هل وافق نظام الأسد على ضربة “الرمثان” بالقرب من الأردن؟
ما تزال الضربة الجوية التي قتلت مرعي رويشد الرمثان المتهم بتجارة المخدرات، في مايو/ أيار الماضي بعيدة عن دائرة التأكيد الرسمي، رغم التقارير التي أشارت إلى ضلوع الأردن في الحادثة.
ويتهم الرمثان بإدارة مجموعة تهريب مخدرات وحبوب “الكبتاغون” في جنوب سورية، ولطالما وصفته وسائل إعلام أردنية بأنه “الشخصية الأبرز النشطة في التجارة” بالقرب من الحدود.
وكان قد قتل إلى جانب 7 مدنيين إثر ضربة جوية نسبت للأردن، مطلع الشهر الماضي، واستهدفت منزله الواقع في أقصى جنوب شرق محافظة السويداء.
ولم يعلّق النظام السوري على هذه الضربة حتى الآن، ولم يتبناها الأردن، في وقت أكد وزير الخارجية، أيمن الصفدي سابقاً على مواصلة حرب بلاده ضد تجار المخدرات على حدود البلاد الشمالية.
من وراء الضربة؟
وكان لافتاً أن “ضربة الرمثان” جاءت في أعقاب وصول حالة التطبيع بين الأسد والأردن والدول العربية إلى أعلى مستوياتها.
كما جاءت في أعقاب اجتماع “عمّان التشاوري”، الذي حضره وزير خارجية الأسد، فيصل المقداد مع نظرائه في 4 عواصم عربية، على رأسها الرياض.
ويعتبر “هجوم الثامن من مايو” (ضربة الرمثان) بالقرب من الحدود مع الأردن أول استخدام للقوة الجوية ضد لاعب في تجارة المخدرات، التي تقدر بمليارات الدولارات سنوياً، ومسرحها جنوب سورية.
وقال دبلوماسي غربي في عمان لصحيفة “ذا ناشيونال“، اليوم السبت: “يبدو أن النظام وافق” على الضربة الجوية، لافتاً إلى عدم ورود أي تقارير عنها في وسائل الإعلام الرسمية السورية.
وأكد الدبلوماسي عدم وجود تفاصيل عملية لإصدار حكم نهائي حول هذه القضية.
وتساعد هذه الرواية الأسد على إبراز نفسه كشريك في حرب مخدرات متصاعدة على الحدود السورية الأردنية، وإبعاد نفسه عن إيران، وفق الصحيفة.
واتهم الأردن قوات الأسد وميليشيات موالية لإيران بتأجيج تجارة المخدرات.
وازدهرت هذه التجارة غير المشروعة في عام 2018، أي في أعقاب استعادة قوات الأسد السيطرة على معظم الجزء الجنوبي من سورية.
وقلل مسؤول أردني من شأن الإيحاءات بوجود تنسيق مع النظام السوري بشأن الضربة الجوية.
وقال: “يمكن للطائرات المقاتلة إطلاق النار على أهداف من مسافات طويلة إلى حد ما”، في إشارة إلى أن الغارة ربما تكون قد نفذت دون دخول الطائرة إلى الأجواء السورية.
“مرعي الرمثان، كان شخصية محلية عملت كحلقة وصل بين مصنعي المخدرات في سورية ولبنان وسوق التصدير”، بحسب الصحفي السوري ريان معروف.
وأوضح معروف أن “الرمثان لم يكن منتجاً، ولم يكن عضواً مهماً في وحدات الجيش أو الميليشيات المرتبطة بالعصابات”.
وعلى مدى الأسابيع العديدة الماضية، دفع الخوف من المزيد من الضربات الجوية بعض أقران الرمثان إلى إخلاء المناطق الحدودية مع الأردن إلى الداخل.
وفي طريقهم، عبروا بحرية حواجز الجيش والمخابرات السورية، كما يشير معروف.
ويتابع: “اهتزت الثقة بينهم وبين النظام”، وأنه “في يوم من الأيام يمكن للنظام أن يضحي بهم، لكنه يواصل توفير الغطاء لهم”.
“عطلة مهربين”
ويعتبر ريان معروف أن قياس ما إذا كانت الضربة الجوية قد حدّت من تدفق المخدرات أمر صعب لأن الهجوم تزامن مع الصيف.
وعندما يكون الطقس صافياً في الغالب يجعل من السهل على حرس الحدود الأردنيين اكتشاف التهريب.
وأضاف الصحفي السوري” “الصيف هو عطلة سنوية للمهربين. سيعودون في الخريف، وربما سيغيرون طرق التهريب ويتخذون المزيد من الاحتياطات”.
وتُظهر إحداثيات الضربة على Google Earth الخطوط العريضة لمبنى يقال إن الرمثان كان يعيش فيه في قرية الشعاب، على بعد 20 كيلومتراً شمال الحدود مع الأردن.
وهذه القرية جزء من الصحراء السوداء، وهي هضبة بركانية احتوت تاريخياً على طرق التهريب الرئيسية.
وقال المحلل الأمني الأردني، سعود شرفات إنه حتى لو تعاونت دمشق مع الأردن في الضربة الجوية، فإن المملكة لا تزال غير راضية عن عدم وجود “التزام واضح وصريح” من الأسد لوقف تدفق المخدرات.
لكنه أضاف أن عمان قبلت بحملة تقودها السعودية لإعادة تأهيل النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، كما تريد إيران، و”دون ضمان مثل هذا الالتزام”.
وعلى عكس الدول العربية الأخرى التي تعمل على تحسين العلاقات مع الأسد، يعتمد الأردن على المساعدة من الولايات المتحدة، التي عارضت التقارب العربي مع الأسد.
كما دفعت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات لتعزيز دفاعات الأردن مع سورية، ولديها قوات بالقرب من حدودها الجنوبية الشرقية مع الأردن، مما قد يمنح واشنطن نفوذاً على السياسات الأردنية تجاه الأسد.
وقال مسؤول عسكري غربي، كان في عمان مؤخراً، لصحيفة “ذا ناشيونال”: “بغض النظر عن تطور العلاقات بين سورية والسعودية وغيرها، سيستمر الأردن في إرسال رسائل إلى النظام السوري بضرورة وقف التهريب، أو إيقاف مجموعات معينة. على الأرض سيتم مهاجمتهم”.