شهود عيان يروون أجواء “التسويات” الجديدة في ريف دمشق
تواصل سلطات نظام الأسد، إجراء عمليات “التسويات الأمنية”، داخل مناطق عديدة في محافظة ريف دمشق، حيث أعادت فتح هذا المسار مُجدداً في 26 مايو/ أيار الماضي.
وقال مراسل “السورية.نت” في ريف دمشق، إن المئات من أبناء المحافظة، سجلوا أسمائهم فعلاً، وهم مطلوبون لأجهزة النظام الأمنية بتهمٍ مختلفة، وبالتالي يأملون عبر “التسوية”، برفع أسمائهم من قائمة “المطلوبين”، وهو ما يمكنهم “إن تم فعلاً من التحرك بحرية وعبور حواجز قوات النظام دون عوائق”.
كيف تتم العملية؟
يروي “م.ج” المتقدم لـ”التسوية” في بلدة كناكر بريف دمشق الغربي، تفاصيل العملية التي بدأت عندما طلبت منه لجنة “المصالحة” عقب تسجيل اسمه، التوجه إلى مقر اللواء 121 المتاخم للبلدة من جهتها الشمالية.
ويتابع في حديثه لـ”السورية نت”:”وصلنا إلى مدخل اللواء، وكان في استقبالنا 3 من عناصر الفرع 220 التابع للأمن العسكري، وهم يرتدون بدلات سوداء ممهورة بشعار مكافحة الإرهاب، وعمدوا إلى ترتيبنا في طابور، لنقلنا عبر حافلة إلى قاعة التسوية، وعرضنا على المفتش الأول”.
وفيما يتعلق بالأسئلة الرئيسة التي طرحت من قبل المحققين، ذكر بأنها تركزت بشكل خاص حول “مشاركتي في المظاهرات، وماذا قدمت للمُسلحين، وأين مخازن السلاح ومواقع احتجاز المخطوفين، إضافة للبحث عن معلومات حول منظمة الدفاع المدني، والتي يسمونها بالخوذ البيضاء العميلة”.
وأضاف:”لكن أكثر ما لفت انتباهي، غياب الأسئلة المتعلقة بالجرائم الجنائية، مثل تجارة المخدرات والسرقات المنتشرة بكثرة في المنطقة، وكأنّها لا تعنيهم أبداً”.
“توجيهات بتنفذ الأوامر”
أجرى مراسل “السورية.نت”، مقابلات مع عدد من المتقدمين على “التسوية الأمنية” في ريف دمشق بأوقات مختلفة، وجميعهم أكدوا أنّ تعامل عناصر وضباط النظام مع المتقدمين لـ”التسوية”، مختلف عن التجارب السابقة.
وحول وجه الاختلاف، أجمعت أغلب آراء شهود العيان ممن التقاهم مراسل “السورية.نت”، على أن ترحيب الضباط بالمتقدمين لـ”التسوية” كان مبالغاً فيه، بخلاف ما جرى في “تسويات” مضت.
وقال المراسل، إن مشادات كلامية حصلت في بعض جلسات “التسوية”، بين “مطلوبين” ومحققين من أجهزة أمن النظام، لكنها انتهت باحتواء الضابط المسؤول عن العملية للمُشكلة، إذ كان واضحاً جسب شهود العيان، وجود تعليماتٍ عند الضياط بإتمام عمليات “التسويات والمصالحات” دون عوائق.
ونقل مراسل “السورية.نت” عن مصادر من لجان “المصالحة” في ريف دمشق الغربي قولها، إن “توجيهاتٍ وصلت للمسؤولين عن التسوية في كل منطقة، تفيد أن إنجازها بأي شكل ليس خياراً، بل هو بمثابة أمرٍ يقضي بإنهاء ملاحقة نحو 90% من المطلوبين في المحافظة، مع العمل على إبعاد البقية إلى الشمال السوري في حال رفضهم شروط هذه التسويات الشاملة”.
استئناف بعد توقف
ويتبع نظام الأسد منذ سنوات، سياسة “التسويات”، في المناطق التي أخضعها بعد أن خرجت عن سيطرته، وغالباً تجري برعاية ضباطٍ روس، كما جرى في درعا وغوطة دمشق الشرقية ومناطق في دير الزور وغيرها، بينما تنفذها أجهزة النظام الأمنية عبر وجهاء محليين في مناطق أخرى مثل ريف دمشق الغربي.
ويستهدف مسار “التسويات” بشكل أساسي، المنشقين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية في قوات النظام، والمدنيين “المطلوبين” للأجهزة الأمنية بتهم تتعلق بنشاطاتهم المناهضة للنظام سابقاً، على أن يُمنح كل شخص ينخرط في “المصالحات”، بطاقة “تسوية”، تتيح له التنقل داخل مناطق البلاد الخاضعة لسيطرة النظام، وبالتالي كف البحث الأمني الصادر بحقه.
ويعمل نظام الأسد مؤخراً، على إعادة تفعيل “التسويات” في عموم المناطق السورية الخاضعة لسيطرته، فبعد دير الزور والرقة وصلت هذه العمليات في الأيام الماضية إلى ريفي دمشق وحلب.
وتتضارب الروايات بشأن هذه العمليات، إذ بينما يقول نظام الأسد إنها ترتبط بـ”مراسيم العفو”، يشير مراقبون إلى أنها تندرج كمحاولة من الأخير لإظهار مناطق سيطرته على أنها “آمنة وبعيدة عن التوتر”.