“عُمران” يُصدر دراسة “مؤشرات الاستقرار وتأثيرها على عودة اللاجئين”
أربعة أوراق تبحث العوامل التي تحكم عودة اللاجئين
أصدر “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، اليوم الخميس، مشروعاً بحثياً، حول ملف اللاجئين السوريين، وفرص عودتهم إلى المناطق التي هُجروا منها في سورية، والمتغيرات التي تحكم قرار عودتهم إلى بلادهم.
المشروع، الذي حمل عنوان “مؤشرات الاستقرار وتأثيرها على عودة اللاجئين والنازحين”، تم إعلانه في مدينة اسطنبول، بحضور ممثلين عن منظمات حقوقية وإغاثية، وباحثين من عدة مراكز دراسات، ووسائل إعلام، ومدير الهلال الأحمر التركي، والمنسق العام لهيئة اللاجئين في تركيا.
رؤيةٌ تركية: ثلاثة أركان لحل ملف اللجوء
خليل أفشاراتا، المنسق العام لهيئة اللاجئين في تركيا، قال خلال كلمة ألقاها، إن بلاده تؤمن أن “العودة الآمنة والطوعية” هي الحل الأنسب لحل ملف اللجوء السوري، متحدثاً في الوقت ذاته عن ثلاثة أركان للحلول المستدامة بشأن ملف اللاجئين، وهي: إعادة توطين اللاجئين، العودة إلى سورية، الاندماج في المجتمعات المستضيفة.
وأضاف أفشاراتا أنه يجب ضمان المعالجة المستدامة واندماج السوريين في المجتمع الذي يقيمون فيه، ولو كان مؤقتاً، مشيراً إلى أن دولة واحدة (تركيا) لا يمكن أن تكون قادرة على حل ملف الهجرة بمفردها، بل يحتاج الأمر إلى تعاون بين الحكومات والوكالات والهيئات الدولية.
دراسة بحثية لـ”عمران”: 90.4% من اللاجئين يخشون العودة لمناطق النظام
وتحدث المسؤول التركي عن وجود 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا، بعضهم يقيم بصورة “غير قانونية”، مشيراً إلى أن بلاده قامت بتسوية وضع 16 ألف منهم خلال العام الجاري.
ودعا أفشاراتا دول الاتحاد الأوروبي إلى التعامل بحذر في موضوع الهجرة واللجوء، مشيراً إلى وجود تعقيدات سياسية تحكم هذا الملف.
أما كرم كينيك، رئيس منظمة “الهلال الأحمر التركي”، فقد قال خلال مشاركته في حفل إصدار المشروع البحثي، إن الملف السوري هو “أحد أكثر الأزمات صعوبة خلال هذا القرن”، متحدثاً بالأرقام عن مدى الاحتياجات الإنسانية للاجئين والنازحين.
وأضاف “لدينا 1.1 مليون سوري يعيشون في مخيمات غير نظامية شمال غربي سورية، وما يجعل الأمور معقدة هو أن المنطقة لا تزال تواجه خطر العمليات العسكرية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار”، وأن “جائحة كورونا زادت معاناة الناس في شمال غرب سورية حيث مئات الآلاف يحتاجون لمساعدات إنسانية”.
وتحدث رئيس “الهلال الأحمر التركي” عن مساعدات قدمتها المنظمة لتأمين “عودة طوعية” للسوريين الراغبين بذلك، من خلال تقديم إرشادات ومساعدات إنسانية بالتعاون مع “الصليب الأحمر الدولي”.
أربع أوراق بحثية.. ماذا تضمنت؟
الرئيس التنفيذي للمنتدى السوري، غسان هيتو، تحدث في كلمة له خلال الحفل، عن مفهوم البيئة الآمنة والمحايدة و”شروط العودة الطوعية والكريمة للاجئين” السوريين.
واعتبر هيتو أن الوضع الأمني في سورية سيبقى خطراً ولا يشجع عودة اللاجئين، طالما أن القصف مستمر والاعتقالات والاغتيالات مستمرة أيضاً، مضيفاً أن “عودة اللاجئين والنازحين هو مطلب واستحقاق وطني ومن هنا تأتي أهمية الدراسة التي أعدها مركز عمران”.
من جهته، تحدث عمار قحف، المدير التنفيذي لـ”مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، عن فكرة المشروع البحثي، التي بدأت قبل عامين برصد واقع التفجيرات والاغتيالات في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، ثم تطورت الفكرة لتشمل مناطق النفوذ الثلاث في سورية (نظام الأسد- المعارضة- الإدارة الذاتية)، وتم العمل عليها على مدى عام كامل.
وأشار القحف إلى أن المشروع البحثي جاء في أربع ورقات حول “مؤشرات الاستقرار الأمني في سورية وارتباطه بعودة اللاجئين والنازحين”، وتضمنت الورقة الأولى رصد المشهد الأمني في سورية وتأثيره على عودة اللاجئين من دول الجوار.
