تضاف أزمة نقص الأدوية إلى سلسلة الأزمات التي تعصف بالسكان في مناطق سيطرة النظام، دون إيجاد حلول لها.
وقال أحد أعضاء “المجلس العلمي للصناعات الدوائية” إن الصناعة الدوائية في سورية حالياً بأسوأ أيامها، حسب صحيفة “الوطن” المقربة من النظام.
ورغم انعكاس مخاطر الأزمة على حياة الأهالي والتحذير السابق من وصول الأمور إلى ما هي عليه الآن، إلا أن حكومة النظام فشلت في تقديم حلول فعالة.
فنقص حليب الأطفال مثلاً، إحدى المشاكل الممتدة منذ حوالي العشرة أشهر، واكتفت وزارة التجارة الداخلية أمس بإصدار نشرة أسعار جديدة له، دون إيجاد حلول لتأمينه.
وحددت الوزارة تسعيرة حليب الأطفال ماركة “نسله” لتصبح، حليب أطفال نان (1 – 2) 400 غرام بـ18 ألف و700 ليرة، ووحليب “كيكوز” (1- 2) 400 غرام بـ15 ألف و300 ليرة.
بينما وصل سعره إلى 37 ألف ليرة مع صعوبة إيجاده، بحسب موقع “سناك سوري” المحلي.
وبعد تتالي التصريحات بضرورة رفع أسعار الأدوية، أعلنت مديرية الشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة بحكومة النظام السوري، رفع أسعار معظم أنواع الزمر الدوائية، بنسبة تتراوح بين 50% إلى 80%.
ضعف في توريد الدواء للصيدليات
وأغلقت بعض الصيدليات ومعامل الأدوية أبوابها مؤخراً، بذريعة “الجرد السنوي”، أما المعامل التي لم تغلق، فقد خفضت كمية التوزيع لتصل في بعض الأحيان إلى علبة من كل صنف.
بالمقابل قننت الصيدليات مبيع ما تحصل عليه من أدوية من مندوبي المعامل، لحماية رأس مالهم من الاستنزاف أو “تخديم أكبر عدد من الأهالي”.
ونقل موقع “أثر برس” المحلي عن رئيس فرع دمشق لنقابة الصيادلة حسن ديروان، أن معامل الأدوية تريثت عن التوزيع بسبب تعديل أسعار بعض الأدوية، وإعادة وزارة الصحة جدولة ودراسة لبعض أسعار الدواء والجرد السنوي للمعامل.
وأشارت نقيبة الصيادلة وفاء كيشي، إلى أن المستودعات توزع الأدوية للصيدليات بكميات قليلة جداً، حتى أن بعض الأدوية يباع في الظرف، خاصة الأدوية النوعية التي تدخل في علاج الأمراض المزمنة.
تمهيد لرفع الأسعار
ومهد مسؤولون في حكومة النظام خلال الأسبوع الماضي، لرفع أسعار الأدوية باعتبارها الحل الوحيد للخروج من أزمة الدواء.
وفي تصريح سابق لها، اعتبرت نقيبة الصيادلة في حكومة النظام وفاء كيشي، أن الحل الوحيد للأزمة الحالية هو إصدار تسعيرة جديدة للأدوية بما يتناسب مع سعر الصرف الرسمي الجديد، الذي أقره “المصرف المركزي”
وأكدت على أن تعديل أسعار الدواء أصبحت “ضرورة ملحة لتأمين الدواء في الأسواق وعدم استنزاف الدواء الوطني”، مشيرة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج كتأمين المواد الأولية والمحروقات.
ونوهت على أن المعامل والمستودعات، مهددة بالإغلاق في حال استمرار السعر وفق التسعيرة القديمة التي أقرها “المركزي” لصرف الليرة أمام الدولار.
وبحسب تصريحات رئيس فرع دمشق لنقابة الصيادلة حسن ديروان لوسائل إعلام محلية، قدمت شركات الأدوية بمقترح لرئاسة الحكومة ووزارة الصحة لرفع سعر الدواء بين 80 و 100%.
وأوضح ديروان أن الرفع سيكون حسب تكاليف كل شريحة دواء، وبالنسبة لفقدان الأدوية المزمنة لم تبادر الشركات لطرحها لأن “الضغوط كبيرة. والشركات متوقفة وحتى المستودعات التي كان يوجد فيها دواء سوف تغلق بعد نفاذ الكمية والأنواع”، بحسب قوله لموقع “أثر برس” المحلي اليوم الأحد.
ما أسباب الأزمة
بررت صحيفة “الوطن” عودة أزمة الأدوية بسبب رفع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار المحروقات، ورفع المصرف المركزي سعر صرف الدولار أمام الليرة.
وأصبحت الصيدليات المستمرة في العمل أمام خياري “خطر تآكل رأس مالها”، لأن شراء الأدوية الجديدة سيكون بسعر أعلى، أو خيار رفع سعر الدواء بشكل مبالغ فيه.
وكانت وزارة الصحة في دمشق، قد اعتمدت تسعير الأدوية وفقاً لسعر صرف الليرة أمام الدولار، وذلك بعد قرار أصدره المركزي في آذار / مارس 2020، نص على توحيد سعر صرف الدولار الأمريكي في كافة معاملات القطع الأجنبي والحوالات بمختلف أنواعها.
لكن يوجد فارق بين سعر صرف المركزي وسعر صرف السوق السوداء، كما أن الليرة تراجعت قيمتها أمام العملات الأجنبية، وخسرت حوالي 100% من قيمتها خلال 2022.
وكان سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار مطلع العام 2022 حوالي 3600 ليرة مقابل الدولار، بينما سجل سعر صرف 7150 ليرة مقابل دولار واحد نهاية كانون الأول / ديسمبر 2022.
ورفع المركزي سعره الرسمي لصرف الليرة، إذ أصبحت 4522 ليرة مقابل الدولار للمصارف العاملة، وشركات ومكاتب الصرافة، و4500 للحوالات الشخصية الواردة من الخارج.
وسجلت اليوم الليرة في السوق السوداء سعر صرف 6475 ليرة مقابل دولار واحد للمبيع و6375 ليرة للشراء.
وشهد قطاع الأدوية خلال السنوات الماضية عدة أزمات، من بينها فقدان بعض الأصناف الدوائية وارتفاع أسعارها في السوق السوداء.