“نَفس” في إدلب.. حملة لدعم القطاع الصحي و”كلمة سيء غير كافية”
أطلقت عدة فرق تطوعية ومنظمات إنسانية حملة تحت عنوان “نَفَس”، لدعم القطاع الصحي بمناطق شمالي غربي سورية في مواجهة تفشي فيروس “كورونا”.
وتزايدت أعداد الوفيات، إثر الإصابة بالفيروس خلال الأسابيع الماضية، بسبب تراجع إمكانيات المشافي ومراكز العزل المخصصة بـ(كوفيد ـ 19)، وتحدثت جهات طبية عن نقص في الأوكسجين، وأسرة العناية المركزة.
وانطلقت الحملة التي يشارك فيها فريق “ملهم التطوعي” ومنظمة “بنفسج” وفريق “حرية”، خلال الساعات القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتهدف بحسب القائمين عليها إلى جمع تبرّعات لدعم القطاع الصحي بمادة “الأوكسجين”، في وقتٍ يوشك فيه القطاع الصحي على الانهيار، في ظل الضغط الشديد عليه ومحدودية تجهيزاته المادية والتقنية.
وتحدّث بيان الحملة، الذي نشر اليوم السبت عن “كارثة حقيقية” تعيشها مناطق شمالي غربي سورية مع الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، وانتشار متحورات جديدة أشد خطورة من الفيروس الأصلي، وخاصةً متحور “دلتا” الذي يتميز بسرعة انتشاره وإصابته لجميع الفئات العمرية.
غياب الشواغر
محمود البكور منظّم وإداري في الحملة، يقول لـ”السورية.نت” إنّ اتجهوا لإطلاق الحملة في الوقت الذي يعاني فيه القطاع الطبي من “عجز تام”، بعد إشغال جميع أسرّة العناية المشددة في المشافي، وأسرّة مراكز العزل، فضلاً عن الأزمة الإنسانية التي تعيشها المنطقة، منذ سنوات.
وتقول إحصاءات الحملة، إنّ حوالي 30 مصاباً بـ”كورونا” فقدوا حياتهم خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بسبب عدم توفّر شواغر في المشافي، وغرف العناية المشددة.
وتتوفر في مشافي شمالي غربي سورية حوالي 173 سرير عناية مشددة و57 منفسة، وهي أرقام غير قادرة على استيعاب عدّاد الإصابات اليومي البالغ حوالي 1200 إصابة.
وفي السياق يوضح “أبو الوليد” منسّق عمليات إسعاف في إدلب أنّ رحلة البحث عن شاغر في مشافي العزل تستمر حتى 8 ساعات، وأحياناً لا يتوفر ذلك، في ظل حملة ضغط كبيرة على المراكز الطبية والمشافي تحديداً.
ويضيف لـ”السورية.نت”: “بعض الحالات (كنت على تواصل مباشر معهم) كان مصيرها الوفاة بعد يأس ذويها من الحصول على سرير عناية مركزة، أو إمكانية معالجتها في المشافي المخصصة لكورونا”.
ويوضح أنّ “انتظار المرضى على الدّور يؤدي إلى تدهور حالة المريض ووفاته في كثير من الأحيان”، وهي حالة منتشرة بشكل واسع.
عجز في الأوكسجين
من جهته يؤكد البكور أنّ نسبة العجز في الأوكسجين المستخدم في علاج مرضى كورونا وصلت إلى 50 %.
ويشير إلى أن “احتياجات المنطقة يومياً تصل إلى 2156 جرّة أوكسجين سعة 40 لتراً، في حين أنّ الكمية المتوفرة لدى الجهات الصحية لا تتجاوز الـ 1078 جرّة فقط”.
وتعمل الحملة، وفقاً للقائمين عليها على تأمين تكلفة 1000 جرة أوكسجين، من خلال جمع التبرّعات.
حملة استجابة طارئة
أتاح كل من “فريق ملهم التطوعي” ومنظمة “بنفسج” مواقع الكترونية من أجل جمع التبرعات من مختلف دول العالم، في حملة تطوعية اعتبرها “البكور” استجابة طارئة بسبب تدهور الواقع الطبي في المنطقة.
وأكد البيان الصادر عن الحملة أنها “تأتي في إطار الاستجابة الطارئة، لكنها ليست حلاً جذرياً طول الأمد، نظراً لما يعانيه القطاع الطبي من صعوبات.
وجاء في البيان أن “كلمة سيء لم تعد كافية لوصف الوضع الصحي المتدهور في الداخل السوري”.
ووصلت أعداد وفيات “كورونا” في الشمال السوري خلال الأيام القليلة الماضية إلى أرقام قياسية، بحسب ما وثقت جهات صحية وإنسانية.
وقال “الدفاع المدني السوري” إن فرقه نقلت 27 حالة وفاة بـ”كورونا”، الخميس 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، وهو أعلى معدّل وفيات خلال الموجة الحالية.
كما يتراوح معدل الإصابات اليومية في المنطقة من 1000 إلى 1300 إصابة، وسط تحذيرات من ارتفاع أعداد الإصابات بمعدّلات أعلى.
وكانت “حكومة الإنقاذ السورية” قد أعلنت في 21 من الشهر الماضي عن حزمة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي “كورونا” بشكل متسارع.
ونصّ التعميم الصادر عنها على إغلاق كل المعاهد والمدارس العامة والخاصة ورياض الأطفال، إلى جانب الأماكن العامة من “مسابح وصالات الألعاب والأفراح والصالات الرياضية والبازارات ومدن وملاهي الألعاب”.
وألزمت “الحكومة” التي تمسك بإدارة محافظة إدلب المطاعم بتقديم الوجبات الخارجية فقط، وتطعيم العاملين بلقاح “كورونا”، مع الالتزام بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي.
وكانت حوالي 19 منظمة طبية وإنسانية أصدرت في وقت سابق بياناً تحدثت فيه عن “انهيار وشيك” للقطاع الصحي في المنطقة، بعد أن وصلت جائحة (كوفيد ـ 19) إلى ذروتها.
وقال البيان، إنّ “الموجة الحالية للوباء قد وصلت إلى حد خطير غير مسبوق، إذ تشير آخر التقارير الوبائية الصادرة حول المنطقة أن الجائحة وصلت إلى تصنيف “جائحة غير مسيطر عليها مع قدرة محدودة للنظام الصحي على الاستجابة”.
وبلغ إجمالي عدد جرعات لقاح الفيروس المستخدمة في تطعيم السكّان حوالي 70 ألفاً و593 جرعة حتى تاريخ 19 سبتمبر/أيلول الجاري، وهي أعداد “خجولة”، وفقاً لتقديرات الجهات الصحيّة.