ما زالت أصداء الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، تتردد في أروقة السياسة الدولية، وعلى لسان المسؤولين الإيرانيين، الذين هددوا بالرد على مقتل القادة في فيلق القدس.
ويأتي ذلك وسط تحليلات حول إمكانية تأثير الضربة على التواجد الإيراني في المنطقة، إلى جانب خيارات طهران للرد على إسرائيل، في ظل تصاعد التهديدات من قبل المسؤولين الإيرانيين.
وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي: “سنجعلهم يندمون على هذه الجريمة والجرائم المماثلة”.
وكانت إسرائيل شنت ضربة جوية على مبنى ملاصق للسفارة الإيرانية في حي المزة بدمشق، الاثنين الماضي، ما أدى إلى دمار المبنى بالكامل.
وأدى القصف إلى مقتل العميد محمد رضا زاهدي قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني لسورية ولبنان.
صحيفة “نيويورك تايمز” اعتبرت في مقال لها، أمس الثلاثاء، أن مقتل زاهدي “كانت بمثابة ضربة كبيرة للعمليات العسكرية الإيرانية في الشرق الأوسط”.
ونقلت عن أحد أعضاء الحرس الثوري قوله إن “القيادة الإيرانية كانت في حالة صدمة بسبب اغتياله، واعتبرت أن الانتقام لمقتله هو واجبها الأخلاقي”.
ووصفت الصحيفة الضربة بأنه “قاتلة” وتمثل تحدياً جديداً لإيران.
وحسب محللين للصحيفة فإن “إيران سوف تتعرض لضربة تكتيكية قصيرة المدى حتى تتمكن من إعادة تجميع صفوفها”.
ويقول محللون إنه “اعتماداً على مدى السرعة التي يمكن بها لإيران نشر بديل مماثل للجنرال زاهدي، فإن قواتها ووكلائها قد تكون عرضة للخطر”.
وزاهدي كان القائد الأعلى لـ”فيلق القدس” في المنطقة، والمسؤول عن شبكة الميليشيات التابعة لإيران، وخاصة تلك الموجودة في لبنان وسورية.
وحسب المسؤولة السابقة عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون، والتي تعمل الآن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، دانا سترول، فإن مقتل زاهدي هو “النسخة الإسرائيلية من الضربة الأمريكية على قاسم سليماني”.
وقالت إن “القضاء على الأفراد المسؤولين عن العمليات السرية لإيران في الخارج، يعتبر ضربة كبيرة لشبكة وكلاء إيران”.
من جانبه، أكد سينا آزودي، الخبير في الشؤون العسكرية الإيرانية والمحاضر في جامعة جورج واشنطن للصحيفة، أن “غياب القادة الإيرانيين سيكون محسوساً على المدى القصير”.
لكن “من وجهة نظر استراتيجية، لن يؤثر ذلك على عمليات إيران في المنطقة أو يقلل بشكل كبير من نفوذها”.
كيف سترد طهران؟
تتجه الأنظار حالياً نحو طبيعة رد إيران على مقتل قادتها في سورية، في ظل تهديدات لا تتوقف من قبل المسؤولين الإيرانيين.
صحيفة “نيويورك تايمز” وضعت احتمالين لرد طهران، الأول إطلاق صواريخ باليستية طويلة المدى على إسرائيل مباشرة من أراضيها، كما فعلت في قاعدة عسكرية أمريكية في العراق رداً على مقتل الجنرال سليماني عام 2020.
لكن ذلك قد يؤدي إلى بدء حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، قد تجر واشنطن، وهو السيناريو الذي تجنبته إيران إلى حد كبير.
إيران “تحت الضغط” والشرق الأوسط “على حافة الهاوية” بعد قصف دمشق
أما الخيار الآخر يمكن لطهران الرد من خلال وكلائها وخاصة “حزب الله” في لبنان، ما يؤدي إلى تصعيد الهجمات على حدود لبنان.
إضافة إلى أمر وكلائها في سورية والعراق بشن هجمات على القواعد الأمريكية للضغط على إدارة جو بايدن لكبح جماح إسرائيل، وفق الصحيفة.
وفي المقابل، قلل محللون في حديثهم لشبكة “BBC” البريطانية من خطر الرد الإيراني، وقالوا إن “خياراتها الانتقامية محدودة من حيث الحجم والعدد”.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، فواز جرجس، إن “طهران لن تنتقم بشكل مباشر من إسرائيل، حتى لو أذلت إسرائيل إيران حقاً وجعلت أنفها ينزف”.
ويضيف: “إيران ستبدي على الأرجح صبراً استراتيجياً لأنها ستعطي الأولوية لهدف أكثر أهمية: وهو بناء أسلحة نووية”.
بدوره، اعتبر الخبير والكاتب في شؤون الشرق الأوسط علي صدر زاده، أن إيران “ستقدم رد فعل رمزي بدلاً من المخاطرة بحرب مع إسرائيل”.
وتوقع أن يقوم الحوثيون في اليمن بمواصلة هجماتهم على السفن الأمريكية والمرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.
أما مدير السياسة السيبرانية الإسرائيلية، تل بافيل، توقع أن ترد إيران في الفضاء الإلكتروني، وتشن هجمات إلكترونية على تكنولوجيا المعلومات لشل المعلومات أو سرقتها أو تسريبها.