تحدثت وسائل إعلام غربية عن الأسباب التي أوصلت الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام السوري إلى ما هو عليه، إذ تعتبر الأزمة الحالية الأسوأ منذ استخدام الأخير القوة الأمنية والعسكرية لقمع الثورة السورية في مارس/آذار 2011.
وبحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” عن محللين، فإن العامل الأهم أو السبب الرئيسي في الأزمة الأخيرة هو تأخر وصول شحنات النفط الإيرانية.
وتعتمد حكومة الأسد بشكل أساسي منذ سنوات، على التوريدات النفطية من إيران.
لكن هذه التوريدات تقلصت بشكل كبير منذ أكثر من شهرين، حسب ما أعلنت عنه وسائل إعلام النظام، مدعية أن ذلك بسبب تشديد العقوبات الأمريكية.
وتقع معظم حقول النفط السورية في شمال شرقي سورية بمناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي، وهو ما أسفر عن حرمان حكومة النظام من الاستفادة من هذه الثروات.
“أسباب أخرى”
وكان الاقتصاد في مناطق سيطرة النظام قد تعرض لسلسلة صدمات، بشكل رئيسي منذ العام 2019، أولها انهيار النظام المالي اللبناني المتمثل بأزمة المصارف اللبنانية.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني الأسبق، ناصر السعيدي، إن الحدود بين سورية ولبنان مفتوحة، وأسواقهما مرتبطة بشكل لا يمكن فصلهما عن بعضهما، وكلاهما يعتمد على النقد بشكل متزايد.
كما تضررت سوريا من الانكماش الاقتصادي العالمي الناجم عن “جائحة كوفيد –19”.
إضافة إلى الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في شباط / فبراير 2022، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود العالمية.
كيف هو الحال الآن؟
ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن الاقتصاد السوري وصل إلى أدنى مستوياته، مع تصاعد التضخم وهبوط العملة ونقص حاد في الوقود.
“وصلت الحياة في دمشق إلى طريق مسدود”. وتقول الوكالة: “الشوارع خالية تقريباً من السيارات، الكهرباء تأتي بضع ساعات في أحسن الأحوال، وارتفعت تكلفة الطعام والضروريات الأخرى بشكل كبير”.
وشهدت الليرة تراجعاً في سعر الصرف أمام العملات الأجنبية، وخسرت حوالي 100% من قيمتها خلال 2022.
وكان سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار مطلع العام 2022 حوالي 3600 ليرة مقابل الدولار، بينما سجل سعر صرف 7150 ليرة مقابل دولار واحد نهاية كانون الأول / ديسمبر 2022.
وسجلت الليرة اليوم الخميس سعر صرف 5950 ليرة مقابل دولار واحد للمبيع و5880 ليرة للشراء.
وجاء هذا “التحسن” بعد رفع المصرف المركزي السوري سعر صرف الليرة، “في محاولة على ما يبدو لإغراء الناس لاستخدام السعر الرسمي بدلاً من التجارة في السوق السوداء”، حسب “أسوشيتد برس”.
ورفع المركزي سعره الرسمي لصرف الليرة يوم الاثنين، إذ أصبحت 4522 ليرة مقابل الدولار للمصارف العاملة، وشركات ومكاتب الصرافة، و4500 للحوالات الشخصية الواردة من الخارج.
ويقول الباحث السويسري والأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية، جوزيف ضاهر: “بما أن الأجور لا تقترب من تغطية تكاليف المعيشة، فإن معظم الناس يعيشون على التحويلات، وعلى وظيفتين أو ثلاث وظائف وعلى المساعدة الإنسانية”.
وأضاف ضاهر أن دراسة شملت استطلاع عدد من السوريين ستنشر لاحقاً أوضحت أنهم يتلقون وسطياً بين 100 إلى 200 دولار شهرياً من ذويهم في الخارج.
وذكر أن “الناس متعبون للغاية ويفكرون قبل كل شيء في البقاء على قيد الحياة”، مشيراً أنه “لا يوجد بديل سياسي لترجمة هذا الإحباط الاجتماعي والاقتصادي إلى سياسي”.
ومن المرجح أن تستمر البلاد في التعثر بمساعدة المساعدات والتحويلات المالية من الخارج، حسب الباحث.