“كورونا” في الشمال..تحدياتٌ تواجه المنظومة الطبية وتوقعات بزيادة الإصابات
رغم اجراءات الوقاية المُتبعة في الشمال السوري، منذ مارس/آذار الماضي، إلا أن الفيروس المستجد “كورونا” دخل إلى إدلب وأرياف حلب المتصلة بها، حيث تم الكشف عن أول إصابة يوم التاسع من هذا الشهر، لترتفع خلال 13 يوماً إلى 22 حالة حتى مساء الثلاثاء 21 يوليو/تموز، وسط توقعات بإرتفاعها في الفترة القادمة، وهو ما يدق ناقوس خطرٍ في منطقةٍ تؤوي أربعة ملايين نسمة، ربعهم يقيمون في المخيمات المكتظة.
ورغم تأخر وصول الفيروس المستجد لتلك المناطق، بدأت التجهيزات له منذ انتشاره في الدول المجاورة لسورية، خاصة تركيا، المتاخمة لمناطق الشمال السوري، حيث بدت الاستعدادت “خجولة” لمنع وصول الفيروس، إذ أن امكانيات المنظمات العاملة تبقى محدودة، وكذلك فإن المنظومة الطبية توصف بالـ”هشة”.
ويدور الحديث الآن، حول مدى جاهزية المنظومة الطبية في مناطق إدلب وريف حلب، التي وصلها الفيروس، والإجراءات الجديدة التي اتخذتها الجهات المعنية لمنع حصول كارثة إنسانية في مناطق تشهد اكتظاظاً سكانياً وإمكانيات بسيطة، يصعب معها احتواء الفيروس والتقليل من أضراره.
الاستعداد للفيروس بدأ منذ أشهر.. ما الجديد؟
مع تسجيل أول إصابة بفيروس “كورونا” في إدلب، يوم 9 يوليو/ تموز الجاري، تعود لطبيب سوري يعمل في مشفى باب الهوى، عمدت مديرية صحة إدلب إلى إغلاق المشفى بشكل كامل والحجر على جميع الكوادر العاملة فيها، حسب ما ذكر رئيس شعبة الإعلام في مديرية صحة إدلب، عماد زهران.
زهران قال لموقع “السورية نت”، إن المديرية طلبت من جميع الأشخاص الذي راجعوا مشفى باب الهوى من تاريخ 2 يوليو/ تموز الجاري، الحجر الصحي على أنفسهم داخل المنازل وعدم مخالطة الآخرين مدة 14 يوماً، والاتصال على الأرقام الساخنة في حال ظهرت عليهم أحد أعراض فيروس “كورونا”، من حرارة وضيق تنفس وغيرها.
وأضاف أنه ضمن الإجراءات الجديدة التي اتخذتها مديرية صحة إدلب، تنظيم العمل الطبي، حيث تم تعليق عمل جميع العيادات مدة أسبوع قابلة للتمديد حسب تطور انتشار الفيروس، على أن يتم بعدها العمل وفق آلية جديدة عممتها المديرية على جميع العيادات، وهي حجز المواعيد عبر الهاتف ووفق أعداد محدودة لا يتم خلالها الجمع بين المرضى، وإلزام الجميع بارتداء الكمامة وتحقيق شروط التباعد الاجتماعي.
#مديرية_صحة_إدلبسيَّرت مديرية صحة #إدلب ثلاثة فرق توعوية جوالة، عبر ثلاث سيارات مزودة بمكبرات صوت، بهدف نشر التوعية…
Gepostet von مديرية صحة إدلب – Idlib Health Directorate am Sonntag, 12. Juli 2020
بدورها، كثفت منظمة “الدفاع المدني السوري” من حملاتها عقب وصول فيروس “كورونا” لمناطق الشمال السوري، الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، حيث ضاعفت من عمليات تطهير المنشآت العامة في جميع المناطق، حسبما صرح عضو المكتب الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني”، فراس خليفة.
خليفة أوضح في حديث لـ”السورية نت” أن المنظمة خصصت فرقاً للعمل على نقل المصابين والمشتبه بإصابتهم، إلى مراكز الحجر الصحي والمراكز الصحية، إلى جانب تكثيف حملات التوعية لتعريف الأهالي بطرق الوقاية من الفيروس والتأكيد على ضرورة التباعد الاجتماعي والتعقيم وارتداء الكمامات.
وتحدث خليفة عن مبادرة يجري العمل عليها حالياً، وهي إنشاء فريق تحت اسم “متطوعون ضد كورونا”، يعمل على الاستجابة لاحتياجات الأهالي وخدمة المدنيين في حال فرض الحظر والحجر الصحي، بحيث يشارك في المبادرة أكثر من 100 منظمة عاملة في الشمال السوري، لتحقيق أهداف المبادرة على أوسع نطاق.
