توفيت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، مادلين أولبرايت، أمس الأربعاء، عن عمر يناهز 84 عاماً، عد معاناة مع مرض السرطان، وفق بيان لعائلتها.
ووصفت العائلة في بيان لها أولبرايت بأنها “والدة وجدة وأخت وصديقة محبة، ومدافعة بلا كلل عن الديموقراطية وحقوق الإنسان”.
واعتبر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن “قوة” أولبرايت “غيرت مجرى التاريخ”، وأنها كانت “الأكثر التزاماً في أمريكا بالدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان”.
وتعتبر أولبرايت أول امرأة أمريكية تتولى حقيبة الخارجية الأمريكية، وذلك في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، بين عامل 1997 و2001.
ولدت ماريا جانا كوربيلوفا، وهو اسمها قبل أن تحمل الجنسية الأميركية، في العاصمة براغ عام 1937، وفرت عائلتها بعد عامين إلى لندن بعد الغزو الألماني، كون والدها موظف دبلوماسي ويعمل موظفاً في الحكومة التشيكية في براغ.
وبعد الحرب العالمية الثانية عادت أولبرايت مع عائلتها إلى بلدها، وتولى والدها منصب مندوب الأمم المتحدة للتوسط في الصراع بين باكستان والهند حول كشمير.
وبعد سيطرة على السلطة في تشيكوسلوفاكيا، حصل والد أولبرايت على لجوء سياسي في الولايات المتحدة الأمريكية.
درست أولبرايت العلوم السياسية في جامعة “ويليسلي النسائية الخاصة”، في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، وحصلت على درجة الماجستير من معهد هاريمان في كولومبيا عام 1968، قبل أن تحصل على شهادة الدكتوراة في القانون العام والحكم عام 1976.
بدأت حياتها السياسية عندما أسند زبيغنيو بريجنسكي، الذي كان مستشاراً للأمن القومي خلال رئاسة جيمي كارتر بين عامي (1977-1981)، وظيفة الاتصال بمجلس الشيوخ.
ومع وصول بيل كلينتون إلى البيت الأبيض عام 1993، عينت أولبرايت سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وبقيت في المنصب أربع سنوات، قبل أن يعينها كلينتون في ولايته الثانية عام 1997 وزيرة للخارجية.
أولبرايت والأسدين
تعتبر الفترة التي تولت فيها أولبرايت وزارة الخارجية مفصلية في سورية، لأمرين؛ الأول بسبب المفاوضات مع إسرائيل، التي رعتها بنفسها، وإثر ذلك زارت سورية بعد توليها المنصب في 1997، والتقت رئيس النظام السابق، حافظ الأسد.
أما الأمر المفصلي الثاني، هو وفاة حافظ الأسد في عام 2000 وتولي ابنه بشار الأسد، الذي أعطت أولبرايت الموافقة الأمريكية على توليه المنصب بعد والده قبل “الاستفتاء الشعبي”، وذلك وفق تصريحاتها.
وفي ردها على سؤال حول التناقض بين سياسة واشنطن بشأن حقوق الإنسان في سورية وبين المشاركة في الجنازة بوفد رفيع المستوى، قالت “أعتقد أنه من المناسب تماماً أن نقدم احترامنا لشخصية تاريخية، وأن نعرب عن تعازينا لشعب سورية، لا شك في أننا بحاجة إلى العمل مع القيادة السورية من أجل تحقيق سلام شامل”.
وأضافت أولبرايت أن “الرئيس كلينتون يحترم حافظ الأسد رغم الاختلاف بينهما في عدد من القضايا، ولقد تفاوضت معه في عدد من الاجتماعات، وأعتقد أنه من المناسب للولايات المتحدة أن تمثلها وزيرة الخارجية في هذا الشأن”.
وحول الأسد الأبن أكدت أولبرايت في المؤتمر الصحفي “أنه من المهم أن يتولى الدكتور بشار الأسد زمام الأمور، وأن تتم متابعة العملية الانتقالية”.
واعتبرت أن “خلافة بشار لوالده تسير فيما يبدو بشكل سلس، ونرجو أن يستمر في ذلك الاتجاه، من المهم أن يكون الأمر سلمياً”.
وبعد وصول أولبرايت إلى سورية ومشاركتها في جنازة حافظ الأسد، التقت بابنه بشار الأسد، في غرفة مجاورة لمكان التعزية، واستمر اللقاء نحو ربع ساعة.
وعقب اللقاء صرحت أولبرايت بأن سورية تملك “نظاماً يعمل على ما يبدو بطريقة سلمية ومنظمة”.
وأضافت “لمست بوادر مشجعة جداً إزاء رغبته (بشار الأسد) في اتباع نهج والده، الذي اتخذ قراراً استراتيجياً لصالح السلام في المنطقة (…) يبدو أن بشار يتمتع بتصميم كبير على ما يبدو ومستعد لإتمام واجبه”.
وبعد اندلاع الثورة السورية انتقدت أولبرايت السياسية الأمريكية في سورية، وخاصة في عهد الرئيس باراك أوباما، وعدم وجود خطة عمل.
وقالت أولبرايت، في مقابلة تلفزيونية سنة 2018، “وضع باراك أوباما خطاً أحمر (بشأن الأسلحة الكيماوية) وتمنيت شخصياً أن نكون قد اتبعنا ذلك”.
كما انتقدت الرئيس دونالد ترامب بعد قرار سحبه القوات الأمريكية من شمال شرق سورية، وقالت إن “إعلان الرئيس ترامب عن استعداده لسحب القوات الأمريكية من سورية، شجع الرئيس السوري بشار الأسد على شن هجوم جديد بالأسلحة الكيماوية على شعبه”.