موجة ارتفاع الأسعار تضرب أوروبا..كيف تعامل السوريين معها؟
تشهد أسواق الدول الأوروبية ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، خاصة الغذائية منها، متزامنة مع تسجيل أسعار المواد الغذائية العالمية، مستوى قياسياً في فبراير/ شباط 2022، وفق ما ذكره تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بداية الشهر الجاري.
وبين التقرير، أن الأسعار قفزت الشهر الماضي بنسبة 20.7 % عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام السابق، بقياس نسبة الارتفاع على أساس سنوي، وفي مقدمتها منتجات الزيوت النباتية ومنتجات الألبان.
وأظهرت إحصائيات مكتب “يوروستات” التابع للمفوضية الأوروبية، أن 35 مليون مواطن أوروبي لم يعودوا قادرين على دفع فاتورة التدفئة في منازلهم، وبات عليهم الاختيار بين شراء الأكل أو دفع فاتورة الغاز، حيث تظهر الأرقام ذاتها أن ربع سكان بلغاريا غير قادرين على توفير التدفئة لمنازلهم.
وضربت موجة غلاء الأسعار الدول الغنية بشكل كبير، خاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، حيث سُجلت في ألمانيا التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين في أوروبا زيادة كبيرة في الأسعار، لتصبح أكثر تكلفة رغم زيادات الأجور في قطاعات عدة، مع توقعات باستمرار الارتفاع بشكل كبير خلال الأشهر القادمة.
وفي هذا الإطار، سلطت العديد من الصفحات المهتمة بشؤون اللاجئين في أوروبا، على قضية ارتفاع الأسعار، ونقص المواد الغذائية، ومنها من أشار إلى اتباع عدد من المحلات التجارية في برلين، إجراءات تسمح فيها ببيع علبة زيت واحدة لكل مستهلك.
وفيما يتضرر كافة السكان في هذه الدول من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ماذا عن اللاجئين السوريين المتواجدين في أوروبا، وكيف ينعكس الوضع الجديد على حياتهم المعيشية، وكيف يواجهون موجة ارتفاع الأسعار؟.
مواجهة.. بذات الأساليب
يقول الصحفي السوري أحمد يساوي المقيم في ألمانيا، إن الغلاء بشكل عام يتركز في الوقود وبعض المواد الغذائية، خاصة التي ترتبط مصادرها بأوكرانيا وروسيا مثل الزيت والطحين.
وحول رد فعل السوريين في هذا المجال، يضيف يساوي: “سار أغلبهم على ذات الأساليب المتبعة داخل بلاده، سواء في فترة ما قبل الحرب أو خلالها، من خلال شراء المزيد من المواد وتخزينها، وليس كما فعله الألمان، عبر البحث عن بدائل للمواد التي شملها ارتفاع الأسعار، مثل استخدام الزبدة المخصصة للطهي بديلاً عن الزيت”.
ونوه إلى أن المتاجر التركية التي يعتمد عليها السوري بشكل كبير في شراء حاجاته الغذائية، استغلت موجة الارتفاع وزادت أسعارها بشكل كبير .
وضرب يساوي مثالاً على ذلك بعلية الزيت، التي كان ثمنها قبل اندلاع الحرب الأوكرانية 99 سنتاً (واحد يورو تقريياً) في المحال التجارية الألمانية، و1.5 يورو في المحال التركية، لترتفع في الأيام الأولى للحرب إلى يورو و20 سنتاً ومن ثم يورو و79 سنتاً داخل المحال الألمانية، يقابلها في التركية سعر 2 يورو بداية، وصولاً إلى 3.4 يورو حالياً.
ويبلغ عدد السوريين في ألمانيا نحو 800 ألف، أغلبهم وصل بعد 2011، وتحديداً بين عامي 2015 و2016، في ذروة موجة اللجوء حينها.
التقنين وسيلة للحل
محمد العمر من اللاجئين السوريين المقيمين في هولندا مع أسرته، أكد ارتفاع الأسعار مؤخراً، خاصة الكهرباء بنسبة تقارب الـ86 في المئة، والغاز كذلك بنسبة أكبر، إضافة إلى البنزين والمازوت.
وحول ارتفاع المواد الغذائية داخل هولندا التي يقيم فيها نحو 45 ألف سوري، أشار العمر في حديثه لـ”السورية نت”، إلى أن الارتفاعات كانت متفاوتة، لكن وسطياً لا تقل عن 50%، مبيناً على أن علاج السوريين للموضوع، تمركز حول ذات “تخزين” المواد التي ترتفع أسعارها أو قد تُفقد من الأسواق.
ومقارنة بما يجري في غيرها من الدول الغربية، يقول العمر بأن الأمر في هولندا أقل وطأة مما هو عليه الحال في ألمانيا كما يذكر أقاربه المقيمين هناك، مؤكداً أن “التقنين”، كان الأسلوب الأمثل له وللعديد من السوريين في هولندا.
ويضيف حول كيفية التقنين، بأن أبرزها شراء المواد الغذائية الضرورية وبكميات محدودة، ناهيك عن التقنين في استعمال الكهرباء والغاز، مشيراً إلى أن من العرب والسوريين من عمد إلى تبديل وسائل التدفئة مثلاُ بوسائل تدفئة اقتصادية وأقل كلفة.
ما بين التوفير والتقنين
عمر المقيم في فرنسا منذ نحو 3 سنوات، يؤكد بدوره لـ”السورية نت” وجود ارتفاع عام للأسعار، لكنه أشار إلى أن المحروقات تبقى الأكثر وضوحاً.
وحول انعكاسات ذلك على السوريين في فرنسا، يرى بأن التأقلم يجبرهم على محاولة تأمين المتطلبات الحياتية الأساسية والتغاضي عن الكماليات او التقليل منها قدر الإمكان.
وشدد في هذا الإطار، على أن ارتفاع المحروقات تبقى من أكبر المشكلات: “نحاول تقليل مصاريفها مثل عدم استخدام الآليات الخاصة إلا للضرورة، والاعتماد بالتالي على النقل العام”.
يشار إلى أن رئيس برنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيسلي، حذر في وقت سابق من أن الغزو الروسي لأوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم.
وتعد أوكرانيا وروسيا مصدرين رئيسيين للمواد الغذائية الأساسية، وتعرفان بـ”سلة خبز أوروبا” وقد أثرت الحرب بالفعل في إنتاج المحاصيل، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
وتصدر روسيا وأوكرانيا نحو ربع إنتاج القمح العالمي، ونصف منتجات دوار الشمس، مثل البذور والزيت.