وكانت منظمة “الدفاع المدني” بدأت عمليات تطهير للأماكن العامة، منذ بدء انتشار فيروس “كورونا” حول العالم قبل 4 أشهر، حيث أنجزت أكثر من 7800 عملية تطهير، شملت 5000 منشأة عامة، رافقتها حملات توعية وجلسات دعم للأهالي، خاصة في المخيمات، بحسب عضو المكتب الإعلامي، فراس خليفة.
المخيمات قنبلة موقوتة خلال جائحة #كورونا، فرقنا تبذل قصار جهدها لتخفيف العبئ عن أهلنا من قاطني المخيمات. #الخوذ_البيضاء_إدلب
Gepostet von Civil Defense Idlib الدفاع المدني سوريا-محافظة ادلب am Freitag, 17. Juli 2020
منظومة صحية “هشة”تواجه تحدياتٍ غير مسبوقة
تفتقد مناطق الشمال السوري لمقومات منظومة طبية، قادرة على الاستجابة للأوبئة والأمراض، نتيجة نقص الدعم المقدم لها، والقصف الذي تعرضت له خلال السنوات والأشهر الماضي، ما أدى إلى خروج عدد كبير من المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة، حسبما قال عضو المكتب الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني”، فراس خليفة.
وأوضح خليفة لـ “السورية نت”، أن المنظومة الصحية في إدلب تحديداً بحاجة لدعم كبير، من الأسرّة والعناية المركّزة والمنافس الاصطناعية ومراكز الحجر الصحي، مشيراً إلى أن العدد الحالي لا يكفي في حال ازداد عدد الإصابات.
وتابع: “الاحتياجات متزايدة والكثافة السكانية في المنطقة كبيرة جداً، حيث يعيش أكثر من 4 ملايين نسمة، ما ينذر بتدهور الوضع وعجز المنظومة الصحية عن الاستجابة للوباء”.
فيما أشار رئيس شعبة الإعلام في مديرية صحة إدلب، عماد زهران، إلى ضعف الإمكانيات أيضاً وتدهور البنية التحتية الطبية، متحدثاً عن غياب الدعم الدولي وضعف استجابة منظمة الصحة العالمية للواقع الطبي في الشمال السوري.
ومع ذلك، تحدث زهران عن وجود 3 مستشفيات مخصصة لمعالجة الإصابات بفيروس “كورونا” في المنطقة، فيما تعمل المديرية حالياً على تجهيز 30 مركز عزل، 3 منها أصبحت جاهزة، و15 ستصبح جاهزة بغضون 10 أيام.
وبالنظر إلى الدراسات والأبحاث التي أجراها عدة أطباء في الشمال السوري، قال الرئيس السابق لـ “الحكومة السورية المؤقتة”، الطبيب جواد أبو حطب في حديث سابق لـ”السورية نت” إن مقياس انتشار كورونا حسب التجارب يدل على أنه “في حال تم تسجيل إصابة واحدة في منطقة ما، فإن العدد سيزداد إلى 400 بعد شهر، إذا لم يتم اتباع إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، أما في حال تم تطبيقها سيصبح العدد 16”.
وأضاف “قدرة التباعد الاجتماعي في الشمال السوري ضعيفة جداً، بسبب الاكتظاظ السكاني وكثرة عدد المخيمات”، وبالتالي في حال أصابت الجائحة الشمال السوري، فإن 80% من الإصابات ستخضع لحجر منزلي، بسبب عدم القدرة على استقبال كافة الإصابات في المستشفيات والمراكز الطبية هناك.
وتشير الإحصائيات التي اطلع عليها أبو حطب، إلى وجود 4 آلاف سرير في مستشفيات ومراكز الشمال السوري(إدلب وأرياف حلب)، و400 منفسة وسرير عناية مشددة فقط.
يُشار إلى أنه تم إجراء أكثر 3071 تحليلاً لفيروس “كورونا” في الشمال السوري، حتى يوم مساء الثلاثاء 21يوليو/تموز، ثبت إصابة 22 منها، تتوزع بين مدن اعزاز وباب الهوى وسرمدا وإدلب، بحسب بيانات مخبر الترصد الوبائي التابع لبرنامج شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة.
ورغم أن المؤسسات والمنظمات المختصة، في شمال وشمال غربي سورية، اعتمدت إجراءات احترازية لمنع وصول “الكارثة”، إلا أن العوامل والظروف التي تخضع لها المنطقة، جعلت من الصعب منع ذلك، وإحكام السيطرة الصحية والإنسانية على الوضع، خاصة أن تلك المناطق، تفتقد مقومات منظومة طبية، وهي خاضعة لحصار شبه تام منذ سنوات؛ هذا الحصار الذي رأى البعض أنه أبرز أسباب تأخر وصول “كورونا” للمنطقة، شبه المعزولة عن محيطها.