طلاب الطب في “حلب الحرة” يطالبون بمستشفى جامعي..العميد ومدير الجامعة يؤيدان ولكن
يقطع محمد عبد الحي، وهو طالب في كلية الطبّ البشري، أسبوعياً مسافة طويلة، تمتد من مكان إقامته ودراسته، في مدينة مارع، إلى مدينة إدلب، بهدف تلقّي تدريبات طبية في مستشفى المحافظة.
يلجأ عبد الحي، إلى المسافات البعيدة، بحثاً عن فائدة علميّة أكثر، بحسب ما يقول لـ”السورية. نت”، مع عدم قدرة الجامعة تأمين مستشفى جامعي مخصص لتدريب الطّلاب، لكنه يتحدّث عن متاعب في المواصلات والتنّقل والتوفيق بين الدراستين العملية والنظرية في مكانين مختلفين، وبعيدين في المسافة.
يقول عبد الحيّ، في حديثه، إنّ “طلاب كلية الطب في سنوات التدريب يقصدون المستشفيات، التي توفّر فائدة علميّة وتدريبية أكبر، لكن غالباً ما تكون في أماكن بعيدة مثل مدن أرمناز ودركوش وإدلب”.
ويفاقم أزمة الدروس العملية لطلاب كلية الطبّ في جامعة “حلب في المناطق المحررة”، غياب مستشفى جامعي، وإغلاق المستشفيات التركية أبوابها للتدريب أمام الطّلاب.
ويقطع طلاب كلية الطبّ مسافات بعيدة إلى مستشفيات التدريب، من ريف حلب إلى إدلب، ما يرتّب عليهم مشقّة كبيرة، للجمع بين حصصهم النظرية في الكلية التي تتخذ من مدينة مارع مقراً لها، وتدريباتهم العملية في المستشفيات المشتّتة في ريف حلب وإدلب.
وتدفع مشقّة التدريب العملي، إلى المطالبة بإنشاء مستشفى جامعي في منطقة ريف حلب يتبع لـ”جامعة حلب في المناطق المحررة”، وتنظيم وقفات احتجاجية بدأت من مقرّ الكلية في مارع، تلتها أخرى أمام مقر جامعة حلب في مدينة اعزاز شمالي حلب.
يوضح عبد الحي، الذي كان مشاركاً في الاحتجاجات التي تعبّر عن مطالبه مع باقي طلاب كلية الطبّ، أنّ “خيارات التدريب في ريف حلب، شحيحة أمامنا كطلّاب بسبب إغلاق المستشفيات التركية أبوابها للتدريب، من جهة، والضغط على المستشفيات الأخرى من جهة ثانية”.
ويعتبر في ختام حديثه لـ”السورية. نت”، أنّ “الحل الأنسب اليوم لأزمة المستشفى الجامعي، إما اتخاذ مكان مجهّز مسبقاً ليكون مستشفى جامعي، أو افتتاح مستشفى اعزاز الوطني أمام الطلاب من أجل التدريب”.
من جهته، يوضح حسين المحيسن، وهو طالب في الكلية الطبّ، أنّ “الوقفات الاحتجاجية هدفها الضغط على الحكومة المؤقتة وليس الجامعة لإنشاء مستشفى جامعي”.
ويشير حول ذلك لـ”السورية.نت”، إنّ “الوقفات بحال لم تجد تجاوباً من المنظمات أو الحكومة، سنذهب للقاء رئيس الحكومة، وإن لم يستجب سننظم المظاهرات، وفي النهاية سيكون الإضراب خيارنا، بحال عدم الاستجابة”.
يتشكي المحيسن، من مشقة التدريبات العملية في ظل غياب مستشفى جامعي، مبنياً أنّ “دفعتنا الطلابية كبيرة جداً وتجد المستشفيات التي تستقبلنا صعوبة بالغة في استيعابها”.
“تكلفة 6 مليون دولار”
يقول الدكتور عبد العزيز الدغيم، وهو رئيس “جامعة حلب في المناطق المحررة”، إنّه “داعم لمطالب كلية الطب بإنشاء مستشفى جامعي، لأنه من حق أي طالب التدريب في مستشفى مخصص للجامعة، كما هو الحال في معظم الدول، وهو مطلب مشروع”.
