“غرسة أمل” و”حكايا الجدات” وغيرها.. مبادرات اجتماعية رغم الحرب والجائحة
في مدينة الباب ومناطق أخرى بالشمال السوري
أخذت المبادرات والفعاليات الاجتماعية خلال سنوات الحرب في سورية، حيزاً كبيراً من اهتمام العاملين والداعمين الإنسانيين، خاصة في شمال غربي سورية، لما لها من أهمية في تعزيز أدوار أبناء المجتمع بجميع فئاته ودعمهم نفسياً واجتماعياً، وترميم جزء مما خلفته السنوات التسع الأخيرة من قصف ودمار وقتل وتهجير، ليكون الأطفال والنساء أول المستهدفين من تلك المبادرات.
إلا أن العام الأخير تحديداً، شهد تغييباً غير مقصود لتلك الفعاليات الاجتماعية، التي لم تتوقف بشكل كامل، إلا أنها قلت بشكل كبير نسيباً وغابت عن الإعلام، في ظل انتشار فيروس “كورونا” وتصدّر أخبار الجائحة المشهد الإعلامي في المنطقة، والاجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار الجائحة.
وكانت مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، أحد أكثر مناطق الشمال السوري تأثراً بـ “كورونا”، ما أدى إلى انحسار المبادرات الاجتماعية فيها دون غيابها بشكل كامل، حيث كان لتجمع “سحابة وطن” استمرارية في هذا المجال، مع متغيرات فرضها انتشار الفيروس خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية.
“غرسة أمل” لذوي الاحتياجات الخاصة
ضمن مبادراته القائمة مؤخراً، أطلق تجمع “سحابة وطن” فعالية جديدة تحت اسم “غرسة أمل” تستهدف الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتجمعهم بأقرانهم من الأصحاء ليتشاركوا الأنشطة والألعاب ذاتها، حسبما قالت مديرة التجمع، ثريا الهادي.
الهادي أوضحت في حديث لـ”السورية نت” أن مبادرة “غرسة أمل” عبارة عن نشاطات حركية في مدينة الباب، تتضمن ألعاب وممارسة هوايات (رسم- غناء- أشغال يدوية…)، بحيث يكون المستفيد منها أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال أصحاء.
وأضافت أن الهدف من المبادرة هو “بناء وتعزيز العلاقات بين الأطفال من كلا الفئتين ضمن عملية دمج مجتمعي، وإعطاء رسالة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بأنهم أشخاص فاعلون في المجتمع وقادرون على العطاء كغيرهم من الأطفال”.
وتشير الإحصائيات إلى وجود ما لا يقل عن 200 ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الشمال السوري، معظمهم أطفال، وذلك من أصل 1.4 مليون طفل يعيشون في المنطقة، حسب تصريحات صادرة عن الرئيس السابق لـ “الحكومة السورية المؤقتة”، جواد أبو حطب، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
“حكايا الجدات”.. عبرة من الماضي
في الإطار ذاته، ينظّم تجمع “سحابة وطن” فعالية جديدة تستهدف المسنّات من النساء، وتحديداً الجدّات، تحت اسم “حكايا الجدّات”، وذلك بمبادرة من فريق “لمسة إبداع” التابع للتجمع.
مديرة “سحابة وطن”، ثريا الهادي، قالت لـ “السورية نت” إن “حكايا الجدّات” عبارة عن مبادرة يُجري خلالها الفريق زيارة لبعض الجدات في مدينة الباب، بحيث يتم تقديم الهدايا لهنَّ، و”يستمعون لحكاية من الجدّة يكون فيها عبرة وموعظة لجيل الشباب”.
وأضافت: “الهدف من المبادرة هو أن نستفيد من خبرات المسنين وقصصهم، خاصة في زمننا الحالي، إلى جانب تقوية الروابط الاجتماعية بين الجيلين والمحافظة على الألفة والمحبة”.
وبحسب الهادي، يبلغ عدد المستفيدات من هذه المبادرة 15 جدّة، مشيرة إلى أن العدد قليل لاعتبارات متعلقة بالدعم والتمويل.
ومن المقرر إدراج الحكايا التي روتها الجدات الـ 15 في كُتيّب صغير اسمه “حكاية وعبرة”، بحيث يتضمن القصة والعبرة المرجوة منها.
“رسمتنا لمتنا”.. معرض الرسم الأول
شهدت الباب، قبل أسبوعين، معرض رسمٍ هو الأول من نوعه في المدينة منذ سنوات، حسب تجمع “سحابة وطن” الذي أشرف على المعرض، تحت شعار “رسمتنا لمتنا”.
المعرض الذي تم تنظيمه في “المركز الثقافي”، تضمن عرض رسومات لـ 15 فناناً من أبناء مدينة الباب والمهجرين إليها، وحضره حوالي 150 امرأة و100 رجل، بحيث عُرضت لوحات عكست الواقع السوري وحال المرأة السورية، بعضها لوحات احترافية وأخرى لرسامين مبتدئين.
الهدف من المعرض بحسب “سحابة وطن” هو الدمج المجتمعي ودعم الفنانين في المنطقة وتنمية موهبة المبتدئين منهم، خاصة في ظل الأوضاع التي يعاني منها الشمال السوري، وتهميش دور الفنانيين والرسامين على حساب الظروف الإنسانية المتردية.
ماذا عن الإجراءات الوقائية؟
على اعتبار أن مدينة الباب تشهد أكبر معدل إصابات بفيروس “كورونا” بين مدن الشمال السوري، حيث تم إعلانها سابقاً “منكوبة” من قبل “الحكومة المؤقتة”، إلا أن النشاطات الاجتماعية لم تتوقف فيها مع التأكيد على اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.
مديرة تجمع “سحابة وطن” ثريا الهادي أكدت أن الفريق العامل يحرص على تطبيق الإجراءات الوقائية في المبادرات والفعاليات التي ينظمها، ومن بينها تحقيق التباعد الاجتماعي بين المشاركين، وارتداء الكمامات والاستمرار في التعقيم، إلى جانب التوعية بشأن الفيروس وطرق الوقاية منه.
وتُعرّف “سحابة وطن” عن نفسها بأنها “تجمع مدني نسائي تطوعي يعمل على تمكين المرأة ويساهم في بناء المجتمع، من خلال تدريب فرق مشاركة مجتمعية، يحقق من خلالها التوازن والتفاعل بين مكونات المجتمع ويستخرج الطاقات الكامنة الموجود لدى الشباب”، وكان التجمع قد تأسس عام 2017 ومقره مدينة الباب بريف حلب الشمالي.