من طلاء السيارات لتوصيل الطلبات..محطات ملاكم سوري يطمح للعالمية
يستعد للمنافسة في "البطولة الأوروبية" الشهر القادم
لم يكن الطفل السوري صاحب الأعوام العشرة، عمار الحاج، يتوقع أثناء هروبه من رصاص قوات الأسد بعد مداهمتها لقريته في ريف حلب، عند بدايات الثورة السورية، أن يصبح بعد عشر سنوات، حديث وسائل الإعلام السورية والعربية، بعد فوزه في مسابقات رشحته للمنافسة في البطولة الأوروبية لـ”الكونغ فايت”.
من العمل في الزراعة بأرض والده في ريف حلب، إلى توصيل الطلبات في أحد المطاعم، ثم في مهنة طلاء السيارات في تركيا، مَرَّ عمار الحاج بمحطاتٍ عديدة، حتى وصل إلى طموحه في لعبة “الكيك بوكسنغ”، إذ سيشارك الشهر المقبل في فعاليات البطولة الأوروبية لهذه اللعبة، التي احترفها ولم يتجاوز العشرين عاماً بعد.
الضربة القاضية
في الخامس من الشهر الجاري، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تسجيلات تظهر فوز الملاكم عمار الحاج، على منافسه الإيراني محمود غريمي، بالضربة القاضية، وبأقل من 30 ثانية في بطولة “الكونغ فايت” التي جرت في ولاية دوزجة التركية، ليتأهل إلى البطولة الأوروبية التي ستقام في ليتوانيا.
ورغم فارق الوزن مع منافسه الإيراني، تمكن عمار الحاج من الفوز بسرعة قياسية، بعدما انهال على محمود غريمي، بالضربة القاضية “تحت تأثير سياسي وعسكري”، بحسب ما قاله الحاج لـ “السورية. نت”، باعتبار أن إيران تعتبر الداعم الأول لقوات الأسد في سورية، خلال السنوات الماضية، ومسؤولة عن تهجير ملايين السوريين.
وتعود رحلة الحاج، الذي ينحدر من قرية “تل شعير” بريف حلب الشمالي ومن مواليد 2001، إلى عام 2012، عندما داهمت قوات الأسد مكان إقامة أسرته في حلب، بحجة وجود عناصر من الجيش الحر، واعتقلت أشخاصاً من أقاربه، إلى جانب إطلاق النار عليه في أثناء فراره واختبائه مع عائلته في أحد المنازل.
وعقب ذلك اضطر الحاج، للانتقال مع عائلته في 2012 إلى ولاية إسطنبول التركية، ليعمل في أحد المطاعم (توصيل طلبات) لمدة خمس سنوات، ثم عمل مع والده في إحدى ورشات طلاء السيارات، قبل أن يطلب منه والده الالتحاق بنادي رياضي، عقب زيادة وزنه إلى 105 كيلوغرامات.
بداية الاحتراف
كان قرار الحاج الالتحاق بنادي “كيك بوكسنغ” المحظة الأولى التي ستنقله إلى عالم البطولات، بعد اكتشاف موهبته من مُدربه، الذي طلب من والده أن يفرغه للمشاركة في البطولات.
وبعد موافقة والده تفرغ الحاج للرياضة بشكل كامل، وبدأ بالتدرب المكثف بشكل متواصل، كما يروي قصته لـ”السورية. نت”، لتبدأ مرحلة الحصاد عبر المشاركة في عدة بطولات، بدءاً من بطولة إسطنبول (كيك بوكسينغ) الذي فاز بها، إلى جانب فوزه في عدة مسابقات في تركيا.
الفوز بعدة منافسات، أهّلَ الحاج الدخول إلى منظمة “كوت فايت” في تركيا، ووقع عقداً لمدة ثلاثة سنوات، وخضع لمعسكر تدريب مكثف لمدة عام كامل من أجل تهيئته للدخول في دوري أبطال أوروبا.
لكن الوصول إلى البطولة الأوروبية لم يكن سهلاً بالنسبة للحاج من ناحيتين، كما يقول؛ الأولى كان وجوب تخطيه لعدد من المنافسين، أولهما كان لاعب أوزباكستاني وفاز عليه، العام الماضي، ثم تخطى خصمه الأذربيجاني، قبل أن يخوض النزال الأخير مع الملاكم الإيراني، والذي تأهل عقب الفوز عليه للمنافسة مع ملاكم عراقي في لتوانيا يوم 20 من الشهر المقبل.
أما الناحية الثانية كانت بحث الحاج عن الدعم المادي، خاصة وأن حالة والده المادية ليست جيدة، بحسب ما قاله لـ”السورية.نت”، إذ كان يتوجب على العائلة دفع رسوم الدخول في منظمة “كوت فايت” والمشاركة في البطولات.
علم الثورة
وقال الحاج إن شركة عقارات سورية وافقت على تقديم الدعم المادي، ودفع عشرة آلاف دولار أمريكي، مقابل رفع صور الشركة في المباريات.
وبعد الموافقة على العرض، وقبل المباراة بثلاثة أيام، حضر صاحب الشركة ولديه قمصان طبع عليها صورة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مع شعارات موالية له.
لكن والد الشاب الملاكم رفض رفع صور الأسد، وطرد صاحب الشركة، كما قال عمار الحاج لـ”السورية.نت”، مضيفاً أن والده استطاع لاحقاً تأمين المبلغ المالي اللازم للدخول في البطولة، و قرر طباعة صورة قائد “لواء التوحيد” الراحل عبد القادر الصالح، الملقب بـ”حجي مارع”، على قميصه إلى جانب رفع علم الثورة السورية عقب المباراة.
ويستعد الحاج الذي ينتظر حصوله على الجنسية التركية، وقد انضم كما قال لـ”الاتحاد التركي” في اللعبة التي يحترفها، للمشاركة في “البطولة الأوروبية”، التي يأمل الفوز فيها.