عشرات السوريات ينتجن مئات آلاف الكمامات في ريف حلب
رغم ما أفرزته جائحة “كورونا” من تحديات اقتصادية في الشمال السوري، وأبرزها تقليص فرص العمل، وجدت سيدات سوريات من ثقب تلك الأزمة، فرصة جديدة لإعالة أُسرهن، وذلك ضمن مشغلٍ لإنتاج الكمامات، رعته منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” أحد برامج “المنتدى السوري”، إلى جانب “الجمعية النسائية” في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي.
إنتاج بالآلاف.. وهدف مزدوج
قائد فريق المَشغل، أيمن ملدعون، أوضح في حديثه لـ”السورية نت” تفاصيل المشروع، الذي يضم 40 سيدة في مدينة اعزاز بريف حلب، تم تقسيمهن على دوامين مختلفين، الأول يضم 20 سيدة والثاني 20 أيضاً.
وأضافت ملدعون أن الهدف من المشروع هو دعم المجتمع في الشمال السوري من أجل التصدي لانتشار فيروس “كورونا”، عبر رفده بعدد كبير من الكمامات القابلة للغسيل، إلى جانب مساعدة النساء على رفع مستوى المهارة والكفاءة لديهن.
وأشار قائد الفريق إلى وجود مشروع مماثل في مدينة كفر تخاريم، بريف إدلب الشمالي، يضم أيضاً 40 سيدة عاملة في مجال خياطة وإنتاج الكمامات، وبنفس الطاقة الإنتاجية في مشغل مدينة اعزاز.
ووصلت الطاقة الإنتاجية في مشغل مدينة اعزاز إلى 300 ألف كمامة خلال 60 يوم عمل، ومثلها في مشغل كفر تخاريم، ليصل إجمالي الكمامات منذ بدء المشروعين إلى 600 ألف كمامة، بحسب ملدعون.
وأضاف: “حين بدأنا عملت السيدات على إنتاج 1000 كمامة يومياً، إلا أن القدرة الإنتاجية ارتفعت إلى 7 آلاف كمامة في اليوم الواحد، مؤخراً”.
من جانبها، قالت المشرفة في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية”، خولة خلف المحمد، إن المشروع يعود بالفائدة على المجتمع والنساء العاملات في وقت واحد، مشيرة إلى أن الكثير من السيدات العاملات في مجال الخياطة وجدن فيه فرصة لكسب المال وإفادة المجتمع.
وأضافت المحمد في حديثها لـ”السورية نت”، أن معظم المستفيدات هنَّ ممن فقدن المعيل الأساسي (زوج- أب- أخ)، إلى جانب أخريات يعانين من ظروف مادية صعبة، متحدثة عن أن المشروع نجح بتأمين فرص عملٍ لهنَ، فضلاً عن تصنيع الكمامات التي يحتاجها سكان مناطق شمال غرب سورية في ظل الجائحة العالمية.
عملية إنتاجية بشروط طبية
في ظل الحاجة الملحة لإنتاج أعداد كبيرة من الكمامات في الشمال السوري، تُطرح تساؤلات حول مدى الالتزام بالشروط الطبية اللازمة أثناء عملية الإنتاج، لتوفير الحماية اللازمة من انتقال عدوى الفيروس.
وتوضيحاً لذلك، قال قائد فريق مشغل اعزاز، أيمن ملدعون، إن جميع مراحل الإنتاج تخضع لرقابة كاملة، بدءاً من القص ثم الخياطة ثم الكوي ثم التعقيم، انتهاءً بتمرير الكمامات على جهاز الأشعة فوق البنفسجية، ثم تغليقها بأكياس معقمة.
وأضاف أن الكمامات التي يتم إنتاجها مؤلفة من 3 طبقات، الطبقة الأولى قطن 100%، الطبقة الثانية بوليستر 100%، والطبقة الثالثة قطن 35% وبوليستر 65%.
وكذلك، أكدت المشرفة في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية”، خولة خلف المحمد، اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة في كافة مراحل الإنتاج، مشيرة إلى أن العاملات يرتدين الكمامات والكفوف المعقمة أثناء العمل، ويستخدمن المعقمات كل ربع إلى نصف ساعة.
وأضاف: “نتبع طرق حماية بالنسبة للعاملات وللمشغل ككل عبر التعقيم المستمر للمكان، إلى جانب الحرص على تعقيم الكمامات المنتجة عبر الأشعة فوق البنفسجية”.
وعن مصير الكمامات المُنتَجة، قال القائمون على المشروع، أنه تم توزيعها على المخيمات والمدارس والأطفال، لضمان وصولها إلى المجتمعات المكتظة، بالتعاون مع فرق “إحسان” العاملة في المنطقة إلى جانب “فرق الحماية”.
يُشار إلى أن مناطق الشمال السوري تشهد ارتفاعاً بأعداد الإصابات بفيروس “كورونا”، حيث تجاوزت الإصابات الـ22 ألف، حسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة في “الحكومة المؤقتة”.
وكانت أول شحنة من لقاحات “كورونا” وصلت إلى الشمال السوري، الأسبوع الماضي، تتضمن 53ألفاً و800 جرعة، كدفعة أولى، على أن تتبعها شحنات لاحقاً.
وتفتقد مناطق الشمال السوري عموماً لمقومات منظومة طبية، قادرة على الاستجابة للأوبئة والأمراض، نتيجة نقص الدعم المقدم لها، والقصف الذي تعرضت من قبل قوات النظام وحلفاءه له خلال السنوات والأشهر الماضية، ما أدى إلى خروج عدد كبير من المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة.