“مجزرة الساعة”.. سوريون يستذكرون “محطة لا تنسى” في تاريخ الثورة
في الثامن عشر من شهر أبريل/ نيسان 2011، وعند الساعة الثانية إلا عشر دقائق فجراً ارتكبت قوات النظام السوري “أول مجزرة منظمة” بحق المتظاهرين السلميين، الذين خرجوا قبل 11 عاماً في ساحة الساعة الجديدة بمدينة حمص، ونادوا بإسقاط بشار الأسد.
ويستذكر سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الاثنين 18 أبريل 2022 هذه المحطة “التي لا تنسى” من تاريخ الثورة، بحسب تعليقات كثيرين من أبناء مدينة حمص.
ووصف هؤلاء “مجزرة الساعة” بأنها “نقطة اللا عودة” في بداية الثورة السورية، لاسيما أن ما شهدته الساحة في ذلك الوقت كان أول اعتصام سلمي، ينادي بإسقاط نظام الأسد جهراً وعلى العلن.
11 سنة مرت على مجزرة الساعة الجديدة في أول اعتصام وأخر اعتصام بالثورة السورية والتي كانت دماء المعتصمين سراجا أنار الطريق للثوار في حمص وكافة المحافظات السورية ، وفجأة عند الساعة الواحدة توقفت عقارب الساعة الجديدة وسط حمص ليطغى صوت الرصاص على كل صوت
رحم الله جميع الشهداء pic.twitter.com/i084d8LEm0— Qasem (@Qasemqt) April 17, 2022
ماذا حدث؟
بعد شهر على اندلاع الثورة السورية شهدت مدينة حمص أول اعتصام في ساحة ساعتها الشهيرة، رداً على تزايد العنف من قبل قوات الأسد ضد متظاهرين.
وسبق الاعتصام، يوم 17 من أبريل/ نيسان 2011، مظاهرات عمت أحياء حمص وريفها، فيما تعاملت قوات الأسد معها بعنف، وقتلت ثمانية أشخاص في حي باب السباع والمريجة، وأربعة أشخاص في مدينة تلبيسة.
في اليوم التالي شارك الآلاف في تشييع قتلى باب السباع، انطلاقاً من الجامع النوري الكبير وصولاً إلى مقبرة الكتيب الأحمر، مرددين هتافات تطالب بإسقاط نظام الأسد.
وعقب ذلك توجه المتظاهرون إلى ساحة الساعة للاعتصام، وبدأ الآلاف منهم بالتوافد من البلدات والقرى المجاورة.
واستمروا على هذا المنوال حتى منتصف الليل، رغم الوصول العديد من التهديدات من قبل قوات الأسد لبعض الأشخاص، بضرورة فض الاعتصام والذهاب إلى المنازل.
ومع إصرار أهالي على استمرار الاعتصام، بدأت عناصر من “الفرقة الرابعة” و”المخابرات الجوية” بعمليات اقتحام لتجمعات المتظاهرين، مطلقين الرصاص الحي لساعتين متواصلتين.
وفي تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، نقلت عن أحد الشهود قوله: “حوالي منتصف الليل اقترب شيخ من المنصة تحت برج الساعة، وأعلن أنه تلقى مكالمة من ضابط في قصر الرئاسة يهدد بأنه على جميع المتظاهرين التفرق، وإلا فهم يتحملون النتيجة”.
وأضاف أن “الشيخ دعا المتظاهرين للمغادرة. غادر الكثيرون، لكن مكثت مجموعة من حوالي 3000 شخص. حوالي الساعة 2:15 صباحاً، سمعنا فجأة إطلاق نار كثيف. في البداية بدا كأن قوات الأمن تطلق النار في الهواء. بدأ الناس في الركض. بدأت أركض، وسمعت الناس يصرخون بأن هناك من أصيب. حاولت قلة منّا نقله لكن الآخرون صاحوا وقتها أنه مات. لمدة 20 دقيقة لم نسمع إلا إطلاق النار بلا توقف”.
عدد القتلى مجهول
ونقلت المنظمة عن ضابط مخابرات منشق روايته حول المجزرة، عندما كان على رأس عمله، بأن أمراً وصلهم من العقيد، عبد الحميد إبراهيم، من المخابرات الجوية بإطلاق النار على المتظاهرين.
ويقول الضابط: “رحنا نطلق النار نحو نصف ساعة. كان هناك العشرات والعشرات من القتلى والمصابين. بعد 30 دقيقة وصلت آليات لحفارة وعربات إطفاء. رفع الحفارون الجثامين ووضعوها على ظهر شاحنة. لا أعرف إلى أين أخذوهم، ثم تم نقل المصابين إلى المشفى العسكري في حمص”.
وحتى الآن لا يعرف عدد القتلى الذين سقطوا في المجزرة لسببين، حسب تقرير صادر عن “اللجنة السورية لحقوق الإنسان“.
الأول: أن قوات الأمن سحبت جثث القتلى، ولم يكن من الممكن لأي من المعتصمين العودة إلى الساحة للتعرف على جثث القتلى وإجراء التوثيق، وبالتالي لم يتمكن ذوو الضحايا من معرفة مصيرهم، وما إذا كانوا في عداد المختطفين أو القتلى.
أما السبب الثاني فإن “المجزرة كانت من أوائل المجازر التي شهدتها سورية، وبالتالي فإن مهارات التوثيق التي تطورت لاحقاً بشكل كبير لم تكن متوفرة في ذلك الوقت”.
في حين قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن 150 شخصاً من الاعتصام أصبحوا في عداد المفقودين، كما عثر على 35 جثماناً في مكب نفايات بالقرب من مقبرة النصر في اليوم التالي للهجوم.
وتعتبر “مجزرة الساعة” نقطة تحول في الثورة السورية في سورية عامة وفي مدينة حمص بشكل خاص، إذ أكدت على طريقة تعاطي نظام الأسد مع التظاهرات السلمية.
وعلى الرغم من ارتكاب قوات الأسد لعدة مجازر قبل “الساعة”، إلا أن الأخيرة كانت “منظمة ومدروسة”، بحسب نشطاء وحقوقيين.
وذلك يرتبط بأن “الاعتصام كان قد بدأ قبل إطلاق النار على المعتصمين بسبع ساعات على الأقل، وبالتالي من الواضح أن المجزرة كانت بنيّة مبيّتة، ولم تكن انفعالاً من مسؤول أمني ميداني”، حسب بيان “اللجنة السورية”.