أعادت قرارات حكومة النظام بترميم المنازل المدمرة في اللاذقية جراء “الحرب والإرهاب”، الحديث مجدداً عن سياسة “العقوبة الجماعية” و”التمييز” التي يتبعها النظام منذ سنوات، ضد القرى التي ثارت ضده في المحافظة.
وفيما لا تزال آلاف المنازل التي طالها القصف في اللاذقية دون ترميم منذ 7 سنوات، تعكس قرارات حكومة النظام الأخيرة “انتقائية” في اختيار القرى التي يُسمح لأهلها بترميم منازلهم المدمرة والعودة إليها.
إذ أعلنت محافظة اللاذقية ومجلس بلدة ربيعة، مطلع الشهر الجاري، عن بدء الاكتتاب لإعادة تأهيل منازل متضررة جزئياً بفعل “القصف” في قريتي غمام والسكرية.
وذلك ضمن مشروع ترميم مجاني بالكامل، بالتعاون مع منظمة “الإسعاف الأولي” الدولية، وبتمويل من مفوضية اللاجئين الأممية.
قرى “الجبلين” خارج حسابات النظام
منذ سيطرة النظام على معظم جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية بدعم روسي قبل نحو سبع سنوات، سمح بترميم عدد محدود من المنازل فقط.
وشملت عمليات الترميم عدداً قليلاً من قرى الجبلين، وهي دورين والمريج والكوم وقسطل معاف وقريتي الكرت وساقية الكرت والغنيمية والعوينات والقصب ووطى الخان.
في حين لم تجر حكومة النظام أي عمليات إزالة للركام أو تأهيل معظم قرى جبلي الأكراد والتركمان، ومد شبكات الكهرباء إليها، لتمكين النازحين من العودة.
كما أنها لا تزال تطلب موافقة أمنية لأي عائلة ترغب بالعودة إلى منازلها من سكان هذه القرى.
الناشط الإعلامي في ريف اللاذقية عدنان أوس، يقول لـ”السورية نت” إن معظم عمليات الترميم التي تتم بتمويل أممي، هي في قرى لم تخرج عن سيطرته أصلاً، بينما المناطق المتضررة من قصفه، مثل سلمى وربيعة، خارج هذه المشاريع.
وأضاف الناشط المنحدر من جبل الأكراد أن النظام السوري “لا يزال يتبع سياسية العقوبة الجماعية ضد سكان الجبلين، كونهما من أولى المناطق التي ثارت بوجهه وخرجت عن سيطرته، من خلال منع عودة الحياة وتوجيه المساعدات الأممية إلى قرى تحسب موالية له”.
وأكد أوس أنه منذ سيطرة النظام على قرى الجبلين عام 2016، منع السكان من العودة إليها.
ولفت إلى أن “مليشياته سيطرت على القرى واستحلت أرزاقها وعاثت بها فساداً، بينما كان التمييز واضحاً من خلال عدم إيصال الخدمات إليها، خاصة بلدة سلمى التي لا تبعد عن الحفة سوى بضع كيلو مترات”.
قرى اللاذقية وسياسة التمييز
يضم جبلا الأكراد والتركمان خليطاً من سكان عرب وتركمان، وخرجت معظم قرى الجبلين منذ بداية الثورة السورية عن سيطرة قوات النظام عام 2012، قبل أن تشن روسيا في بداية تدخلها العسكري عام 2015 حملة عسكرية واسعة، أدت إلى سيطرة النظام على معظم مساحات ريف اللاذقية الشمالي.
الشاب وليد، المنحدر من بلدة سلمى ويقيم حالياً في اللاذقية، اتهم حكومة النظام باتباع سياسة “طائفية” ضد سكان قرى اللاذقية التي خرجت عن سيطرته سابقاً.
وقال وليد (37 عاماً) والذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل لدواع أمنية، إن بلدة سلمى لا تبعد عن مدينة اللاذقية أكثر من 45 كم، وتعتبر من أبرز الأماكن السياحية في المنطقة، ورغم ذلك يتجاهل النظام إعادة الخدمات إليها، حسب قوله.
مضيفاً: “لا نطالب النظام بترميم المنازل. نحن نقوم بإصلاحها على حسابنا، لكنهم إلى اليوم يمنعوننا من الترميم والعودة، فيما لا تزال المليشيات تنتشر داخلها”.
وأردف: “يتذرع النظام حتى اليوم بمنع عودة باقي السكان إلى المنطقة بأنها منطقة عسكرية، وأنه يتخوف من عودة هجوم (الإرهابيين)، في حين أن بلدة سلمى مثلاً تقع في محيط قرى موالية أعاد النظام سكانها بمجرد سيطرته على المنطقة”.
من جانبه، قال الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني لـ”السورية نت” إن “النظام سمح لسكان مدينة كسب، وهم من المسيحيين، بالعودة إليها بعد مدها بالكهرباء والماء، رغم أنها لا تبعد سوى كيلومترات عن مناطق سيطرة قوات المعارضة في جبل التركمان”.
وأضاف أن النظام “أعاد سكان قرى مركشيلة وجب الأحمر، وهم من الموالين، رغم أنها أقرب من بلدة سلمى إلى الجبهات، بينما ترك القرى التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة لمليشياته يعيثون بها فساداً ويسرقون أرزاقها”، وهي قرى غنية زراعياً حسبما أفاد.
يُشار إلى أن عمليات إعادة تأهيل هذه القرى، التي يدعي النظام أنها تضررت من “الإرهاب”، تتم بين مجلس محافظة اللاذقية، ومنظمة “الإسعاف الأولي” الدولية، وبتمويل من مفوضية اللاجئين.
وسبق أن تحدث ناشطون عن “تمييز” النظام في توزيع مساعدات الزلزال الذي ضرب سورية في فبراير/ شباط الماضي، بين القرى الموالية له في اللاذقية، والقرى التي خرجت عن سيطرته سابقاً، لاعتبارات “طائفية” وفق وصفهم.