في منتصف سبتمبر/ أيلول الجاري، عبر وزير الداخلية القبرصي، كونستانتينوس إيوانو، عن أسفه لأن دول الاتحاد الأوروبي لا تقيّم إمكانية إعادة طالبي اللجوء السوريين إلى بلدهم.
وقال إيوانو حينها إن على الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم ما إذا كانت سورية آمنة للعودة، كي يتم ترحيل طالبي اللجوء إليها.
واتخذت قبرص أيضاً تدابير لتسريع معالجة طلبات اللجوء، وتقليل الدعم المالي لطالبي اللجوء، والبدء ببناء مراكز لاحتجاز المهاجرين، “لجعل قبرص وجهة غير جذابة”، وفق تعبير وزير الداخلية القبرصي.
إلا أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” أصدرت تقريراً، اليوم الجمعة، قالت فيه إن جميع المؤشرات تدل على أن سورية “غير آمنة” للعودة.
انتهاكات بحق العائدين
وجاء في التقرير أن “رايتس ووتش” وثقت قيام أجهزة النظام السوري الأمنية “باحتجاز واختطاف وتعذيب وقتل اللاجئين الذين عادوا إلى سورية بين عامي 2017 و2021 بشكل تعسفي”.
وأضافت أن هذا النمط من الانتهاكات والاضطهاد لم يتوقف، ففي يوليو/تموز الماضي، وجدت “هيومن رايتس ووتش” أن العائدين تعرضوا للتعذيب في عهدة المخابرات العسكرية السورية، وتم تجنيدهم بالقوة في الخدمة الاحتياطية.
وقالت المنظمة في تقريرها إن وزير الداخلية القبرصي استشهد بتقييم وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي (EUAA) بأن دمشق وأجزاء أخرى من سورية التي يسيطر عليها النظام السوري “لم تعد تعاني من العنف”.
لكنه، وبحسب التقرير، أغفل ملاحظة الوكالة بأن الأشخاص الذين تتم إعادتهم إلى دمشق “لا يزالوا معرضين لخطر الاضطهاد”.
وأضاف أن “العاصمة والوضع العام فيها هو أن إرسال أشخاص إلى هناك دون تعرضهم لخطر الاضطهاد لن يكون معقولاً إلا في حالات استثنائية”.
يشار إلى أن تصريحات وزير الداخلية القبرصي جاء بعد يوم واحد من تحذير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من تدهور الوضع الأمني في سورية بسبب القتال الدائر في شمال شرق البلاد.
وسبق أن أكدت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن الظروف في سورية تمنع من تعزيز أو تسهيل عودة اللاجئين إليها، مشيرة إلى أن الوضع “لا يزال غير آمن”.
“غياب العنف لا يعني أنها آمنة”
وبحسب تقرير “هيومن رايتس ووتش” فإن “غياب العنف العشوائي في جزء من البلاد لا يعني أن البلاد آمنة، وهذا لا يعني حتى أن الأماكن التي لا يتطاير فيها الرصاص خالية من الخطر”.
وأشار إلى أن “تعصب حكومة الأسد وقمعها للمعارضة منذ فترة طويلة، وشكوكها وعدائها تجاه اللاجئين السوريين الذين تعتقد أنهم يعارضونها، يعني أنه يجب النظر بجدية في ادعاءات الاضطهاد ضد أي شخص فر من البلاد”.
واعتبر أن الحكومات التي تسعى بفارغ الصبر للحصول على ضوء أخضر لترحيل السوريين عليها أن تعلم أنها تخالف الالتزامات بعدم الإعادة القسرية للاجئين.
وختم بالقول أن على الدول أن “تدرس بشكل كامل وعادل التهديد المتمثل في العنف وانعدام الأمن في معظم أنحاء سورية، والتهديد المستمر في جميع أنحاء البلاد بالاضطهاد لأي شخص يشتبه في اعتناقه معتقدات معينة أو هويات لا تتماشى مع أولئك الذين يسيطرون على المنطقة التي سيتم إعادتهم إليها”.