“نعمان قريش”.. مزارع من إدلب ينجح في تجربة زراعة الموز (صور)
تحت عريشة خضراء، يتأمّل نعمان قريش نموّ أشجار عالية تغطي نور الشمس، وبينما يبحث عن ثغرة هنا أو هناك حتى يملأ نهاره في معالجتها يقول: “لا يمكن إلا أن أتصبّح إلا على هذا المشهد، مع كأسٍ من القهوة”.
ما استجدّ على هذا المشهد الصباحي المتكرر لدى نعمان أنّ عناقيد الموز الخضراء تدلّت من الأشجار التي تأخذ معظم وقته وجهده، وهو يستقبل فصل الخريف بأمل معقود بنجاح موسمه الزراعي.
وعلى سُلّم حديدي يركّز “نعمان” على تفحّص قرون الموز خلال مرحلتهم الأخيرة (التخمير)، ولا يعكّر هدوء هذه اللحظات، إلا جريان الماء المستخدم في سقاية الأشجار وباقي الأصناف الزراعية.
وقد نجح المزارع (51 عاماً) في تجربته الزراعية الأولى من نوعها في محافظة إدلب لإنتاج ثمار الموز، من داخل مزرعته القريبة من نهر العاصي، والذي يشقّ مدينته دركوش الواقعة غرباً.
بدأ شغف “نعمان” في إنتاج المحاصيل الزراعية النوعيّة، منذ صغره، إذ ورث أرضاً من عائلته تحوي اليوم كماً متنوعاً من الشجريات المثمرة، أبرزها الرمّان والحمضيات والمشمش.
ومع تقدّمه في السنّ، يجد أهمية في تطويع هذه الخبرة، لتنشيط زراعات بعيدة عن هذه المنطقة، مثل “الموز”، حسب ما يتحدث لـ”السورية.نت”.
ويقول: “زراعتي تستهدف في الدرجة الأولى إلى تنويع المحاصيل الزراعية لدي، خلافاً على ما ورثته من أجدادي من التركيز على نوع واحد من الزراعات. لذلك فكّرت في زراعة أشجار الموز”.
ويضيف أن “التقلبات المناخية التي يشهدها العالم ساهمت في نهاية مواسم زراعية معينة في بعض المناطق، وإحياء زراعات جديدة فيها، مبيناً أنه “استفاد من ارتفاع درجات الحرارة في مدينته دركوش، في زراعة أشجار الموز، التي باتت تشهد نجاحاً وتقدماً ملحوظاً مؤخراً”.
ويعتبر المزارع أنّ مشروعه “ما زال بدائياً ومحدوداً”. ومع ذلك “يمكن أن أقول إن التجربة المتواضعة نجحت، مستفيدةً من وفرة المياه الجوفية، ومستوى الأرض المنخفض والتربة الخصبة”.
“مراحل زراعة الموز”
وتمرّ زراعة الموز بمراحل عديدة يشرحها نعمان، إذ “تبدأ من تشكيل الغراس في أكياس معدّة للزراعة، ومجهّزة بالتراب والأسمدة العضوية”.
وبعد اكتمال نضوج الغرسة بـ 5 أو 6 أوراق، تزرع في الأرض المعدّة لها، بعمق 60 سنتيمتراً.
ويوضح: “هذه المرحلة تبدأ في أبريل/نيسان، حيث لا تحتاج لحرارة عالية، وبعدها يداوم المزارع على الري الدائم والمنظّم، وبكميات غزيرة، بالإضافة إلى أسمدة البوتاس والأسمدة المركبة وبعض المبيدات للوقاية من الأمراض”.
ويتابع المزراع: “بعد مرحلة الغرس تحتاج إلى مراقبة حثيثة إلى أن تصبح الغرس أشجاراً كبيرة وناضجة”.
ويردف: “في المراحل الأخيرة، وبعد نموّ عناقيد الموز، ينزع المزارع الأعضاء المذكّرة من العناقيد، وبعدها تبدأ مرحلة التخمير في أكياس شفّافة، وهي المرحلة الأخيرة لنضوج الموز”.
ويتحدث نعمان عن عدة معوّقات تعترضه كمزارع بشكل عام، بقوله: “نعاني من ارتفاع كبير في أسعار المحروقات التي تشغّل آبار المياه للسقاية، وكذلك ارتفاع أسعار المبيدات والأدوية الزراعية، والأسمدة العضوية”.
ويطمح نعمان، وهو يحرث محيط أشجاره التي تغطّي واجهة حديقته المنزلية، أن “يتحول هذا المشروع إلى زراعة محليّة ناجحة، ولا تتوقف عند فكرة كونها تجربة عابرة، بهدف تأمين هذه الثمار للأسواق المحليّة بأسعار رخيصة”.
ويضيف: “كيلو غرام الموز اليوم بـ 20 ليرة تركية، كثير من العائلات الفقيرة ليس بإمكانها تأمينه. أطمح أن تشيع هذه الزراعة وتنجح حتى ينخفض سعر كيلو الموز لـ 5 ليرات فقط… لكي يأكل كل فقير”.
“عناقيد الموز التي توفّرها أشجاري لا أتردد في توزيعها على الأقارب والجيران والضيوف، ولا أفكّر أبداً في بيعها. أتمنى أن يكثر الإنتاج، حتى أجول مخيّمات النازحين وأوزّعها هناك”.
ويزاد نعمان: “أوزّع على الدوام غراس الموز على المزارعين حتى أعمم الفكرة والتجربة، وهذا يصبّ في رغبتي في نجاح هذه التجربة الزراعية وتوسيعها”.