“كنصفرة” على خطوط التّماس..انعدام الخدمات ينهك ما تبقّى من سكّانها
يعيش محمد السعيد وعائلته المكوّنة من 7 أشخاص، على مسافةٍ قريبة لا تتجاوز كيلو متراً عن خطوط التّماس مع قوات الأسد، في بلدته “كنصفرة” الواقعة في “جبل الزاوية” جنوبي إدلب، رغم التحدّيات الأمنيّة.
“السعيد” عاد إلى بلدته بعد تهجيره خلال الحملة العسكرية الأخيرة للنظام وروسيا، ووصولهما إلى تخوم البلدة، بعد أن ضاق التهجير به وعائلته، في ظل تردي المأوى وغياب فرص العمل ومشقّة الظروف المعيشية، على حدّ تعبيره.
عائلة السعيد، واحدة من حوالي 160 عائلة فقط، قررت البقاء في البلدة، من أصل 1600 عائلة، رغم التهديد الأمني المتمثّل بقربها من خطوط التّماس، والاستهداف المستمر لأطراف البلدة ووسطها من قبل مدفعية قوات الأسد.
يقول السعيد في حديثٍ لـ”السورية.نت”: “مهددون في أي وقت بالاستهداف، أشعر بالقلق بحال خرج أحد أولادي خارج المنزل، أو إذا غادرت المنزل وتركت عائلتي وحدها”.
ويردف: “لا خيار أمامنا إلا الصبر والصمود.. هذه أرضنا وهذا منزلنا”.
لا ينغّص عيش عائلة السعيد، الهاجس الأمني فقط، إنما معاناة يومية مع تأمين أدنى الخدمات، في ظل شحّ الرعاية والاهتمام الذي تعيشه البلدة وباقي قرى “جبل الزاوية”.
يشتكي الأهالي والمجلس المحلي للبلدة، من تراجع كبير لنشاط المنظمات الإنسانية في المنطقة، بسبب “قرب البلدة من خطوط التّماس”، بحسب رواية المجلس المحلي للبلدة.
ويخيّم الدمار على أزقّة وأحياء ومنازل البلدة، مثل البلدات والقرى القريبة منها في “جبل الزاوية”، بعد تعرّضها لحملة قصف عنيفة خلال حملة عام 2019 ـ 2020 العسكرية، وهو ما يشكّل تحدياً آخر أمام عودة واستقرار العائلات.
“لا خدمات في البلدة”
يقول محمد السعيد، إنّ “جميع الخدمات تنعدم في البلدة، وبعض الخدمات القائمة بصورة خجولة، على اعتبار أنّ كوادرها تطوعيّة، مثل المدرسة والمستوصف الوحيد في البلدة”.
ويقدّم المستوصف خدمات شحيحة، علاجية وإسعافية، في حين تتطلب الحالات الخطرة أو المتوسّطة، التوجّه إلى مدينة إدلب أو شمالي المحافظة، وهي مسافة لا تقل عن 20 كيلو متراً وقد تصل لـ 30 كيلو متراً، إذا تطلبت الخدمة الطبية مستشفيات المناطق الحدودية مثل “باب الهوى وسرمدا وأطمة”.
يوضح السعيد، أنّ “تأمين المياه يتطلب نقله من بلدة البارة المجاورة إلى بلدتهم، فلا آبار قيد الخدمة في البلدة، كما أنّ الأمر ذاته ينطبق على الخبز”.
ويعتبر أنّ “البلدة وباقي قرى جبل الزاوية مظلومة من ناحية الإغاثة، فالعائلات الأشد فقراً، هي التي تقطن في هذه المنطقة، لأنّ لا إمكانيات لديها للإقامة في الشمال، لمشقّة الإيجارات وغياب فرص العمل”.
“محرومون من الإغاثة”
إبراهيم المصطفى، وهو رئيس المجلس المحلي في بلدة “كنصفرة”، يقول إنّ “البلدة لم تزرها المنظمات الإغاثية على الإطلاق منذ بدء عودة الأهالي، ولدى محاولة التواصل مع بعضها، يأتي الرد أنّ البلدة على خطوط التّماس”.
ويتابع لـ”السورية.نت”: “خلال فصل الشتاء تزداد معاناة الأهالي، ويصبحون أشد حاجة للمساعدة الإنسانية، لكن مع الأسف لا صيفاً ولا شتاءً تتوفر الإغاثة للسكان”.
ويضيف: “موقع البلدة حرمنا من مشروع تقديم خبز مجاني، بينما حظيت بلدات وقرى مجاورة بالمشروع لمدة 13 شهراً”، مبيناً أنّ “الهم الأكبر للعائلات هو تأمين رغيف الخبز أو دعمه، نتيجة ارتفاع سعر الربطة لـ 5 ليرات”.
وحول واقع أبرز الخدمات، يوضح أنّ “المدرسة الوحيدة في البلدة يعمل مدرسوها تطوعياً منذ بدء العام الدراسي، وكذلك المستوصف الذي يتناوب عليه 6 ممرضين فقط، وسط غياب الأدوية واللوجستيات والرواتب الشهرية”.
ويعتمد أهالي البلدة، لتأمين مصدر رزقهم على الزراعة ورعي الأغنام، بحسب المصطفى، لكن التهديد الأمني يحول من تمكنهم في تأمين لقمة العيش.
يقول حول ذلك، إنّ “القصف المستمر والمفاجئ يهدد حياة السكان المزارعين، الذين يضطرون للعمل تحت الخطر، وإمكانية تعرضهم للقنص أو القصف بأية لحظة، في سبيل تأمين رزق كريم”.