قصة بهجت سليمان..خلطة أمنية “ثقافية” تؤيد “سحق المعارضين”
في الخامس والعشرين من مايو/أيار سنة 2014، وبينما كان الملك الأردني يصافح زوار قصره الذين شاركوا باحتفال ذكرى استقلال المملكة الثامن والستين، أطلَّ بهجت سليمان سفير النظام حينها في عمان من بين الحضور، ليصافح الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الذي بدوره استدعى مباشرة رئيس التشريفات الملكية ثم وزير الخارجية الأردني حينها ناصر الجودة، حيث اتخذَ قرارٌ بطرد سليمان من عمّان وغادرها بعد يومين.
صرّحت المملكة الأردنية حينها، أن طرد سفير دمشق لا يعني إنهاء العلاقات معها، بقدر ما هو اعتراض على شخص السفير نفسه، الذي كان أطلق عدة تصريحات من الأردن، يُهدد ويتوعد فيها المملكة الواقعة على الحدود الجنوبية لسورية، والتي كانت حينها في أوج اشتعالها بالمعارك بين فصائل الجبهة الجنوبية وقوات النظام.
السفير الأمني
بعد إحالته للتقاعد، عيّن بشار الأسد، الضابط العتيق المخلص له بهجت سليمان، سفيراً لسورية في الأردن، التي بقي فيها ثلاث سنواتٍ بعد بدء الثورة السورية، في وقتٍ حساسٍ من العلاقات بين عمّان ودمشق، التي كانت تتهم الجانب الأردني بتسهيل تمرير السلاح لدرعا.
ومن أشهر تصريحاته التي أطلقها من عمّان، اعتباره أن “الأردن بلد جاهل وعلى سورية أن تعلمه أن لديها صواريخ إسكندر وهي قادرة على علاج الباتريوت وبشكل ناجح جداً جداً”.
كانت مهمة سليمان في الأردن، آخر المناصب الرسمية التي يشغلها، قبل أن يعود لدمشق سنة 2014، إبان طرده، ويبقى فيها حتى توفي اليوم الخميس في مشفى تشرين العسكري.
وقالت مصادر النظام الرسمية، إنه توفي بمضاعفات فيروس “كورونا”، حيث كان لازم المشفى منذ حوالي أسبوعين.
خلطة عسكرية أمنية “ثقافية”
وُلدَ بهجت سليمان في قرية “زنيو” القريبة من بلدة القرداحة، بريف اللاذقية، سنة 1949، تدرج في المناصب العسكرية بالجيش، قبل أن ينتقل للعمل الأمني، الذي وصل فيه لرتبة لواء.
بلغ ذروة ترقيهِ بالمناصب، عندما أصبح رئيساً لفرع الأمن الداخلي في أمن الدولة، وهي آخر المهام الأمنية المُعلنة التي كان يشغلها سنة 2000، مع وصول بشار الأسد لرأس السلطة.
عُرفَ عنه ولائه المُطلق دون أي تحفظ لبشار الأسد، وله علاقاتٌ واسعة بالوسط الثقافي السوري، حيث كان يلتقي بشكل دوري في فترة قيادته لفرع الأمن الداخلي، كثيراً من الكتّاب والصحافيين ونجوم الدراما في سورية.
نشر في بداية سنة 2017، كتابه “عظماء القرن العشرين”، ومن بينهم بوجهة نظره: بشار الأسد، وحافظ الأسد، والخميني، وفلاديمير لينين، وماو تسي تونغ، وفيدل كاسترو.
في عالم “الفيسبوك”
كان يقدمُ نفسه، كـ”لواء” و”سفير” و”دكتور” و”مثقف”، ويشتهر بإطلاق أحكام القيمة على الشخصيات الناشطة في الشأن العام، فأي رافضٍ لنظام الأسد “خائن يجب سحقه”، وعلى العكس فيما يتعلق بالشخص المؤيد للأسد الذي كثيراً ما يطلق عليه “الكاتب والأديب الوطني المقاوم”.
لهُ صفحةٌ أطلق عليها “خاطرة أبو المجد”، يعلقُ فيها على بعض التطورات والأحداث الراهنة، وينشر فيها مقالاتٍ دورية، يكتب بعضها، ويشارك بعضها من كتّابٍ “مقاومين”.
خرج خلافهُ مع دريد ابن رفعت الأسد الذي يقيم في اللاذقية، إلى العلن سنة 2019، حيث تبادلا المنشورات التي ينتقد فيها كل منهما الآخر، بعدما ألمح بهجت في أحد منشوراته إلى “خيانة” رفعت للنظام.
لكن ابن رفعت رد باتهام سليمان، أنه كان أحد أتباع أبيه و “يعبئ جيوبه من فرع الأشغال بسرايا الدفاع” التي كان يقودها رفعت.
واستطاع بهجت بفضل علاقاته داخل النظام ومناصبهِ العديدة القديمة، أن يؤسسَ لأبناءه مجد وحيدرة، أعمالاً تجارية، إذ يسيطرون على “المجموعة المتحدة” للنشر والتوزيع، ومقرها دمشق، و تصدر عنها صحفٌ أشهرها “بلدنا نيوز”، و”الوسيط” للإعلان.