سلط مقال تحليلي نشرته صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة الضوء على آخر تطورات العلاقة بين تركيا والنظام السوري، مرجحاً أن تذهب الأولى إلى “نقطة مختلفة” في حال بقي بشار الأسد بعيداً عن وقائع الأرض.
وكان الأسد قد أعاد الحديث قبل أسبوعين عن شروطه للقاء بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، بقوله إنه يرفض لقائه “دون شروط مسبقة”.
وأضاف أن “كلمة من دون شروط مسبقة للقاء يعني من دون جدول أعمال، من دون جدول أعمال يعني من دون تحضير، من دون تحضير يعني من دون نتائج”.
وأثارت هذه التصريحات علامات استفهام حول “عملية التطبيع“، لكن ووفق للمقال التحليلي فإن الموقف الذي أبداه وزير الدفاع التركي، يشار غولر بعد ذلك “كان لصالح المسار التصالحي على نحو أكبر”.
وبعد الانتخابات، “يمكن لسياسة تركيا المتشددة على نحو متزايد تجاه طالبي اللجوء، بما في ذلك السوريين، أن تكون بمثابة حافز في المفاوضات المحتملة مع النظام”.
ويضيف كاتب المقال: “عندما ننظر إلى خطوات التضييق الاقتصادي التي اتخذتها تركيا في الفترة التي تسبق الانتخابات المحلية والمشاكل الاقتصادية المرتبطة بطالبي اللجوء معاً، فإن هذه المواضيع من الممكن أن تصل بالمحادثات بين تركيا والنظام إلى مستوى معين”.
ومع ذلك، فإن سياسة “الانتظار والترقب” التي يتبعها نظام الأسد فيما يتعلق بالانتخابات في تركيا لن تنجح هنا، لأن الحكومة لن تتغير نتيجة للانتخابات المحلية.
“4 نقاط إشكالية”
ويشير الكاتب إلى حقيقة “أن صيغة تطبيع النظام مع تركيا تتكون من أربع نقاط تشير إلى بنية إشكالية للغاية”، وأن بلاده “في موقف ثلاثة إلى واحد تقريباً”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الصراع بين روسيا وإيران حول النظام ونهج تركيا تجاه السياسة السورية ومستوى التهديد الذي يرونه يحدث فرقاً بلا شك.
ومن المعروف أن روسيا لاعب مؤثر في عملية “التطبيع”، على عكس إيران التي “يمكن أن نرى مرة أخرها أنها تخرب المصالحات التركية الروسية على الأرض”، وفق الكاتب.
ورغم دخول نظام الأسد في عملية التطبيع مع الدول العربية، إلا أنه من غير المتوقع أن تسفر العملية عن نتيجة قصيرة المدى تعود بالنفع على النظام بشكل كبير.
في هذه المرحلة، هناك تساؤلات حول كيفية تعامل الولايات المتحدة والدول الغربية مع تطبيع النظام. ومن ناحية أخرى، يمكن القول إن هناك توقعاً بإمكانية استثناء العلاقات الاقتصادية للدول العربية مع النظام من العقوبات.
ولم يكن هناك أي رد فعل جدي من الغرب على عودة النظام إلى الجامعة العربية.
لكن النفوذ الإيراني على النظام من القضايا التي لا تزال تمتنع عنها الدول العربية، وكما شهدت السنوات الأخيرة فإن “الملف السوري لأي دولة لا يشكل أولوية”.
“صعوبات ونقطة مختلفة”
وعلى الرغم من الوضع الذي يعيشه النظام، فإن “تصريحات بشار الأسد غير العقلانية تجاه تركيا وأردوغان تشكل الصعوبات الأساسية لعملية التطبيع”.
وفي حين أن عملية “درع الربيع” هي أوضح دليل على أن تركيا “قد نجحت في تحقيق الاستقرار في الحرب التي تتقدم لصالح النظام المدعوم من روسيا وإيران، فإن رؤية النظام لنفسه في وضع متميز لا يمكن اعتبارها خطوة عقلانية”.
ويرى المقال أنه “مما لا شك فيه أن تأخر الانتخابات في تركيا وعدم قدرة النظام على ما يبدو على الاستجابة لاحتياجات تركيا فيما يتعلق بالأمن وعودة طالبي اللجوء قد يدفع تركيا إلى نقطة مختلفة”.
ومن ناحية أخرى، فإن “التعمق التدريجي للنفوذ الإيراني على النظام وتقدم تركيا في عملية التطبيع مع دول الخليج قد يجمع تركيا ودول الخليج معاً مرة أخرى في سورية ضد إيران”.
ويمكن القول أن “التعاون بين تركيا ودول الخليج، خاصة في مجال الصناعة الدفاعية، يفتح الباب أمام تحالفات طويلة الأمد”.
وبالنظر إلى أن صناعة الدفاع التركية أثبتت قوتها في ليبيا وكاراباخ وأوكرانيا بعد عملية “درع الربيع” والردع العسكري التركي، فإن تركيا لن تخل بالتوازن الذي خلقته في سورية لصالح مطالب بشار الأسد التي لا أساس لها والتي تتجاهل توقعات تركيا.
بالإضافة إلى ذلك، جاء في المقال: “إذا تمكنت تركيا من نقل العواقب طويلة المدى للنفوذ الإيراني على النظام بدقة، فإن التعاون مع دول الخليج يمكن أن يؤدي إلى نتائج سريعة”.