أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية، أمس الثلاثاء، حزمة عقوبات جديدة على نظام الأسد، استهدفت شخصيات وكيانات لهم صلات بتهريب المخدرات والحوالات المالية، بينهم طاهر الكيالي، المسؤول عن تهريب المخدرات عبر البحر.
وشملت العقوبات أفراداً مسؤولين عن تهريب المخدرات ودعم نظام الأسد مالياً، وهم محمود أبو ليلى الدج، وطاهر الكيالي، وصراف العملات السورية في لبنان توفيق محمد سعيد علو، ومحمد علي المنلا من “البنك المركزي السوري”.
كما شملت العقوبات شركتي “الطير” و”فري بيرد” اللتين يمتلكهما محمود الدج، إضافة إلى شركات “مايا للصرافة” و”الفضل للصرافة” و”الأدهم للصرافة”.
وأدرجت الخزانة الأمريكية طاهر الكيالي، الذي يعتبر مهندس شحنات المخدرات في البحر، على قائمة العقوبات.
وقالت الوزارة في بيانها إن الكيالي استخدم شركته “نبتونوس” لشراء السفن، في تهريب حبوب الكبتاغون.
وأضافت الوزارة أن الكيالي اشترى عبر شركته سفينة “نوكا” التي كانت تحمل أكثر من 100 مليون دولار من الكبتاغون، عندما اعترضتها السلطات اليونانية في عام 2018، وهي في طريقها من ميناء اللاذقية السوري إلى شرق ليبيا.
كما ساعد الكيالي تجار الكبتاغون في محاولاتهم لتوزيع المخدرات إلى أوروبا عن طريق اليونان وإيطاليا.
وكان “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” (OCCRP) كشف في تحقيق له عام 2021 معلومات لأول مرة عن طاهر الكيالي، ومسؤوليته عن تهريب المخدرات.
الكيالي.. الهارب المدان
كان الكيالي، البالغ من العمر 64 عاماً، يعيش قبل اندلاع الثورة السورية في إيطاليا مع زوجته الإيطالية وابنيهما، قبل أن يعود إلى اللاذقية في 2015 بعد إدانته بعدة عمليات سرقة.
وحسب التحقيق فإن الشرطة الإيطالية ألقت القبض عليه في 2007، بتهمة “قيادة عصابة تهرب السيارات الفخمة المسروقة من ميناء روتردام في هولندا إلى دول أخرى منها الإمارات العربية المتحدة واليابان”.
وفي عام 2010 أدين الكيالي بالمشاركة مع جماعة لاستلام بضائع مسروقة وبيعها، لكن صدر عفو عنه لاحقاً.
وفي 2013، أصدر قاضي إيطالي أمراً باعتقاله بعد اكتشاف تزعمه لعصابة تقوم بسرقة يخوت فاخرة من الموانئ الإيطالية عبر وكلاء إيطاليين، ونقلها إلى دول مثل أوكرانيا ومصر واليونان.
وصدر حكم على الكيالي بالسجن لمدة ستة أعوام ونصف العام، لكنه هرب قبل إلقاء القبض عليه إلى اللاذقية.
واستفاد من علاقته مع عائلة الأسد في تأسيس عدة شركات، حيث تربطه صلة بمضر الأسد، ابن رفعت الأسد عم رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويقول الكيالي، حسب التحقيق، إن مضر الأسد “صديق تشرفني صداقته منذ زمن”، ولكنه أنكر وجود علاقات “مشبوهة” بينهما.
هندسة الشحنات
بعد وصوله إلى اللاذقية أسس الكيالي عام 2017 شركة “نبتونس أوفرسيز المحدودة” في العاصمة البريطانية لندن، لكن التحقيق كشف أنها عبارة عن “عنوان وهمي لمبنى سكني من أربع طوابق تستخدمه مئات الشركات الوهمية عنواناً لها”.
وفي نفس العام أسس شركة “نبتونوس المحدودة المسؤولية”، التي اشترى من خلالها سفينة “نوكا” العاملة على خط بحري يمتد من ميناء اللاذفية إلى بقية موانئ شرق المتوسط.
وبعد عام من شراء سفينة “نوكا”، في 5 من كانون الأول/ ديسمبر 2018، وخلال إبحارها متجهة إلى شرق ليبيا، اعترضها حرس السواحل اليوناني.
وبعد تفتيش السفينة عثر على كميات من الكبتاغون تبلغ قيمتها أكثر من 100 مليون دولار أمريكي.
وحسب وثائق محكمة استئناف بنغازي، نشرتها قناة “الحرة” في تحقيق قبل أشهر، فإن محمود الدج كان بانتظار سفينة “نوكا” في ليبيا.
ورغم العقوبات البريطانية والأوروبية على الكيالي، إلا أنه استمر بتأسيس شركات، خلال السنوات الماضية.
ففي عام 2021 أسس الكيالي شركة تحت اسم “عالم المحيطات للملاحة”، التي حلت محل شركة “نبتونوس” التي فرض عليها عقوبات، مع شخص يدعى أنطون جميل سلامة الذي يمتلك 1% فقط من أسهم الشركة.
كما أسس طاهر الكيالي في 2022 شركة “أسطول الشرق للملاحة” بالشراكة مع سوري اسمه مؤيد هاني وليو، والذي يمتلك 1% فقط من أسهم الشركة.
وحسب تحقيق قناة “الحرة” فإن الكيالي أغلق في نهاية 2021 أربع من أصل خمس شركات كان يمتلكها في لندن.
أما الشركة الخامسة وهي “Levant Fleet” فقد نقل ملكيته منها بعد أيام فقط من إدراجه بقوائم العقوبات، إلى مالك جديد، اسمه مؤيد هاني وليو، وهو نفسه شريكه في “عالم المحيطات” بحصة الأقلية.
وحسب تحقيق “OCCRP” فإن الكيالي “ما زال يدير مطعماً في منتجع مارينا باللاذقية، من خلال تعاقد سنوي، فيما يرسو يخته الخاص الذي يصل طوله إلى 16 متراً في نادٍ ساحليّ قريب”.