ويلفت الدغيم في ذات السياق، إلى أنّ “مهّمة إنشاء المستشفيات الجامعية للحكومات وليس الجامعة، كما في الدول المستقرّة، وخاصةً أنّ الجامعة لا تقوى مادياً على تحمّل نفقات إعمار مستشفى جامعي”.
ويضيف في حديثٍ لـ”السورية. نت”، أنّ “جامعة حلب في الوقت الحالي غير قادرة سوى على تسيير مصاريفها التشغيلية، في حين أن كلفة بناء وتجهيز المستشفى بعد غلاء الأسعار تصل لـ 6 مليون دولار أمريكي”.
ويتابع: “الجامعة لو تملك نصف هذا المبلغ، كانت بدأت في إنشاء المستشفى، وربّما تحضر المنظمات في وقتٍ لاحق لتجهيزه”.
وجهّزت الجامعة دراسةً ومخططاً لمستشفى جامعي على مساحة أرض 11 ألف متراً، منحها متبرّع لمستشفى جامعي في اعزاز، إلا أنها ما زالت حبيسة الملفّات بسبب غياب تجاوب المانحين.
يكشف الدغيم، عن مخاطبة الجامعة لـ”الحكومة السورية المؤقتة” لدعم إنشاء مستشفى جامعي من “صندوق الائتمان لإعادة إعمار سورية” الذي تشرف عليه الحكومة لعددٍ من المشاريع أبرزها الأفران.
ويشير إلى أنّ “الردّ جاء بأن التعليم العالي يعتبر من خطة إعادة الإعمار.. رغم تلقّينا وعوداً منذ حوالي سنة بمنحة تبلغ مليون دولار أو يورو، لكن لا شيء على الأرض”.
ويلفت إلى أنّ “صندوق الائتمان ينفّذ مشاريع هامة للمناطق المحررة، لكن يجب أن تكتمل هذه المشاريع بدعم التعليم العالي والمستشفى الجامعي”.
“أكثر من 500 متدرب”
يوضح الطبيب جواد أبو حطب، وهو عميد كلية الطب في جامعة “حلب الحرة”، أنّ حوالي 529 طالباً وطالبة من السنوات الرابعة والخامسة والسادسة في كلية الطبّ، يحتاجون لتدريب في المستشفيات.
يقول إنّ “قطع المسافات الطويلة من قبل الطّلاب اضطراري من أجل تحقيق الفائدة، رغم المشقّة الكبيرة”.
ويلفت إلى أنّ “حوالي 15 مستشفى ومركزاً طبياً في ريف حلب وإدلب يستقبلون طلاب كلية الطبّ من أجل التدريب”.
“المستشفيات التركية غير متاحة”
تحدّث كل من أبو حطب، والدغيم، عن محاولات عديدة للتواصل مع الجانب التركي بافتتاح المستشفيات التركية، لكن دون أي تجاوب.
ويقول الدكتور أبو حطب، إنّ “أول محاولة للتدريب كانت في مستشفى مارع، لكن لاقت المحاولة منعاً من مسؤولي المستشفى، رغم التواصل مع الائتلاف الوطني والمجالس المحلية للضغط بهذا الشأن”.
“للتدريب والتخديم”
يقول أبو حطب، إنّ أهمية إنشاء مستشفى جامعي تأتي إلى جانب تأمين تدريبات لطلاب الكلية والمعاهد وطلبة الدراسات العليا، أيضاً لتقديم الخدمات النوعية إلى الأهالي، التي تشهد فجوةً كبيرة اليوم في القطاع الطبي، سواء في الرعاية الأولية أو الثالثية”.
ويعتبر أنّ “المستشفى يجب أن يحوي 200 سرير حتى يحظى بمواصفات الجودة، لمختلف التخصصات الطبية، والشعب المتفرّعة عنها”.
ويركّز على ضرورة “تحمّل الجهات التي تملك موارد في المناطق المحررة، من فصائل عسكرية ومجالس محلية والحكومة المؤقتة، والائتلاف، تحمّل مسؤولية إنشاء المستشفى وهو ليس في الأمر الصعب”.