حيث تم إجراء استطلاع رأي على عينة من اللاجئين السوريين في دول الجوار، وتمحور الاستطلاع حول: تقييم اللاجئين للمشهد الأمني في سورية، و تصورهم لشكل العلاقة مع الأجهزة الأمنية، والأسباب التي تدفعهم للعودة إلى سورية، تقييهم لواقع مناطق النفوذ الثلاث.
في حين تضمنت الورقة الثانية مؤشرات الاستقرار الأمني في سورية، بالاستناد إلى رصد عمليات الاغتيالات والاعتقالات التعسفية والتفجيرات، خلال فترة النصف الثاني من عام 2019، والنصف الأول من عام 2020.
أما الورقة الثالثة، فقد تضمنت واقع علاقة المدني مع العسكري، ومدى ثقة المواطنين بالأجهزة الأمنية، فيما تضمنت الورقة الرابعة تلخيصاً للاستنتاجات التي تم توصل لها وتعريفاً لمفهوم المنطقة الآمنة كشرط موضوعي لعودة اللاجئين والنازحين.
متغيرات تحكم عودة اللاجئين
مدير البحوث في “مركز عمران”، معن طلّاع، قال خلال مداخلته في الحفل إن المشروع البحثي يكشف وجود تحديات كبرى تواجه عودة اللاجئين إلى بلدهم، مشيراً إلى أن “المنظومة السياسية والأطر القانونية والدستورية والوضع الأمني، كلها مُحددات بحثتها دراسة مؤشرات الاستقرار وتأثيرها على عودة اللاجئين والنازحين”.
وفي معرض حديثه عن نتائج أوراق البحث، اعتبر طلاع أن الاغتيالات والاعتقالات التعسفية والخطف والتفجيرات، كلها مؤشرات أساسية لغياب الأمان في مناطق النفوذ في سورية، وبشكل أكبر في مناطق سيطرة نظام الأسد.
واستعرض طلّاع بالأرقام، عمليات الاغتيال والتفجيرات في مناطق عدة بسورية، خلال الفترة بين يوليو/ تموز 2019 ويونيو/ حزيران 2020، وعدد ضحايا تلك العمليات بين المدنيين والعسكريين، إلى جانب تحديد الجهات المسؤولة عنها ودوافعها.
كما تم رصد عمليات الاعتقال التعسفي والخطف، وهي أرقام تضمنتها الورقة البحثية الثانية، والتي خلصت إلى أن المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد و”الإدارة الذاتية” لا يمكن اعتبارها بيئات آمنة، كونها تشهد عمليات اغتيال وخطف واعتقال تعسفي بصورة كبيرة.
كما خلصت إلى أن حوادث التفجيرات والاغتيالات في مناطق المعارضة تدل على “عدم تحصين البيئات المحلية وتفشي ظاهرة الاختراق” وهذا من شأنه تعطيل مؤشر العودة الآمنة.
الباحث في “مركز عمران”، محمد العبد الله، والذي شارك بإعداد المشروع، قال خلال كلمته، إن معظم اللاجئين ضمن عينة الاستطلاع لا يفكرون بالعودة وفق الظروف الراهنة بسبب خشية تهديدات قد يتعرضون لها وغياب أي ضمانات دولية.
وأضاف أن “المتغيرات التي تحكم عودة اللاجئين تمثل فيها البيئة الأمن أهم المعايير، إضافة للوضع الاقتصادي وأسباب أخرى”، مشيراً إلى أن أهمية جاهزية مناطقهم للعودة، خاصة فيما يتعلق بموضوع حفظ الملكية العقارية للعائدين.
وبحسب العبد الله، هناك متغيرات تحكم قرار اللاجئين بالعودة إلى وطنهم، منها متغيرات داخلية متعلقة بالاستقرار الأمني وسبل العيش ومدى تفشي الفساد الأخلاقي والاجتماعي.
أما المتغيرات الخارجية، فتتمثل بتأمين العودة تحت إشراف الأمم المتحدة، وعدم القبول المجتمعي لهم في دول اللجوء، وضغط الحكومات المستضيفة عليهم.
يُشار إلى أن الاستطلاع الذي أجراه “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” كشف أن غالبية اللاجئين السوريين في دول الجوار، لا يفكرون بالعودة إلى سورية، بالظروف الحالية، وأن نحو 71% منهم لا يثقون “بمراسيم العفو الصادرة عن نظام الأسد خلال الأعوام الماضية”، كما أن أكثر من 86% يعتبرون “الأجهزة الأمنية التي هي أحد المسببات الأساسية” للثورة ضد نظام الأسد، “غير قابلة للإصلاح أو إعادة الهيكلة”.
دراسة لـ”مركز عُمران” تحدد أسباب إحجام اللاجئين السوريين عن العودة