أعلنت وزارة النفط في حكومة النظام أن دمشق ستستضيف المؤتمر العربي للطاقة، عام 2024 بعد اتفاق جميع أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوبك).
وقالت الوزارة في بيان لها، إن وزراء “أوبك” اتفقوا قبل الكويت على أن تترأس دمشق المنظمة اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2022 وحتى الشهر ذاته من عام 2023 بعد تسلم السعودية الرئاسة في العام الماضي.
وجاء في البيان أن جميع أعضاء المجلس الوزاري اتفقوا أيضاً على أن تستضيف دمشق مؤتمر الطاقة العربي في العام 2024 بعد قطر، التي ستستضيفه في عام 2023.
ويأتي ما سبق في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى مسار تطبيع العلاقات الذي تسلكه عدة دول عربية منذ أكثر من شهرين، في مسعى للتقارب مع النظام، ووسط تضارب الأهداف التي تقف وراء ذلك.
وحتى الآن بدت ملامح واضحة للعلاقات الإماراتية- السورية، بينما تمهد دول أخرى لإعادة تطبيع العلاقات، وقسم آخر في زاوية ضبابية.
“الاختبار الأكثر رسمية حتى الآن”
في تقرير نشره اليوم السبت، نقل موقع “ميدل إيست آي” عن محللين وباحثين قولهم، إن القرار الذي صدر باستضافة دمشق لمؤتمر الطاقة لا يمكن فصله عن مسار التطبيع الذي تسلكه الدول العربية مع نظام الأسد.
وأخبر المحللون الموقع أن “النهج الحذر لدولة الإمارات العربية المتحدة يجعل قرار منظمة أوابك خطوة جديرة بالملاحظة في جهود إعادة العلاقات مع دمشق”.
ويقول هوارد شاتز، كبير الاقتصاديين في مؤسسة “راند”: “هذه صفقة كبيرة. هذا هو الاختبار الأكثر رسمية الذي شهدناه حتى الآن لإعادة دمج السوريين”.
وقلة هم الذين يتوقعون أن يسمح القرار لدمشق بالانتقال من دولة مزقتها الحرب إلى مركز للطاقة.
وتعتمد القدرة على التأثير في أسواق النفط إلى حد كبير على “أوبك” و”أوبك +”، حيث المملكة العربية السعودية وروسيا اللاعبان المهيمنان.
ولطالما كانت الطاقة الإنتاجية لسورية صغيرة، ومخزونات النفط والغاز القليلة الموجودة لديها تقع في الشمال الشرقي، في الأراضي التي تسيطر عليها حالياً “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
ويقول جهاد يازجي، رئيس موقع “سيريا ريبورت” إن “الاقتصاد السوري مدمر حقاً”، مع انتشار الفساد بشكل أساسي في كل جانب من جوانب الحياة.
ويضيف: “البنوك تكاد لا تعمل ولا تقدم قروضاً كبيرة، بينما رجال الأعمال الذين يمكن أن يكونوا وسطاء مع النظام غادروا البلاد”.
لكن القرار بالإجماع من قبل أعضاء منظمة “أوبك” قد يمثل “بداية تحول”، لا سيما كمؤشر على أن الدول العربية التي كانت أكثر تردداً في نهجها تجاه سورية قد بدأت الآن.
وقطر هي مثال لدولة صوتت لصالح القرار، على الرغم من أن وزير خارجيتها أعلن رفض بلاده تطبيع العلاقات مع سورية علناً، وذلك في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكين.
ويقول المحلل هوارد شاتز، إن “قرار أوبك سياسي واقتصادي”، مضيفاً أنه “بداية عملية رسمية لتطبيع التعامل مع سورية”.
ويوضح شاتز: “إذا كنت مستثمراً مرتبطاً سياسياً في الخليج، فإن أهم ما يشغلني في سورية ليس العقوبات، بل يمكنني القيام بأعمال تجارية في البلاد. هل ستتم حماية استثماراتي وتنفيذ العقود؟”.
“واشنطن قلقة”
في غضون ذلك نقل موقع “ميدل إيست آي” عن مدير الأبحاث في مركز العمليات والسياسيات، الدكتور كرم شعار، قوله إن “قرار منظمة أوابك كان إشارة إلى أن حلفاء الولايات المتحدة كانوا يسبقون نهج إدارة بايدن في سورية”.
ويضيف: “إنها ليست السياسة الأمريكية المعلنة، لكن الأجواء التي تحصل عليها من الإدارة هي السماح للشركاء في العالم العربي باللعب بمقاربة أكثر من أجل المزيد مع سورية”.
وبحسب شعار: “لكن ما يحدث على الأرض هو أكثر بكثير من مجرد اللعب”.
وكان البيت الأبيض قد صرح علناً أنه لا ينوي استعادة العلاقات مع حكومة نظام الأسد.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية لـ”ميدل إيست” إن الإدارة لا تدعم تطبيع العلاقات مع دمشق لشركائها الإقليميين، مضيفاً: “الولايات المتحدة كذلك قلقة من تقارير عن قيام سورية بدور قيادي في أوبك ومن ثم استضافة المنظمة في البلاد”.
لكن ومع ذلك يشير موقع “ميدل إيست” إلى أن قرار “أوبك” سيختبر على الأرجح تسامح البيت الأبيض مع شركائه في التعامل مع حكومة الأسد.