لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات.
والأمر الثاني هو صدور تعميم سابق من قبل مخابر في إدلب، بمنع بيع وتداول دواء معين، حيث يتم اعتماد هذا التعميم في مدينة الباب وما حولها، على اعتبار أن العينة خضعت لفحوصات من قبل خبراء ومختصين.
وأضاف مدير الصحة لـ “السورية نت”، أن المعيار الثالث الذي يتم العمل به، هو رصد الأطباء وجود آثار جانبية غير طبيعية لنوع من الدواء، حيث يتم فحص عينة منه في المخابر، وفي حال ثبت وجود إشكاليات، يصدر تعميم بسحبه من الأسواق وإتلافه.
وتابع: “من خلال تجاربنا، ثَبُت أن كل دواء يتم إيقافه كان فعلاً يسبب مشاكل وتأثيرات جانبية، إذ نعتمد دائماً على مبدأ الشك والاحتياط، خاصة أن معظم الأدوية يكون لها بدائل من شركات أخرى”.
وفي هذا الإطار، قال رئيس مجلس محلي الباب، جمال العثمان، لـ “السورية نت”، إن المجلس يتعاون مع مديرية الصحة ونقابة الصيادلة في المدينة، في حال أرادت إصدار أي تعميم، مشيراً إلى أنه في حال ثبت انتهاء صلاحية نوع من الأدوية أو عدم مطابقته للمواصفات أو وجود تخرّب واضح في العينات، يتم منع تداوله في المدينة بموجب تعميم صادر من قبل المجلس أيضاً.
جهود محلية لضبط سوق الأدوية
تعتمد مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، على استيراد الأدوية من تركيا بشكل رئيسي، في حين يتم جلبها في بعض الأحيان من مناطق سيطرة النظام وإدلب، حسبما أوضح مدير صحة الباب، كاظم الحمود، لـ “السورية نت”.
الحمود قال إن العاملين في مديرية الصحة يبذلون جهوداً كبيرة في ممارسة الرقابة على الأدوية التي تدخل عبر المعابر، حيث ترسل المديرية لجنة إلى المعبر قبل دخول الشحنة الدوائية، وذلك لمراقبة صلاحية انتهاء الدواء، ومنع إدخال الأدوية الممنوعة، خاصة التي تحوي تركيبة مخدرة، مؤكداً أن اللجنة لا تسمح بدخول أي شحنة إلا إذا كانت مطابقة للمواصفات بالكامل.
وأضاف: “العاملون في مديرية صحة الباب يبذلون جهوداً جبارة لضبط سوق الأدوية، وذلك بسبب الفوضى الحاصلة، وتحول الأمر إلى تجارة، ما دفعنا إلى اتخاذ إجراءات مشددة”.
وعن تلك الإجراءات، قال الحمود إن المديرية اتخذت عدة تدابير لمنع المتاجرة بالأدوية، ومن بينها إصدار سجلات بالأدوية النفسية وتعميمات بالأدوية الممنوع تداولها (التي تحوي مخدر)، كما ألزمت الصيادلة بعدم صرف الأدوية دون وصفة، والاحتفاظ بالوصفات وسجلات الأدوية النفسية، التي يجب أن تكون مختومة من قبل الطبيب أو المشفى.
كما تُجري لجنة من مديرية الصحة جوالات دورية على الصيادلة، بحسب الحمود، الذي أشار إلى أنه في حال وجود دواء شارفت صلاحيته على الانتهاء، يتم تحذير الصيدلاني وإلزامه إمّا بإعادة الدواء إلى المستودع خلال أسبوع، وإحضار ورقة مختومة من المستودع، أو إرسال العينات التي شارفت صلاحيتها على الانتهاء إلى مديرية الصحة، حيث يتم إتلافها هناك.
ومع ذلك، يرى مدير صحة الباب أن الرقابة الممارسة على سوق الأدوية بحاجة إلى تطوير، مشيراً إلى الحاجة الملحة لوجود أجهزة حديثة لفحص الأدوية في المخابر، إذ لا تملك المديرية الميزانية الكافية لجلب هذه الأجهزة على اعتبار أنها مرتفعة الثمن، ويحتاج الأمر إلى استثمار من قبل أحد المستثمرين في المدينة، على حد تعبيره.