سجلت الليرة السورية صباح اليوم السبت انهياراً جديداً في قيمتها في سوق العملات الأجنبية، لتصل إلى حد 6 آلاف مقابل الدولار الأمريكي الواحد.
وبحسب النشرة اليومية لموقع “الليرة اليوم” سجلت الليرة سعر 5940 للشراء أمام الدولار، و6000 للمبيع، في تدهور تاريخي لم يسبق أن وصلته سابقاً.
ويأتي التدهور الحاصل بالتزامن أزمة محروقات تضرب عموم المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
ووفق تصريحات المسؤولين في حكومة الأخير لا توجد أي انفراجة تلوح في الأفق على المدى القريب، لاسيما في ظل ضعف التوريدات، وتأخر وصول ناقلات النفط إلى الموانئ السورية.
وخلال الشهرين الماضيين، بدأت الليرة بهبوط متسارع أمام الدولار، لتكسر حاجز الـ5 آلاف وتنهار تدريجياً وصولاً إلى 6 آلاف مقابل الدولار الواحد.
وطرحت حالة الارتفاع الأخيرة في سعر الصرف إشارات استفهام حول الأسباب الكامنة وراء ذلك، خاصة مع عدم تغير الظروف وبقائها على حالها سواء كانت أمنية أو سياسية أو اقتصادية.
وكانت وسائل إعلام النظام الرسمية قد أرجعت، في وقت سابق، سبب التدهور السريع، إلى المضاربين الذين وصفتهم صحف محلية بأنهم “لصوص الصرف”.
لكن في المقابل أرجع باحثون اقتصاديون الانهيار الحاصل بقيمة الليرة لأسباب داخلية وخارجية، وترتبط بشكل أساسي بساسة المصرف المركزي التابع للنظام السوري، فضلاً عن الأزمات التي يعيشها الأخير، والتي تؤثر بالسلب على الشعور الاقتصادي العام في البلاد.
“عدة أسباب”
وقالت وزيرة الاقتصاد سابقاً في حكومة النظام السوري، لمياء عاصي إن “التذبذبات الحادة بسعر الصرف حصلت بعد استقرار نسبي دام خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، بعد ذلك بدأ سعر الصرف بالارتفاع”.
وتابعت في حديث لها لصحيفة “البعث“: “رافقه ارتفاع بالسعر الرسمي فقد تحرك من 2814 ل.س إلى 3015 ل.س مقابل الدولار الواحد، وذلك لعدة أسباب”.
ومن هذه الأسباب: ارتفاع سعر الدولار عالمياً مقابل العملات العالمية الرئيسية، مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني وغيرها نتيجة قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على الدولار.
علاوة على ذلك تكمن أسباب أخرى بالتوقعات بمواصلة الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي لسورية، والذي يعتبر العامل الأهم في تحديد سعر عملة ما، ما جعل أكثر المتعاملين والتجار يلجؤون لملاذات آمنة مثل الدولار أو الذهب أو العقارات، مدفوعين بالخشية من فقدان قيمة أموالهم تدريجياً.
ولأن العقارات ليست سهلة التسييل، يفضل الكثيرين اللجوء إلى العملات الأجنبية والذهب كمخزن أمن للقيمة، وهذا يؤدي مباشرة إلى زيادة الطلب عليه.
وأشارت عاصي إلى الأرباح الكبيرة التي تجنيها السوق السوداء من الإتجار، خصوصاً بالمشتقات البترولية وتحويل حصيلة ذلك من الليرات السورية إلى عملات أجنبية، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الدولار وبالتالي ارتفاع سعره.
وأشارت كذلك إلى “تراكم أخطاء السياسة النقدية التي استخدمت الاحتياطي النقدي في أوقات سابقة، بما يشكل هدراً غير مفهوم، إضافة للقيود التي فرضتها منذ أكثر من عام وأدت إلى التأثير سلباً على الحركة الاقتصادية والإنتاجية خصوصاً”.
وسبق وأن استعرض خبراء اقتصاد أسباباً “داخلية وخارجية”، في حديث سابق لهم لموقع “السورية.نت“.
وترتبط الأسباب الخارجية بالتضخم العالمي الحاصل وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
أما الداخلية فتتعلق برفع حكومة نظام الأسد لأسعار المشتقات النفطية والدعم عن كثير من المواد، إضافة إلى اعتمادها على الاستدانة الداخلية من خلال طرحها مزادات أذونات خزينة لمصارف محلية.
كما تتعلق أيضاً بعدم حصول المصرف المركزي على كميات من القطع الأجنبي لتمويل حاجة سورية.