قالت صحيفة “غارديان” البريطانية إن الضربات الجوية الأخيرة، التي نفذتها دول عدة فاعلة في سورية، تشير إلى “حقبة جديدة” لأصحاب المصلحة الرئيسيين في “الصراع السوري”.
وفي تقرير لها، اليوم الثلاثاء، قالت الصحيفة إن الأيام القليلة الماضية كانت “مُرهقة” أكثر من أي وقت مضى، بالنسبة لمراقبي حركة الطيران في سورية، حيث نفذت 3 دول غارات جوية في المجال الجوي السوري.
وشنت كل من تركيا وروسيا وإسرائيل غارات جوية في سورية، خلال الأيام القليلة الماضية، في إشارة إلى إمكانية التصعيد على 3 جبهات منفصلة.
ثلاث قوات جوية
صباح السبت الماضي، استهدفت غارات جوية إسرائيلية عدة مواقع على طول الساحل السوري وفي قلب سورية، وسمع دوي انفجارات في مدن اللاذقية وحماة وحمص، حيث أعلن النظام السوري عن مقتل أربعة جنود، في أحدث سلسلة من الضربات الإسرائيلية ضد أهداف مرتبطة بإيران.
ويُعتقد، بحسب تقرير “غارديان” أن القصف استهدف مكونات لأسلحة متطورة موجهة إلى “حزب الله” في لبنان، الذي تنظر له إسرائيل على أنه قمة المصالح العسكرية الإقليمية لإيران، ويشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل.
وأعقب ذلك غارات جوية تركية، الأحد الماضي، استهدفت مواقع كردية في شمال شرق سورية، قبل تهديدات أطلقها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رداً على تفجير اسطنبول، وبعد ساعات من تصريحاته، أطلق مسلحون أكراد صواريخ عبر الحدود، ما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة 10 آخرين في بلدة حدودية تركية.
بموازاة ذلك، قصفت طائرات روسية، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين الماضي، مناطق ريفية في إدلب بالقرب من الحدود التركية، ومواقع مدنية بالقرب من مخيمين للاجئين.
ويُعتقد أن طيران النظام السوري شارك في القصف الروسي، حيث هاجمت الطائرات الروسية مراراً مواقع في مناطق خارجة عن سيطرة النظام، مدعية أنها تدعم “الإرهابيين”، لكن الهجمات أصابت في الغالب أهدافاً مدنية.
المصالح الإقليمية “على المحك”
بحسب تقرير “غارديان”، يُنظر إلى الضربات الجوية التركية داخل سورية على أنها مقدمة لغزو بري، يمكن من خلاله ربط جرابلس التي تسيطر عليها تركيا، ببلدة تل أبيض.
وربطت أنقرة تلك الهجمات بتفجير اسطنبول، الأسبوع الماضي، الذي أسفر عن مقتل 6 مدنيين وإصابة العشرات، واتهمت تركيا “حزب العمال الكردستاني” بالوقوف ورائه.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن تلك الغارات “عززت على مدى السنوات الثلاث الماضية موطئ قدم تركي في المنطقة، مما حقق جزئياً هدف أنقرة المتمثل في إبعاد الأكراد عن حدودها”.
ويعتبر المسؤولون الأتراك وجود “حزب العمال الكردستاني” في شمال شرق سورية، حاضنة للتمرد الذي تحاربه تركيا منذ أربعة عقود، ضد المتمردين الأكراد في جنوب شرق تركيا، والذين يريدون تشكيل دولة مستقلة.
وبحسب “غارديان” فإن التطورات الأخيرة قد تكون بمثابة “حقبة جديدة” لأصحاب المصلحة الرئيسيين في سورية، وهم: تركيا التي دعمت فصائل المعارضة السورية، وروسيا التي دعمت الأسد من موقع معركة ميؤوس منها إلى نصر باهظ الثمن، وإسرائيل التي لعبت دور الضربة القاضية لإيران داخل سورية.
ونقلت الصحيفة عن مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز الأبحاث “تشاتام هاوس”، لينا الخطيب، أن “الحرب في سورية تواجه مخاطر بأن تصبح صراعاً منسياً”.
لكن الضربات الجوية المستمرة من قبل تركيا وروسيا وإسرائيل تُظهر أن المصالح الإقليمية “لا تزال على المحك”، حيث تستهدف كل دولة من الدول الثلاث خصومها لمنع تعزيز نفوذهم في سورية، بحسب الخطيب.
وأضافت: “هذا بمثابة تذكير بأن الصراع السوري ليس صراعاً منعزلاً ولا حرباً أهلية.. لطالما لعبت المصالح الإقليمية والدولية دوراً، إذ تهدف الغارات التركية والروسية والإسرائيلية المتكررة إلى حماية تلك المصالح”.