على مدى السنوات الماضية ركّزت وسائل الإعلام المقربة من نظام الأسد والممولة من إيران على نشر بيانات صادرة من غرفة تعرّف نفسها بـ”غرفة عمليات حلفاء سورية”، وذلك عقب كل هجوم إسرائيلي أو أمريكي تتعرض له المواقع العسكرية في البلاد.
ورغم غياب هوية تلك الغرفة والداعم الرئيسي لها والمسؤولين عنها، إلا أن المؤشرات تشي بتبعية غير مباشرة للجانب الإيراني ووكيله “حزب الله” اللبناني، كون البيانات الصادرة عنها تحمل نبرة “تهديد ووعيد”، رداً على الهجمات التي تستهدف مواقع الطرفين.
وآخر هذه البيانات كانت عقب غارات إسرائيلية على مواقع في مدينة تدمر شرقي حمص، في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل عنصر من قوات الأسد وإصابة ثلاثة آخرين، بحسب وكالة أنباء النظام (سانا).
من جهته قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن “القصف استهدف مواقع لمقاتلين إيرانيين، بينها برج الاتصالات بالقرب من مطار التيفور العسكري”.
وسرعان ما تناقلت وسائل إعلام النظام وتلك المقربة من إيران “بياناً” أصدرته “غرفة عمليات حلفاء سورية”.
وبينما أكدت قناة “الميادين” نقلاً عن الغرفة حصيلة القتلى جراء القصف، قالت إن “حلفاء سورية” توعدت “برد قاس” على القصف الإسرائيلي.
ولم تمض أيام طويلة على هجوم تدمر، ليتردد اسم “الغرفة” من جديد لكن ضمن إطار الرد الذي توعدت به سابقاً.
وحسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من “حزب الله” فإن القصف الذي تعرضت له قاعدة التنف مؤخراً تقف وراءه “غرفة عمليات حلفاء سورية”، وشاركت فيها طائرات انطلقت من سورية والعراق.
وحمل الاستهداف عدة رسائل أبرزها “القدرة التي تمتلكها هذه القوات على كسر التحصينات الأميركية، وتأكيد استمرار المواجهة العسكرية الضاغطة”، حسب ذات الصحيفة.
“الظهور الأول”
في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2015، أي بعد حوالي أسبوعين من التدخل الروسي في سورية نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر لم تسمها حديثها عن تجهيز حوالي ثلاثة آلاف مقاتل من “حزب الله” لهجوم بري واسع ضد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وأشارت الوكالة إلى أنه جرى ترتيب العملية وفق اتفاق بين إيران وميليشياتها وروسيا، لشن هجوم بري، يوازيه تغطية نارية جوية عبر الطيران الروسي.
إضافة إلى تأمين أسلحة ومعدات متطورة لقوات الأسد، وإنشاء غرفة عمليات مشتركة تجمع النظام وروسيا وإيران إلى جانب العراق، بحيث يكون لها مركزين، أحدهما في سورية وآخر في العراق، حسب “رويترز”.
في المقابل ذكر تقرير لقناة “BBC” حينها أن نتيجة التعاون الروسي- الإيراني هو “تشكيل تحالف جديد له غرفة عمليات مشتركة بفرعين في بغداد ودمشق. فرع المخابرات لهذه الغرفة في بغداد وفرعها العملياتي في دمشق”.
وأورد التقرير: “بشكل عام الهدف من هذا التحالف هو تقوية الحكومة الحالية وتأمين الحد الأدنى من سورية”.
وفي الوقت الذي بقيت فيه الأنباء عن تشكيل هذه الغرفة عبر وسائل الإعلام ومصادرها الخاصة لم يصدر أي بيان من قبل إيران أو روسيا يؤكد مشاركتهما أو انضمامهما لـ”غرفة عمليات حلفاء سورية”.
“تهديدات وقيادي غامض”
ومع تصاعد المعارك العسكرية في سورية، وخلال السنوات الماضية عمدت الغرفة إلى إصدار تهديدات للقوات الأمريكية، بعد استهدافها لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية في سورية.
وكان التهديد الأبرز بعد الضربة الأمريكية لقوات الأسد في السابع من أبريل/نيسان 2017، رداً على قصف النظام مدينة خان شيخون بغاز “السارين” المحرم دولياً.
كما أصدرت الغرفة بياناً، في 7 من يونيو/ حزيران 2017، هددت فيه القوات الأمريكية رداً على استهداف قوات موالية للنظام كانت متجهة إلى منطقة “التنف”.
واستمرت الغرفة بإصدار بيانات تهديد دون أي إشارة إلى هويتها الفعلية عبر وسائل إعلام موالية للنظام وإيران.
وفي 2016 أجرت صحيفة “السفير” اللبنانية مقابلة مع شخص “مجهول” قالت إنه قائد “غرفة عمليات حلفاء سورية”، دون الإفصاح عن هويته وجنسيته.
وتحدث القيادي حينها عن معركة حلب التي انتهت بسيطرة قوات الأسد وإيران على الأحياء الشرقية أواخر 2016، كما تحدث عن التواجد العسكري التركي في المنطقة ووصفه بأنه “احتلال”.
من تضم الغرفة؟
حسب تحليل موجز نشره “معهد واشنطن” في 28 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن الغرفة تضم “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني” و”حزب الله” اللبناني، وميليشيات عراقية.
ويقود الغرفة “فيلق القدس”، كما يلعب “حزب الله” اللبناني دوراً رئيسياً فيها.
وحسب المعهد فإنه في العامين 2017 و2018، لعبت الغرفة دوراً مهماً في المجال الإعلامي، وفي بعض الأحيان شملت الجانب الروسي للتعاون في عمليات محددة.
لكن الخلاف على مواقع الانتشار والسيطرة بمحافظة دير الزور شرقي سورية، بين روسيا وإيران في تموز 2019، أدى إلى خروج روسيا من الغرفة وبقاء إيران وميليشياتها، بحسب “معهد واشنطن”.
ومن الأسماء البارزة التي ظهرت في صور نشرتها مواقع مقربة من إيران كقادة في الغرفة، القيادي في “حزب الله” مصطفى بدر الدين، الذي اغتيل في دمشق بتاريخ 13 من مايو/أيار 2016، وقائد فيلق “القدس”، قاسم سليماني، الذي قتل بقصف أمريكي في يناير/كانون الثاني 2020.
ويعزز ما سبق التقرير الذي نشرته وسائل إعلام إيرانية في عام 2020، واستعرضت فيه صوراً لسليماني وبدر الدين، مشيرة إلى أن ذلك “في أثناء تخطيط العمليات العسكرية في غرفة عمليات حلفاء سورية”.