تشكّل الضربة التي نفذتها ميليشيات إيران على قاعدة “البرج 22” الأمريكية الواقعة على الحدود الأردنية-السورية “تصعيداً خطيراً” كما أعلن مسؤولون في واشنطن.
ويسود الترقب الآن بشأن الخيارات التي قد يتبعها الرئيس، جو بايدن في الساعات المقبلة، ولاسيما أنه هدد بالرد.
وأسفر الهجوم بطائرة مسيّرة، ليلة الأحد، وتبنته ما تسمى بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” عن مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 35 آخرين، بينهم حالات خطرة.
وكان التطور الأول من نوعه منذ بدء الهجمات في السابع عشر من شهر أكتوبر الماضي، ولاسيما أنها كانت تسفر في السابق عن إصابات طفيفة بين الجنود الأمريكيين فقط.
وأوضحت “القيادة المركزية الأمريكية” في بيان، أن نحو 350 عسكرياً من سلاحَي البر والجو الأمريكيين ينتشرون في القاعدة، وينفّذون عدداً من مهمات الدعم الأساسية، بما في ذلك دعم قوات التحالف ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وقالت إن 8 من المصابين تم إجلائهم خارج الأردن، مضيفة أن “هويات القتلى ستحجب إلى حين إخطار عائلاتهم”.
“اليوم الذي يخشاه بايدن”
وتعهد جو بايدن بالرد، وحمّل مسؤولية الهجوم لفصائل مدعومة من إيران.
وقال أثناء قيامه بزيارة إلى ولاية ساوث كارولاينا: “كان يومنا صعباً الليلة الماضية في الشرق الأوسط. فقدنا ثلاثة أرواح شجاعة”، قبل أن يتعهد بأن الولايات المتحدة “سترد”.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، اليوم الاثنين، إن ما حصل “هو اليوم الذي كان يخشاه بايدن وفريقه لأكثر من ثلاثة أشهر”.
وتضيف أيضاً: “هو اليوم الذي تحولت فيه الهجمات المنخفضة المستوى نسبياً التي شنتها مجموعات وكيلة لإيران على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى هجمات مميتة، لتكثف الضغط على الرئيس للرد بالمثل”.
وعلى مدى الأشهر الماضية كان بايدن قد “عاير” ردوده بعناية على الهجمات التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران منذ 7 أكتوبر.
لكن ومع مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية “يجب عليه أن يقرر إلى أي مدى يرغب في الذهاب من حيث الانتقام في مواجهة خطر حرب أوسع نطاقاً سعى إلى تجنبها منذ أكتوبر”، كما ترى “نيويورك تايمز”.
وتعرضت القوات الأمريكية المنتشرة في العراق وسورية، لأكثر من 150 هجوماً منذ منتصف أكتوبر، وفق (البنتاغون).
ونفذت واشنطن ضربات انتقامية في كلا البلدين، لكن الصحيفة الأمريكية أشارت إلى أنها تركزت بشكل رئيسي على المباني والأسلحة والبنية التحتية.
“مستوى مختلف”
وأعلنت ما تعرف بـ”المقاومة الإسلامية في العراق”، مسؤوليتها عن العديد من الهجمات على القوات الأمريكية، وهي تحالف من فصائل مسلحة مرتبطة بإيران تعارض الدعم الأمريكي لإسرائيل في حربها بغزة.
وقال مسؤولون أمريكيون لـ”نيويورك تايمز” إن “الوفيات الأولى للقوات الأمريكية تحت النار ستتطلب مستوى مختلفاً من الرد”.
وكان مستشارو بايدن متفقين على ذلك أثناء تشاورهم معه عبر مؤتمر فيديو يوم الأحد.
ومع ذلك تضيف الصحيفة أن “ما بقي غير واضح هو ما إذا كان بايدن سيضرب أهدافاً داخل إيران نفسها”.
وكان منتقدوه الجمهوريون قد حثوه على القيام بذلك، قائلين إنه سيكون جباناً إذا لم يفعل ذلك، على حد تعبير أحدهم”.
ولم يعط بايدن أي إشارة حول تفكيره لكنه تعهد بالرد بطريقة ما.
وتابع في بيانه أيضاً: “سنسعى جاهدين لنكون جديرين بشرفهم وبسالتهم. وسنواصل التزامهم بمكافحة الإرهاب”.
وأضاف: “ولا شك لدينا في أننا سنحاسب كل المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها”.
“الخيارات صعبة”
ولم يكن الهجوم في الأردن مختلفاً جوهرياً عما شهدته القوات الأمريكية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، باستثناء أنه كان أكثر نجاحاً.
وكان مسؤولو الإدارة ووكالات الاستخبارات يحاولون خلال الساعات الماضية تحديد ما إذا كان ذلك يمثل محاولة متعمدة من قبل إيران لتصعيد الصراع.
وقال مسؤول أمريكي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن إيران كانت تنوي بدء حرب أوسع بالهجوم في الأردن.
لكنه حذر من أن المحللين ما زالوا يجمعون ويقيمون المعلومات المتاحة لتحديد ما إذا كانت إيران أمرت بهجوم أكثر عدوانية أو أن مجموعة ميليشيا قررت القيام بذلك من تلقاء نفسها.
وفي حين أن الصراع الأوسع يمكن أن يخدم أغراض إيران، اعتقد المسؤولون الأمريكيون منذ فترة طويلة أن طهران تدرك أن الحرب المباشرة مع الولايات المتحدة ستكون مدمرة للغاية، وفق “نيويورك تايمز”.
وجاء الهجوم على الأردن في وقت كان فيه بعض المسؤولين الأميركيين يستكشفون فكرة أن إيران قد تكون على وشك محاولة كبح جماح بعض قواتها الوكيلة، وهي النظرية التي قد يبددها الهجوم على الأردن.
وتشير الصحيفة إلى أن ما يزيد من تعقيد قرار بايدن هو احتمال أن يؤدي تكثيف القتال مع إيران إلى زيادة صعوبة إنهاء القتال في غزة.