لا “كورونا” بمخيمات الشمال منذ أسابيع..مختصون: إجراءات الوقائية جيدة و”غير كافية”
على مدى 23 يوماً لم تشهد مخيمات شمال غربي سورية، تسجيل أي إصابة بفيروس “كورونا”، في حالة نادرة منذ وصول الفيروس لتلك المخيمات المكتظة بالسكان، والتي يصعب فيها تطبيق الإجراءات الاحترازية بصورتها الدقيقة.
وانخفاض معدل الإصابات، تم تأكيده من قبل مديرية صحة إدلب وفريق “منسقو استجابة سوريا”، الذي وثّق عدم تسجيل إصابة داخل مخيمات الشمال الغربي من سورية في الفترة بين 19 فبراير/ شباط الماضي و13 مارس/ آذار الجاري، فيما تم تسجيل إصابات طفيفة جداً تتراوح بين إصابتين وثلاث خلال الأيام القليلة الماضية.
كيف يمكن تفسير انخفاض الإصابات؟
مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، أوضح في حديث لـ”السورية نت” أن انخفاض الإصابات يمكن ربطه بتحرك الفيروس في المجتمع ودخوله في عدة ذروات، مضيفاً: “كما هول الحال في معظم بلدان العالم، يدخل فيروس كورونا بذروة تشتد معها الإصابات، ثم تنخفض الإصابات بعد انتهاء الذروة”.
وبحسب حلاج، فإن التفسير الآخر لانخفاض الإصابات في مخيمات شمال غربي سورية، يعود إلى أن تقصي إصابات “كورونا” لا يشمل عادةً جميع سكان المخيمات بأعدادها الكبيرة، بل يقتصر على الذين تظهر عليهم الأعراض، أو يراجعون النقاط الطبية لإجراء فحص “PCR”.
وتابع: “قد يكون هناك أعداد كبيرة في المخيمات أصيبت بالفيروس وشفيت منه دون أن تشعر، أو دون أن تراجع النقاط الطبية”.
واعتبر حلاج أنه في حال زادت المسحات المخصصة يومياً للمخيمات، فإن عدد الإصابات سيظهر بشكل أكبر وأدق.
بدوره، قال مسؤول ملف “كوفيد- 19” في مديرية صحة إدلب، الدكتور حسام قرة محمد، إن التقارير الصادرة حول عدم تسجيل إصابات “كورونا” في مخيمات شمال غربي سورية هو أمر صحيح.
إلا أنه فسر ذلك بقوله: “خلال الذروة الماضية كان هناك عدد إصابات كبير في المخيمات دون وجود فحوص دقيقة، على اعتبار أن كثيراً من المصابين لم يراجعوا مراكز العزل لإجراء مسحات كورونا، خاصة أولئك الذين كانت الأعراض خفيفة لديهم، وبالتالي لم تتمكن فرق الترصد الوبائي من تسجيل العدد الفعلي للمصابين”.
وأضاف قرة محمد لـ”السورية نت” أنه بعد انتهاء الذروة، انخفض عدد الإصابات بشكل طبيعي، وسط مخاوف من دخول الفيروس ذروة جديدة.
الإجراءات “جيدة” لكن “غير كافية”
عدم تسجيل إصابات في المخيمات على مدى 23 يوماً، سلّط الضوء على مدى نجاح الإجراءات الاحترازية المُتّبعة هناك، ومدى التزام سكان المخيمات بتلك الإجراءات للحد من انتشار فيروس “كورونا”.
مدير “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، اعتبر أن انخفاض الإصابات لا يعود إلى التزام السكان بالإجراءات الوقائية، نظراً للظروف التي تشهدها مخيمات الشمال من اكتظاظ سكاني، إلى جانب غياب مقومات الوقاية من الأوبئة والأمراض، وأبرزها عدم الاختلاط والتباعد الاجتماعي.
وأضاف حلاج: “قد يكون لمناعة السكان دور في انخفاض الإصابات خاصة في الوقت الحالي من انتشار الفيروس، على اعتبار أن فصل الشتاء انتهى مع دخول الذروة الثانية، ما أسهم في انخفاض انتشار العدوى”.
بدوره، وصف مسؤول ملف “كوفيد- 19” في مديرية صحة إدلب، الدكتور حسام قرة محمد، إجراءات الوقاية من “كورونا” في المخيمات بأنها “جيدة لكن غير كافية”، مشيراً إلى أن الإجراءات الحالية لعبت دوراً في تخفيف حدة الأعراض على كل مصاب، إلا أنها لم تمنع الإصابة بشكل فعلي.
وأبرز تلك الإجراءات ارتداء الكمامات، ونقل المصابين إلى مراكز العزل المجتمعي بعد إجراء فحص “PCR”، دون إمكانية تحقيق التباعد الاجتماعي.
وحذر قرة محمد في حديثه لـ “السورية نت” من تراخي سكان المخيمات في التعاطي مع الفيروس عقب انخفاض عدد الإصابات، مشيراً إلى أن ذلك “أعطى الناس نوعاً من الطمأنينة وأفقدهم إمكانية الاستجابة للإجراءات اللازمة في حال انتشر الفيروس بصورة أكبر ودخل ذروته الثانية في المخيمات”.
منظومة صحية “هشّة”
تجاوزت إصابات “كورونا” في مناطق ريف حلب وإدلب 21260 حالة، توفي منها 637 حالة، حسب الأرقام الصادرة عن مديرية صحة إدلب هذا الأسبوع.
وتفتقد مناطق الشمال السوري عموماً لمقومات منظومة طبية، قادرة على الاستجابة للأوبئة والأمراض، نتيجة نقص الدعم المقدم لها، والقصف الذي تعرضت له خلال السنوات والأشهر الماضي، ما أدى إلى خروج عدد كبير من المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة، حسبما قال عضو المكتب الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني”، فراس خليفة، في وقت سابق لـ “السورية نت”.
وأوضح خليفة أن المنظومة الصحية في إدلب تحديداً بحاجة لدعم كبير، من الأسرّة والعناية المركّزة والمنافس الاصطناعية ومراكز الحجر الصحي، مشيراً إلى أن العدد الحالي لا يكفي في حال ازداد عدد الإصابات.
وتابع: “الاحتياجات متزايدة والكثافة السكانية في المنطقة كبيرة جداً، حيث يعيش أكثر من 4 ملايين نسمة، ما ينذر بتدهور الوضع وعجز المنظومة الصحية عن الاستجابة للوباء”.
ويكمن الخوف الأكبر من تفشي الوباء في المخيمات، نظراً للأعداد الكبيرة التي تقطنها، إذ تشير إحصائيات “الدفاع المدني” إلى وجود أكثر من 1200 مخيم في الشمال السوري، بينها 390 مخيماً عشوائياً، يقطنها أكثر من مليون نسمة معرضين لخطر الإصابة.