“صندوق حياة”..قروض تدعم المشاريع “الأصغر” لتأمين دخل مستدام
كانت خيارات الشاب عبد اللطيف الزين لتوسعة محله التجاري محدودة، قبل سماعه بإمكانية الحصول على قرضٍ مالي، وهو ما تمكن منه قبيل شهر، حين حصل على قرضٍ من “صندوق حياة”.
عبد اللطيف، استفاد من القرض، لشراء بضائع كانت تنقص محله التجاري لبيع الخردوات والأدوات الكهربائية والتمديد في بلدة “حزانو” شمالي إدلب، الأمر الذي رتّب عليه استراتيجية جديدة لتوفير قسط القرض الشهري.
ولم يكن عبد اللطيف وحيداً، إنما ضمن مجموعة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، استفادوا أيضاً من القرض، إلا أن مشاريعهم كانت مختلفة بين محلٍ لبيع القهوة، وآخر لبيع الفروج والأجبان والألبان.
يقول عبد اللطيف لـ”السورية.نت”: “كان ينقصني عدداً من الأصناف، وأحتاج أموالاً لشرائها.. وليس لدي القدرة على شرائها بالدين، لأن أسعارها ستكون مرتفعة ومرابحها أقل”.
ويضيف: “جاءت فكرة القرض كطاقة فرج لي، وبعد انتظار ـ الحمد لله ـ حصلت عليه، والآن أستعد لدفع القسط الأول، كما أني متحمّس للمرحلة التالية التي ستكون قرضاً عينياً”.
وعبد اللطيف، واحد من آلاف الشباب المستفيدين من مشروع “صندوق حياة” المموّل عبر “القروض” للمشاريع “الأصغر” في ريفي إدلب وحلب.
“مشروع تنموي”
ومع بداية شهر أغسطس/آب من العام 2014، كان ميلاد “صندوق حياة” في مدينة الأتارب بريف حلب الغربيّ، لتمويل المشاريع “الأصغر”، وتحويل الأهالي من مستهلكي مساعدات إنسانية إلى منتجين في المجتمع من خلال افتتاح مشاريعهم الخاصة.
وتنطلق فكرة الصندوق من “الحاجة إلى خدمات التمويل متناهي الصغر مع زيادة الفقر في سورية، وعدم قدرة الجهود الإغاثية على تغطية الآثار السلبية بشكل كافٍ، إلى جانب نشوء حالة من التواكل والكسل ضمن مختلف الشرائح بسبب الاعتماد على المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية”.
يقول محمد الحجي محمود، وهو مدير فرع ريف حلب الغربي في الصندوق، لـ”السورية. نت”، إنّ “مشروع الصندوق هو تنموي بالدرجة الأولى، يهدف إلى تقديم قروض مستردّة للمستفيدين تساهم في تأسيس أو الاستمرار في مشروع قائم، تؤمن دخلاً مستداماً للمستفيدين”.
ويضيف: “بعد نجاح التجربة في مدينة الأتارب، امتدت لتشمل مدينتي معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وجرابلس بريف حلب الشرقي”.
ويشمل عمل الصندوق اليوم، مدينة الأتارب وعدة قرى في ريفها غربي حلب، إضافةً إلى بلدتي كللي وحزانو شمالي إدلب، ومدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، مع إلغاء فرع مدينة معرة النعمان بعد اجتياحها من نظام الأسد وروسيا وتهجير سكّانها بداية سنة 2020.
“القروض جماعية”
تعتمد آلية “صندوق حياة” أسلوب القرض الجماعي، عبر مجموعات تتراوح من ثلاثة إلى خمسة أشخاص، وحول آلية دفع القروض، يوضح الحجي محمود أنّ “هذه الآلية تعزز مبدأ التكافل والتضامن على السداد بين أفراد المجموعة، وتغيّب معيار المخاطرة، من خلال كفالة المستفيدين بعضهم بعضاً عبر التوقيع على مجموعة من العقود”.
كما يلفت إلى أنّ “القرض الجماعي يرفع من سوية انتقاء أعضاء المجموعة المستفيدة بعضهم بعضاً، لتكون قادرة على سداد القرض ضمن الفترة المحددة”.
ولم يكن استرداد القروض عائقاً أمام عمل الصندوق، على مدار ثماني سنوات، بحسب محدّثنا، ويقول: “نسبة سداد القروض بلغت 99 في المئة، وهي نسبة تثبت كفاءة وجدارة الشعب السوري في المنطقة”.
ويضيف: “كانت الهواجس الأبرز حين تأسيس الصندوق هو قدرة إقناع المستفيد على الالتزام بسداد القرض ضمن قواعد وشروط الصندوق، وسرعان ما تلاشت هذه المخاوف مع إثبات المستفيدين فاعليتهم وقدرتهم على التسديد والإنتاج”.
من يشمل المشروع؟
يوجّه مشروع “صندوق حياة” نشاطه، إلى جانب المستفيدين المستوفين لشروط “القرض”، إلى فئات أخرى في المجتمع، مقسّمة ضمن ما يعرف بـ”المحفظات”.
وفي هذا السياق، يشرح الحجي محمود، طبيعة هذه “المحفظات” والفئات التي تشملها، بدءاً من “محفظة الأمل، وهي المحفظة الموجّهة لذوي الاحتياجات الخاصة (ذوي الهمم)، ومحفظة داركم موجّهة للنازحين داخلياً من المناطق الساخنة، ومحفظة ابن رشد التي تشمل الطلبة الجامعيين وهي تختلف بحسب الشهادة الأكاديمية، وتساعد الطالب على التسجيل الدراسي من خلال قرض الأقساط”.
ويضيف لـ”السورية.نت”: “محفظة الكرامة، مخصصة للنساء الأرامل والمعيلات لأسرهنّ، وهي على نطاق ضيق، أما محفظة ميسرة فهي موجّهة للاحتياجات الطارئة”.
وبلغت أعدادت المستفيدين من القروض بشكل مباشر 3350 مستفيداً، وأكثر من 21 ألفاً من المستفيدين، بشكل غير مباشر، من المشاريع.
وتتراوح قيمة القرض ضمن المرحلة الأولى من 400 إلى 1200 دولار أمريكي، وتختلف القيمة بحسب نوعية ومتطلبات مشروع المستفيد، أما المرحلة التالية يصل قيمة القرض إلى 2200 دولار، لكن بدعمٍ عيني.
يشير الحجي محمود، ضمن حديثه، إلى أنّ “الصندوق يترك 50 يوماً للمستفيد لبدء تسديد أقساط القرض، ويكون الدفع على مدار سنة كاملة، ويختلف القسط الشهري، بحسب قيمة القرض”.
ويردف: “من إيجابيات الأقساط الشهرية هي دفع المستفيد من القرض، نحو العمل بمشروعه الخاص، ليضمن تأمين المبلغ شهرياً، وتسديده حتى ينتهي من القرض ضمن الموعد المحدّد بالعقد الموقّع”.