رغم تأثر أربع محافظات سورية بالزلزال المدمر الذي ضرب سورية، في فبراير/ شباط الماضي، وهي حلب وإدلب واللاذقية وحماة، بدا اهتمام الإمارات “لافتاً” بتقديم الدعم لمحافظة اللاذقية، دوناً عن باقي المحافظات.
إذ وصلت آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية الإماراتية، خلال الأشهر الأخيرة، إلى اللاذقية، ضمن عملية أطلق عليها اسم “الفارس الشهم 2″، تحت ذرايع مساعدة المتضررين من الزلزال.
كما أطلقت الإمارات مشاريع سكنية في 7 مناطق ضمن محافظة اللاذقية، بكلفة وصلت إلى 17.7 مليون دولار أمريكي.
وفيما لم تتضح دوافع ذلك الاهتمام، تأرجحت التحليلات بين رغبة الإمارات بوضع قدم في الساحل السوري، وبين رغبة النظام بتوجيه الدعم نحو الحاضنة الشعبية الأكبر لنظامه.
رغبة إماراتية أم توجيه من النظام؟
يقول الصحفي المنحدر من اللاذقية، إبراهيم غزال، إن الإمارات أرسلت مساعدات كبيرة إلى سورية، بحكم علاقات “الجيدة” مع نظام الأسد.
وأوضح في حديثه لـ “السورية نت” أن الإمارات “لم تخصص مناطق معينة لتوزيع المساعدات، بل إن النظام هو من وجّه بتوزيعها في اللاذقية على وجه الخصوص، وتحت إشراف الهلال الأحمر السوري”.
وبحسب غزال هناك أسباب عدة لتوجيه المساعدات إلى اللاذقية تحديداً، “أولها أن منطقة الساحل هي المتضرر الأكبر بالزلزال، وكذلك محافظة حلب”.
مضيفاً أن “إيران أشرفت على توزيع المساعدات في حلب، كونها ضمن مناطق نفوذ مليشياتها”، ما استدعى تخصيص المساعدات الإماراتية للساحل السوري، حسب قوله.
وأردف: “كان لمؤسسة أسماء الأسد الدور الأكبر في استلام هذه المساعدات وتوزيعها وتوجيهها، بينما الجانب الإيراني لا يقبل إلا أن يوزع بنفسه”.
وأضاف: “من الضروري الأخذ بالاعتبار أن النظام حاول امتصاص نقمة أهل الساحل الموالين له والذين يعانون الفقر، عبر توزيع المساعدات الإماراتية عليهم”.
من جانبه، رأى الباحث الاقتصادي، يونس الكريم، في حديث لـ”السورية نت” أن النظام هو المسؤول عن توجيه المساعدات الإماراتية للساحل السوري، “لامتصاص غضب ونقمة حاضنته الأساسية”.
وأضاف أن الساحل أصبح “منطقة صراع نفوذ بين النظام وإيران وروسيا، وبالتالي ترغب الإمارات أيضاً أن تعزز نفوذ النظام في المنطقة من خلال هذه المساعدات”.
واعتبر الكريم أن الإمارات تسعى إلى خلق حاضنة في منطقة “هشة” يسهل فيها الحصول على “الولاء”، على عكس مناطق مثل حماة وحلب، التي يتواجد فيها “أمراء حرب” كثر وصراعات تقاوم أي وجود، كما أنها مناطق أمنية خطرة، حسب تعبيره.
ونوه إلى سبب آخر لتوجيه المساعدات الإماراتية إلى الساحل، وهو أن “حجم الدعم الذي سيقدم للساحل يمكن أن يظهر مباشرة، بينما في مناطق مثل حلب يحتاج الأمر إلى أموال ضخمة وبذخ كبير حتى تظهر النتائج بسبب تأثير الحرب”.
وأشار الكريم إلى أنه من المبكر الحديث عن بناء وحدات سكنية، لكن الإعلان يمكن اعتباره تدشيناً لدخول الإمارات بقوة في مجال “إعادة الإعمار” من بوابة اللاذقية.
مضيفاً أن أبو ظبي “غالباً ما تهتم بالمشاريع الاقتصادية وإعادة الإعمار في المناطق السياحية”، وبالتالي أي تحرك فاعل في هذا المجال ستكون منطقة الساحل الوجهة المفضلة للإماراتيين، حسب قوله.
مساعدات ومشاريع إماراتية
وصلت آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية الإماراتية إلى محافظة اللاذقية، عقب كارثة الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 شباط/ فبراير الماضي.
وضمن عملية أطلق عليها “الفارس الشهم 2″، تم تسيير 181 طائرة محملة بـ5727 طناً من المساعدات وثلاث سفن محملة بـ5429 طناً.
وذلك بإجمالي مساعدات تجاوزت 11 ألفاً و 156 طناً من المواد الغذائية الأساسية والأدوية والمستلزمات الطبية، معظمها وزع في الساحل السوري.
وافتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، في مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية، مخيماً ميدانياً مؤقتاً يتكون من 50 خيمة، يتسع لـ300 شخص، مجهّز بالأسرّة والأغطية، والإنارة بالطاقة الشمسية، والطرود الغذائية.
في حين أطلق الهلال الأحمر الإماراتي في 6 أبريل/ نيسان الماضي، مشروعاً لإقامة ألف وحدة سكنية مسبقة الصنع، ضمن سبع مناطق في محافظة اللاذقية، بتكلفة وصلت إلى مليون درهم إماراتي (نحو 17.7 مليون دولار أمريكي).
كما أطلقت الإمارات مبادرة “طبيبك في دارك”، وهي عبارة عن قافلة طبية في محافظة اللاذقية، اشتملت على أربعة تخصصات طبية (نساء وأطفال وعام وباطنة)، واستفاد منها أكثر من 800 شخص من كبار السن والنساء والأطفال.
وبلغ إجمالي أعداد المستفيدين من المساعدات الإنسانية والطبية والعلاجية نحو 1100 عائلة بمجموع 6000 شخص، من بينهم 300 مستفيد من الحالات الطبية العاجلة.
كما تم توزيع أكثر من 157 ألف طرد غذائي بإجمالي 785 ألف مستفيد.
في حين لم تسجل الإمارات حضوراً في الدعم الإغاثي لشمال غربي سورية الخارج عن سيطرة النظام، والذي تضرر أيضاً بالزلزال.
ويأتي ذلك انعكاساً لتحسن العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات ونظام الأسد، إذ افتتحت أبو ظبي عام 2018 سفارتها في دمشق بشكل رسمي.
وعقب الزلزال، زار وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، المواقع المتضررة من الزلزال في مدينة جبلة في 12 فبراير/ شباط الماضي.
وتبعت هذه الزيارة، في 21 من الشهر نفسه، زيارة وزير الصحة الإماراتي عبد الرحمن بن محمد العويس، إلى جبلة أيضاً، للاطلاع على حجم احتياجات القطاع الطبي في المناطق المتضررة جراء الزلزال.