فرنسا تتعاطف وتركيا تندد..هل ينكسر الجليد بين البلدين؟
شهدت العلاقات التركية- الفرنسية خلال الساعات الماضية، تخفيفاً في حدة التوتر الذي تصاعد مؤخراً، على خلفية وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ”المريض عقلياً”، بعد حديث الأخير عن أن “الإسلام يعيش في أزمة”، وتأييده لنشر الرسوم الكاريكاتيرية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأعربت الحكومة الفرنسية، اليوم الأحد وأمس السبت، عن تضامنها مع ضحايا الزلزال الذي ضرب بحر إيجه وتضررت به ولاية إزمير التركية، يوم الجمعة الماضي، وراح ضحيته نحو 70 قتيلاً ومئات الجرحى.
وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، عبر حسابه في “تويتر” إن “فرنسا تقف إلى جانب الشعبين التركي واليوناني في مواجهة هذه المحنة الرهيبة”.
وأضاف دارمانين: “إذا رغبت حكومات هذه الدول في ذلك، يمكن إرسال المساعدة الفرنسية على الفور إلى مكان الحادث”.
وكان الرئيس الفرنسي، قد عبّر عن نفس الموقف، خلال مقابلة له، بثتها قناة “الجزيرة” أمس السبت، ولكنه رغم ذلك اعتبر أن بلاده تتضامن مع الشعب التركي، دون أن يغفل انتقاده لتصريحات اردوغان بحقه.
وأعقب ذلك إصدار الخارجية التركية بياناً، نددت فيه تعرض كاهن أرثوذكسي لحادثة إطلاق نار في مدينة ليون الفرنسية، أمس السبت، معربة عن أملها في أن “يتعافى في أسرع وقت ممكن، وأن تنتهي هذه الهجمات، لكوننا بلداً يكافح جميع أنواع الإرهاب منذ سنوات”.
كما أعربت الخارجية في أنقرة عن “تضامنها وتمنياتها بالخير للشعب الفرنسي والجالية الأرثوذكسية التي تعيش في فرنسا في مواجهة الإرهاب”.
في حين أدان رئيس الشؤون الدينية التركية، علي أرباش، على حسابه في “تويتر”، “محاولة الحرق العمد لمسجد شاتودون بفرنسا والهجوم على الكنيسة في ليون”.
وقال إن “جميع المتطرفين الذين يُظهرون مواقف عدوانية تجاه المساجد ورجال الدين، هم العدو المشترك لنا جميعاً”.
هذه التنديدات تزامنت مع إعلان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إعادة السفير الفرنسي إلى أنقرة، بعد أسبوع على استدعائه، إثر انتقادات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، و بأنه” بحاجة إلى اختبار القدرة العقلية”.
وقال لودريان إن تركيا اتخذت “خياراً متعمداً باستغلال قطع رأس مدرس فرنسي أظهر لطلابه رسوما كاركاتيرية للنبي محمد”، متهماً أنقرة بشن “حملة كراهية وتشهير” ضد فرنسا.
لكنه أضاف أن إدانة تركيا لحادثة مقبل ثلاثة أشخاص في نيس، “مختلفة وواضحة ولا لبس فيها، غير أن هذا لا يمنع أنقرة من تقديم إيضاحات”.
وأكد الوزير الفرنسي أن عودة سفير بلاده “لمتابعة طلب الإيضاح والشرح مع السلطات التركية، بشأن التصريحات المشينة الأخيرة، وبشأن عمل أنقرة المزعزع للاستقرار منذ أشهر عدة في ليبيا، وفي شرق المتوسط، وفي منطقة ناغورني قره باغ”.
واعتبر لودريان أن “كل هذا يتطلب إيضاحات قوية طلبها الاتحاد الأوروبي نفسه (…)، لا يمكننا أن نبقى في أجواء من سوء التفاهم والتصريحات المشينة”.
من جهته أعرب الرئيس الفرنسي عن أمله بأن تهدأ الأمور مع تركيا، قائلاً “أمل بأن تهدأ الأمور، لكن من أجل أن يحدث هذا من الضروري أن يحترم الرئيس التركي فرنسا ويحترم الاتحاد الأوروبي وقيمهما، وألا يطلق الأكاذيب وألا يتفوه بالإهانات”.
وتشهد العلاقات بين البلدين منذ أشهر توتراً وجدالاً سياسياً بين المسؤولين، ويعود ذلك إلى الخلاف حول ملفات إقليمية عدة مثل سورية والعراق وليبيا وشرق المتوسط، إلى جانب النزاع الأخير بين أذربيجان وأرمينيا في القوقاز.