منحة للمعلّمين ومآدب جماعية.. مبادرات رمضانية تؤنس الأهالي بإدلب وحلب
في باحة واسعة وقف مدرّس اللغة الإنكليزية في مدرسة “تلعادة المحدثة”، حسن نادر، يودّع طلابه قبيل عطلة “عيد الفطر”، دون أن ينسى توصيتهم بضرورة التحضير الجيد لامتحانهم النهائي المزمع انطلاقته بعد العطلة القصيرة.
إلى جانب اهتمام حسن، المهجّر من مدينة “كفرنبل” جنوبي إدلب، بسويّة طلابه العلميّة، كان منهمكاً في إمكانية تأمين تجهيزات عيد الفطر “الذي صار على الأبواب”، كما يقول، مع غياب دخل شهري ثابت، كونه يعمل مدرساً متطوعاً منذ حوالي 4 سنوات، وكل ما يحصل عليه “سلل غذائية ومنح خجولة” لا يمكن أن تلبي متطلبات عائلته بعد التهجير.
وحسن واحد من 34 مدرّساً متطوعاً في مدرسة “تلعادة” التي تعمل بصورة تطوعية منذ أواخر عام 2019.
“التطوّع زاد معاناة التهجير”
يقول حسن في حديثه لـ “السورية.نت”، إنّ “غياب المرتب الشهري لقاء عمله كمدرّس زاد معاناة التهجير ومتطلباته من إيجار منزل ومصاريف أخرى في ظل الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار”.
ويضيف أنّ “المنح المحدودة بين الحين والآخر تساهم في تجاوز بعض المشكلات لكن لا يمكن أن تفي بغرض الراتب الشهري”، إلا أنه يتطلع إلى “تكثيف هذا النوع من المبادرات والمنح المقدّمة من المنظمات ريثما يتم تجاوز أزمة التطوع وتصل المدرسة إلى كفالة كاملة”.
المدرّسة آلاء العتك، وهي معلّمة صف، لا يختلف حال التّطوع لديها عن حسن، إلا أنها تعتبر أنّ “معاناة المدرّس المتطوع أكثر وطأة على عائلته على اعتباره المعيل لها، بينما في بعض الأحوال يكون إلى جانب المدرّسة المتطوعة ربّ أسرة يعيل عائلتها”.
وآلاء مدرّسة متطوعة منذ حوالي 7 سنوات، وهي من كوادر مدرسة “تلعادة” تطمح إلى الحصول على منح ثابتة للمدرسة تؤمّن لهم رواتب شهرية ومستقرة.
يُشار إلى أن حسن وآلاء استفادا من منحة “المنتدى السوري” للتعليم والتي قدّمت مبلغاً مالياً، أمس الثلاثاء، لكادر المدرسة إلى جانب مدارس أخرى متطوعة في محافظة إدلب، كواحدة من مبادرات أطلقتها المؤسسة في شهر رمضان.
34 متطوع لتدريس 800 طالب
يقول منذر صالح وهو مدير مدرسة “تلعادة”، إنّ “المدرسة تستقبل حوالي 800 طالب على فوجين اثنين، وهي من أكبر مدارس البلدة”.
ويوضح صالح لـ”السورية.نت”، أنّ “معلّمي المدرسة الـ 34 يعتمدون على المنح فقط المقدمة من المؤسسات والمنظمات الإنسانية، في ظل غياب دعم دائم عن المدرسة يوفر راتباً شهرياً”.
وتلقت المدرسة على مدار العام الدراسي منحتين من “المنتدى السوري” ومنحة من مشروع “أمّة”، إلى جانب سلتين غذائيتين من “مديرية التربية”.
162 مستفيداً من منحة “إحسان”
يوضح أحمد مهنا وهو قائد فريق التعليم في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” (إحدى مؤسسات المنتدى السوري) أنّ “منحة التعليم شملت حوالي 11 مدرسة، تضمّ 162 مستفيداً من الكوادر التعليمية والإدارية والخدمية”.
وأشار مهنا في حديثٍ لـ”السورية.نت”، إلى أنّ “المدارس تنوعت في عدة مناطق وهي الدانا ومعرة مصرين وأريحا وجسر الشغور، وهي من أكثر المدارس حاجةً بناء على تقييم من مديرية التربية والتعليم في إدلب”.
وتتراوح مدة العمل التطوعي للمدارس التي شملتها المنحة من سنتين إلى 3 سنوات، بحسب مهنا.
وتعتبر المنحة هي الثانية لـ”المنتدى السوري” خلال العام الدراسي الجاري، وتأتي لمساندة المدارس التطوعية.
وبلغت أعداد المدارس المتطوعة في محافظة إدلب 405، تضمّ 130 ألفاً و44 طالباً وطالبة، بكادر تطوعي يصل إلى 5 آلاف و707 مدرّسين ومدرّسات، بحسب إحصائية “مديرية تربية إدلب”، وتتركز معظمها في المرحلتين الإعدادية والثانوية.
إفطار جماعي ورسالة للمانحين
سبقت مبادرة “منحة التعليم” تنظيم إفطارين جماعيّين من أسرة “المنتدى السوري” في مخيمات النازحين بمنطقة ريف حلب.
ويقول وليد عليطو، مدير مكتب منطقة ريف حلب في “المنتدى السوري”، إنّ المؤسسة نظمت إفطارين في مخيم “الأخوة والجاسم” في منطقة اعزاز شمالي حلب، لأكثر من 250 عائلة مهجّرة خلال الحملة العسكرية الأخيرة.
وأوضح أنّ “الإفطار جمع إداريي المنتدى السوري مع عائلات المخيم”.
ولفت عليطو إلى أنّ “المخيمين يصنفان من المخيمات العشوائية ويفتقران إلى أدنى الخدمات والبنى التحتية.. وتحاول فكرة الإفطار الجماعي لفت انتباه العالم والمانحين إلى معاناة القاطنين في المخيمات العشوائية”.
وأدت الحملة العسكرية الأخيرة لقوات الأسد وروسيا إلى تهجير حوالي مليون شخص، بحسب أرقام فريق “منسقو الاستجابة”، معظمهم من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمالي، فضلاً عن أزمة إنسانية كبيرة.