مع تزايد الإصابات.. ما فرص توفر لقاح “الكوليرا” في الشمال السوري؟
يأخذ انتشار “الكوليرا” منحى تصاعدياً في عموم الأراضي السوري منذ أيام، مع ارتفاع عدد الإصابات بالمرض، خاصة في الشمال الشرقي، وسط تحذيرات محلية ودولية من تفشيه على نطاق أوسع وتخطيه الحدود السورية.
وفي ظل هذا التفشي المتسارع، تشهد الأجهزة الطبية استنفاراً لاحتواء المرض ونشر التوعية اللازمة حوله، خاصة أن لقاح “الكوليرا” غير متوفر حالياً في سورية، باعتباره الحل الأمثل والأسرع للقضاء على هذا الوباء.
لكن ما فرص توفر اللقاح في الشمال السوري، في ظل ضعف المنظومة الطبية؟
وعود “مستحيلة”
مدير البرامج الصحية في وزارة الصحة بـ”الحكومة السورية المؤقتة”، الدكتور رامي كلزي، قال إن لقاح “الكوليرا” غير متوفر في الشمال السوري، ولا توجد أي خطط حالية لتأمينه.
وأوضح كلزي في حديثه لـ “السورية نت” أن منظمة الصحة العالمية أوضحت منذ البداية أن تأمين اللقاحات “صعب جداً” في المرحلة الحالية، وبالتالي يجب البحث عن بدائل أخرى لاحتواء هذا الانتشار المتسارع لـ “الكوليرا”.
من جانبه، قال مدير برنامج اللقاح في “شبكة الإنذار المبكر”، الدكتور محمد سالم، إن لقاح “الكوليرا” غير متوفر في عموم الأراضي السورية، متحدثاً عن خطة يجري العمل عليها حالياً لتوفير اللقاح، لكن لم تتم ترجمتها لخطوات عملية على أرض الواقع.
وأضاف سالم في حديثه لـ “السورية نت” أن مكتب منظمة الصحة العالمية في مدينة غازي عنتاب التركية، طلب من مكتب المنظمة في الأردن (وهو المكتب المسؤول عن سورية)، تأمين اللقاح، لكن لا يزال الطلب قيد الدراسة، ولم يحصل أي تقدم بهذا الخصوص حتى اليوم.
وبحسب سالم، فإن اللقاح في حال توفره سوف يستهدف بالدرجة الأولى الأطفال من عمر سنة وما فوق، وهو لقاح فموي يُعطى عن طريق الفم مباشرة، مضيفاً: “لكنه غير متوفر حالياً وجهود توفيره لا تزال خجولة”.
وحث سالم على تفعيل مراكز علاج نموذجية لهذا المرض في الشمال السوري، ثم توفير اللقاح، خاصة في ظل ضعف المنظومة الصحية اللازمة للاستجابة لـ “الكوليرا”.
ولا يُعتبر لقاح “الكوليرا” من ضمن اللقاحات الروتينية التي يتم تلقيح الأطفال بها منذ الولادة في الشمال السوري، بحسب مدير برنامج اللقاح في “شبكة الإنذار المبكر”.
يُعرف بـ”الهوا الأصفر”.. موجات تاريخية لانتشار “الكوليرا” في سورية
ما البديل؟
تشير آخر الإحصائيات الصادرة عن “شبكة الإنذار المبكر”، أمس الاثنين، إلى أن إجمالي إصابات “كوليرا” شمال غربي سورية وصل إلى 58 حالة، دون تسجيل أي حالة وفاة، فيما وصلت الإصابات في منطقة “نبع السلام” إلى 50 حالة، دون تسجيل وفيات أيضاً.
وفي مناطق سيطرة النظام، تم تسجيل 338 إصابة حتى اليوم، توفي منها 29 حالة، بحسب وزارة الصحة في حكومة النظام.
أما في مناطق شمال شرقي سورية، ينتشر الوباء بشكل لافت ومتسارع، حيث تم تسجيل 4357 حالة، توفي منها 18 حالة.
وفي ظل غياب الحلول الجذرية، تعمل المنظمات الإنسانية والمؤسسات الطبية على نشر التوعية والتحذيرات بخصوص الوباء، من أجل احتوائه قدر المستطاع.
ويرى مدير البرامج الصحية في وزارة الصحة بـ”الحكومة السورية المؤقتة”، الدكتور رامي كلزي، أن البدائل المتوفرة حالياً هي العمل على التوعية الصحية، وتوفير العلاج اللازم للحالات المصابة، ومحاولة معالجة مصادر المياه قدر الإمكان.
كما يتوجب على الأهالي الالتزام بالقواعد الصحية، أبرزها استخدام مياه صالحة للشرب، وفي حال عدم توفرها غلي الماء لمدة دقيقتين ثم تبريده قبل الشرب وحفظه في أواني نظيفة، وطهي الطعام بشكل جيد وغسل الخضار جيداً قبل تناولها، وغسل اليدين بشكل مستمر، والتخلص من الفضلات والحفاظ على نظافة المرحاض والمغاسل.
وبحسب الأمم المتحدة ووزارة الصحة في حكومة النظام، فإن مصدر تفشي المرض يُعتقد أنه مرتبط بشرب الأشخاص مياه غير آمنة من نهر الفرات، واستخدام المياه الملوثة لري المحاصيل، ما يؤدي إلى تلوث الغذاء.
ويعتمد الكثير من السكان، الضعفاء بالفعل، في سورية على مصادر المياه غير المأمونة، التي قد تؤدي إلى انتشار الأمراض الخطيرة التي تنقلها المياه، خاصة بين الأطفال.
ويجبر نقص المياه الأسر على اللجوء إلى آليات التكيف السلبية، مثل تغيير ممارسات النظافة أو زيادة ديون الأسرة لتحمل تكاليف المياه.
وكانت منظمة الصحة العالمية، أعلنت الأسبوع الماضي إرسال مساعدات طبية إلى سورية، لاحتواء تفشي وباء “الكوليرا”، بعد زيارة أجراها المدير الإقليمي للمنظمة، أحمد المنظري، إلى دمشق.
وقالت المنظمة في بيان لها إن طائرة مدعومة من منظمة الصحة العالمية هبطت في دمشق، تحمل 30 طناً من الإمدادات الطبية، على أن تتبعها طائرة أخرى تحمل كمية مماثلة.
وبحسب المنظمة فإن الإمدادات الطبية ستوزع “بالتساوي” على المناطق السورية وحسب الاحتياجات، بما في ذلك مناطق شمال غربي سورية التي تسيطر عليها المعارضة، ومناطق شمال شرقي سورية التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”.