نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “bbc” عن مسؤول غربي قوله إن روسيا أعادت تنظيم قيادة عملياتها في أوكرانيا، وعينت قائداً جديداً يتمته بخبرة واسعة في العمليات القتالية في سورية.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، اليوم السبت، إن قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا، الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، هو من يقود القوات الروسية في أوكرانيا الآن.
وبحسب المسؤول الغربي فإن الخبرة الكبيرة التي اكتسبها دفورنيكوف أثناء قيادة القوات الروسية في سورية تجعل من المتوقع ” أن تتحسن القيادة الروسية بشكل عام”.
ولم يصدر بعد أي تعليق من الجانب الروسي على تلك التقارير، بينما أكدت مصادر روسية غير رسمية ما أوردته “bbc”، مشيرة إلى أن “دفورنيكوف” هو الشخصية التي “هندست التدخل الروسي في سورية منذ البدايات الأولى في عام 2015”.
ويرى مراقبون أن روسيا تواجه حتى الآن صعوبات لتحقيق أهداف حربها بعد 44 يوماً من الغزو لأوكرانيا، فقد أخفقت في الاستيلاء على مدن رئيسية مثل كييف، قبل أن تحول أنظارها في النهاية إلى منطقة دونباس في الشرق.
وقال المسؤول الغربي: “ما لم تكن روسيا قادرة على تغيير تكتيكاتها، فمن الصعب للغاية أن ينجحوا حتى في هذه الأهداف المحدودة التي أعادوا تحديدها”.
وأضاف أن الضرورات السياسية قد تكون لها الأسبقية على الأولويات العسكرية، مع قد يدفع روسيا قدماً لتحقيق نوع من النجاح قبل 9 مايو/أيار المقبل، عندما تحتفل البلاد بذكرى النصر في الحرب العالمية الثانية.
من هو “دفورنيكوف”؟
منذ يوم 30 من سبتمبر 2015 ترددت أسماء الكثيرين من الجنرالات الروس الذين كانوا ضمن قوائم الضباط المشاركين في العمليات العسكرية التي بدأتها موسكو في سورية، لدعم نظام الأسد، وحمايته من السقوط.
لكن “دوفورنيكوف” كان له “حيزاً خاصاً”، من زاوية أن “دائرة ضيقة في روسيا كانت على علم بإرساله إلى سورية، من أجل قيادة العمليات العسكرية هناك”، بحسب صحيفة “روسيسكايا غازيتا“، التي كانت قد أجرت مقابلة معه في ذلك الوقت، ولأول مرة.
وقال دوفورنيكوف، حينها: “وصلت مجموعة من القوات الروسية بقيادتي إلى الجمهورية العربية السورية في سبتمبر / أيلول 2015 مهمتها تسوية الوضع الحالي ووضع الجيش السوري على الفور”.
وأضاف في مقابلته مع الصحيفة: “أستطيع أن أقول شيئاً واحداً: من الواضح أن الوضع في ذلك الوقت لم يكن في صالح دمشق. احتل الإرهابيون 70 في المائة من الأراضي السورية. واستولت العصابات على أكبر مدن إدلب وتدمر والرقة”.
وتابع: “سيطر الإرهابيون على معظم ضواحي حمص ودمشق، ونفذوا هجوماً واسع النطاق في محافظة اللاذقية، وأعدوا لتطويق حلب والاستيلاء عليها. وكان طريق دمشق-حلب السريع، وهو طريق رئيسي لسوريا، ويربط بين جنوب وشمال البلاد، تحت التهديد المستمر بعرقلة من قبل المسلحين”.
ومن هذه التطورات على الأرض أشار دوفورنيكوف إلى أنه اضطر في الأشهر الخمسة الأولى من التدخل العسكري لبلاده في سورية إلى “تغيير الوضع بشكل جذري”.
وفي الوقت الذي “ركّز فيه على العمل المكثف للطيران الحربي والقوات على الأرض”، اتجه الجنرال الروسي لخطة تمثلت بتزويد قوات الأسد بأسلحة ومعدات عسكرية حديثة، وأنظمة مدفعية ووسائل اتصال واستطلاع.
وأضاف أنه أول من “ولّد في المجتمع السوري حركة تطوعية”، بقوله: “في ذلك الوقت تشكّلت كتائب وألوية متطوعة. حتى الآن، هناك عدة آلاف من الأشخاص يقاتلون بالفعل ضد المسلحين في سورية”.
كما كان أول من أسس لمركز المصالحة في قاعدة حميميم بريف اللاذقية، والتي استهدفت عموم المحافظات السورية.
وكانت روسيا قد اتجهت في الفترات الأولى من تدخلها في سورية إلى تشكيل ما يعرف بـ”الفيلق الخامس”، وهو قوات سورية يقودها الضابط في قوات الأسد، سهيل الحسن، وتتلقى تدريبات ودعم من جانب موسكو.
وما يزال هذا “الفيلق” قائماً ومكتمل الأركان حتى الآن، بينما ترددت معلومات عن استعداد مقاتلين فيه للانضمام إلى الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
“البوصلة تتغير”
لم تأخذ الخطوات التي اتخذها الجنرال الروسي في سورية عام 2015 وقتاً طويلاً، بل انحصرت ضمن مسار امتد لتسعة أشهر، وهي الفترة التي بقي فيها دوفورنيكوف في البلاد، بعدما غيّر البوصلة العسكرية بشكل كامل.
وقال لصحيفة “روسيسكايا غازيتا”: “تغير الوضع على الجبهات بشكل كبير بعد ذلك. ولعبت مفارز المتطوعين دوراً خاصاً في تنفيذ عمليات هجومية نشطة”.
وأضاف أنه “يعتبر أن نتيجة العملية العسكرية مهمة للغاية”، لجهة “رفع الروح المعنوية للشعب السوري بشكل عام، والقوات الحكومية بشكل خاص”.
ورأى أن “تصرفات الجيش الروسي في سوريا لم تثر آذان السياسيين الغربيين فحسب، بل أجهزتهم الخاصة أيضاً. لقد اعتبروا نقل مجموعتنا الجوية في مطار حميميم بمثابة صاعقة من اللون الأزرق”.
“وسام بعد المغادرة”
في سورية كان دوفورنيكوف يشغل منصب النائب الأول لقائد المنطقة العسكرية الوسطى.
وبعدما خرج منها في الأشهر الأولى من 2016 تولى منصب قائد المنطقة العسكرية الجنوبية.
وفي مارس / آذار 2016 كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين قد منحه لقب “بطل روسيا”، في خطوة وصفت بـ”المكافأة” على ما أنجزه في بدايات التدخل العسكري في سورية.
ودفورنيكوف، هو أحد قيادات موسكو التي فرض عليها قبل الاتحاد الأوروبي عقوبات عام 2019 لدوره في اعتراض 3 سفن بحرية أوكرانية بمضيق كيرتش عام 2018.