للمرة الثانية خلال أقل من عام، أصدر رئيس النظام بشار الأسد، مرسوماً يقضي بحل مجلس مدينة اللاذقية، وذلك بعد أيام قليلة من زيارته مدينة القرداحة مسقط رأسه.
وجاء حل المجلس، بعد نحو ثمانية أشهر فقط على تشكيله، وتعتبر هذه المرة الرابعة خلال عامين، التي يتم فيها حل مجلس مدينة اللاذقية، وسط شكاوي كثيرة من سكان المحافظة من سوء كبير في الخدمات، لاسيما انقطاع الماء في المنطقة الساحلية الغنية بالماء وغياب الكهرباء، إضافة للفساد الذي اقترن اسمه بالمجلس.
وحول أسباب حل المجلس الحالي، والذي كان برئاسة المهندس أحمد حلاق، ربط مسؤول “لجان التنسيق المحلية” في مدينة جبلة، أبو يوسف جبلاوي، بين القرار وزيارة الأسد إلى القرداحة قبل أيام قليلة.
وأوضح مسؤول “لجان التنسيق المحلية”، في حديث لـ”السورية.نت”، أن رئيس النظام سعى من وراء هذا القرار، لتخفيف نقمة مواليه في الساحل من تردي الأوضاع الخدمية، خاصة انقطاع الماء لأيام طويلة واظهار نفسه بأنه المكافح للفساد.
وأضاف ذات المتحدث، أن “لمجلس مدينة اللاذقية خصوصية كبيرة لاسيما بوجود أسماء كبيرة من شبيحة النظام ومسؤوليه، والصراع الكبير بينهم للفوز بالامتيازات، ومنها تعهد الشواطئ والمطاعم والحصول على استثمارات كبيرة من خلال مجلس المدينة ، وربما انعكس هذا الصراع على المجلس الذي يبدو عاجزاً عن الوقوف بوجههم”.
صراعات نفوذ
من جانب آخر، رأى الصحفي أحمد حاج بكري، في حديث لـ”السورية.نت”، أن تكرار حل مجلس مدينة اللاذقية بتدخل شخصي من بشار الأسد “يأتي في ظل الصراع على النفوذ بين الأُسر المتنفذة من بيت الأسد وروسيا وإيران”، مضيفاً أن وضع مجلس مدينة اللاذقية خاص بسبب صعوبة ارضاء جميع هذه الأطراف.
في السياق ذاته، ذكر عبد الله وهو موظف حكومي في مدينة اللاذقية، و فضل عدم ذكر اسمه الكامل بسبب تواجده في مناطق سيطرة النظام، أن حل مجلس المدينة يأتي بسبب التنافس والصراع الكبير الذي يدور فيه، بسبب تعدد النفوذ وقضايا الفساد العلنية.
وأوضح الموظف الحكومي، أن المجلس يضم خليطاً متنوعاً من الأشخاص المتنفذين المعينين، و”مؤخراً برزت العديد من قضايا الفساد العلنية ومنها الاستيلاء على ممتلكات حكومية وتعهيد مطاعم وكافيهات وشواطئ شعبية بأسعار قليلة لصالح شخصيات متنفذة”.
ورأى الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية في المحافظة الساحلية، أن “تغيير مجالس المدينة بهذا الشكل يظهر عجز النظام وحكومته عن وضع حد لهذه التجاوزات، فيتم تغيير الأشخاص بدل معالجة الأسباب الحقيقية ووضع حد لنفوذ الشبيحة”.
تغيير شكلي
من جانب آخر تحدث وضاح وهو شاب يقيم في مدينة جبلة جنوب اللاذقية، عن الوضع الذي وصلت إليه حال محافظة اللاذقية موضحاً أنه و”طوال فترة الصيف نعاني من شح المياه بشكل كبير.. و رغم أن محافظة اللاذقية غنية بالمياه، لم تستطع المجالس المتلاحقة حل هذه المشكلة طوال تلك السنوات، تبعد جبلة عن نبع السن الذي يغذي مناطق واسعة مسافة لا تزيد عن 10 كم، بينما لا تأتي المياه أحيانا إلا كل أسبوع مرة واحدة”.
وأضاف وضاح:” وصل الناس لحالة شديدة من الضيق بسبب الوضع الذي نعيشه سواء كانوا موالين أو معارضين، الفساد منتشر علناً وفي جميع الأماكن، وحكومة النظام عاجزة عن عمل أي شيئ لا نجد دعماً للأسواق ولا للفلاحين، الكهرباء مقطوعة أكثر الأوقات، وطوابير طويلة على المؤسسات الاستهلاكية”.
ورأى الشاب الثلاثيني، أن “تغيير مجلس المدينة هو تغيير شكلي فقط لن يقنع الناس ولن يهدئ النفوس لا سيما أنهم اعتادوا على تغييره بشكل متكرر دون أي نتائج، وهو يندرج فقط ضمن محاولة تبييض صورة الأسد بإظهار نفسه أنه المكافح للفساد”.
يشار إلى انتخابات مجلس مدينة اللاذقية الأخيرة، أدت الذي لفوز أحمد حلاق، بطريقة أدت لجدلٍ كبير، إذ كان المرشح الوحيد للمنصب، وتمت تزكيته عبر التصويت بنعم، دون وجود أي مرشحين آخرين بحضور أعضاء من حزب البعث.