يواجه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ضغوطاً داخلية من أجل حماية القوات الأمريكية العاملة في الشرق الأوسط، والتي تعرضت مؤخراً لهجمات عدة.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن على بايدن الموازنة بين حماية القوات الأمريكية في سورية والعراق، وبين الرد على هذه الهجمات دون الانجرار لخطر صراع أكبر.
وفي تقرير لها، اليوم الخميس، قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن بايدن “يواجه ضغوطاً متزايدة لضرب وكلاء إيران الذين هاجموا وأصابوا بشكل متكرر القوات الأمريكية في العراق وسورية هذا الشهر”.
ونقلت عن مسؤولين أمريكيين أن بايدن “يدرس أي قرار للانتقام، في ظل مخاوفه الأوسع من أن الحرب في غزة قد تكون على شفا الانفجار في عاصفة قد تشمل المنطقة بأكملها”.
ويأتي ذلك بعد تزايد الهجمات ضد القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط خاصة في سورية والعراق، خلال الأسبوع الماضي.
إذ أعلن البنتاغون عن إصابة 20 جندياً أمريكياً في 14 هجوماً جوياً استهدف القواعد الأمريكية في سورية والعراق خلال الأيام الثمانية الماضية.
ورغم قيام واشنطن بتعزيز قوتها ومعداتها الدفاعية في الشرق الأوسط، طالب الجمهوريون في الكونغرس الرئيس الأمريكي بالرد على تلك الهجمات.
واعتبر الجنرال الأمريكي جوزيف فوتيل، الرئيس الأسبق للقيادة المركزية الأمريكية، أن بلاده “سحمت بأن تصبح الهجمات قاعدة إلى حد ما، من خلال عدم الرد عليها”.
وقال فوتيل في تصريحات نقلتها “واشنطن بوست”: “يمكننا، بل ويجب علينا، الرد بشكل مباشر على هذه التهديدات التي تواجه قواتنا”.
احتمال كبير للتصعيد
وحذر كبار المسؤولين في البنتاغون هذا الأسبوع من أنهم يرون احتمال حدوث “تصعيد كبير” ضد الأفراد الأمريكيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط خلال الأيام المقبلة.
وشددت السفارة الأمريكية في الكويت على هذه النقطة أمس الأربعاء، وأصدرت تنبيهاً قالت فيه إن المسؤولين الأمريكيين كانوا على علم بالتهديدات التي وجهتها “ألوية الوعد الحق”.
وهي ميليشيا مقرها العراق ولها علاقات مع جهات فاعلة مدعومة من إيران، وسبق أن تبنت العديد من الهجمات ضد القوات الأمريكية.
وقال كينيث فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية بين عامي 2019 و2022، إن ضخ القوة النارية الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك نشر مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات ووحدات دفاع جوي إضافية وأسراب مقاتلة، يجب أن يبعث رسالة واضحة جداً لإيران.
وقال ماكينزي: “إن موقفنا في المنطقة يزداد قوة بشكل ملحوظ كل يوم، وسوف ينتبهون لذلك”.
وأرجع ماكنزي سبب ارتفاع الهجمات على القوات الأمريكية إلى قرار الإدارة الأمريكية بعدم التعامل مع الحوادث السابقة.
وأضاف أنه من المحتمل أن تقوم القيادة المركزية بتطوير خيارات للقيام بذلك، وبعد ذلك سيكون الأمر متروكاً لبايدن بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة سترد وكيف سترد.
وتتعرض القواعد الأمريكية في سورية والعراق لهجمات متكررة، المتهم الأول بها هو المليشيات الإيرانية المتمركزة على الحدود السورية- العراقية، بحسب مسؤولين أمريكيين.
إلا أن وتيرة تلك الهجمات زادت خلال الأسبوع الماضي، عبر استهداف 3 قواعد أمريكية في العراق (عين الأسد- حرير- مطار بغداد)، و4 في سورية (التنف- كونيكو- حقل العمر- الشدادي).
طهران تختبر واشنطن
قال برادلي بومان، المدير الأول لمركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إنه مع الهجمات الأخيرة تختبر إيران الولايات المتحدة وتبحث عن نقاط الضعف.
وأضاف لصحيفة “واشنطن بوست”: “ليس هناك في الواقع أي جانب سلبي للقيام بذلك، حيث تقول الولايات المتحدة إنها تريد تجنب حرب إقليمية واسعة النطاق”.
وقال بومان، وهو من قدامى المحاربين في أفغانستان، إن أحد الأساليب المعقولة قد يكون شن غارات جوية على وجه التحديد على الميليشيات الإيرانية في سورية، لمنع المسؤولين الإيرانيين من إثارة السياسة الداخلية ضد الولايات المتحدة في العراق.
ويوجد حوالي 900 جندي أمريكي في سورية و2500 جندي آخر في العراق، وتركز المجموعتان على “منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية”.
وأضاف: “إذا كانت لدينا هذه الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسورية ولم نرد بطريقة ما، فلا يحتاج الأمر إلى أن يعتقد عالم الصواريخ أننا سنحصل على المزيد من الشيء نفسه”.
مردفاً: “الهدف هنا هو منع مشكلة أصغر من أن تصبح أكبر.. لا يمكننا أن نسمح بهجمات مجانية على قواتنا”.
وبينما تتزايد مخاوف واشنطن من هجمات تستهدف قواعدها، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن تبني سياسات حازمة تجاه إيران.
محذراً بوضوح من أي تصعيد يمكن أن يطال القوات الأمريكية أو حلفاءها في المنطقة.
وبحسب ما قاله مسؤولون أمريكيون لوكالة “رويترز” فإن الجيش الأمريكي يتخذ خطوات جديدة وإجراءات لحماية قواته في الشرق الأوسط.
وتشمل الإجراءات “زيادة الدوريات العسكرية الأمريكية.. وتقييد الوصول إلى مرافق القواعد التي تضم القوات.. وزيادة جمع المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك استخدام الطائرات المسيرة وعمليات المراقبة الأخرى”.
كما تشمل “تعزيز المراقبة من أبراج الحراسة بالمنشآت العسكرية، وتعزيز الإجراءات الأمنية عند نقاط الوصول إلى القواعد، وتكثيف العمليات لمواجهة الهجمات المحتملة بالطائرات المسيرة والصواريخ والقذائف”.